بنك معلومات عن الطلبة اليهود الأميركيين لاستمالتهم لصالح إسرائيل

بنك معلومات عن الطلبة الأميركيين من أصول يهودية لاستمالتهم لصالح إسرائيل

17 أكتوبر 2017
أثارت الخطة استياء الجامعيين الأميركيين (بيلجين سسماز/الأناضول)
+ الخط -

في سياق محاولات حكومة الاحتلال الإسرائيلي مواجهة النشاط المناهض لها في الجامعات الأميركية، بعد أن أقر أكثر من مسؤول إسرائيلي بخطورة هذا النشاط، ولا سيما في ظل تصاعد معطيات عن انخراط طلبة أميركيين من أصول يهودية في هذه النشاطات، سعت الحكومة الإسرائيلية أخيراً إلى محاولة بناء بنك معلومات كامل عن كافة الطلبة الأميركيين من أصول يهودية، بما في ذلك محاولة رسم "بروفايل" لكل طالب وتشخيص مواقفه السياسية ومدى اقترابه من المواقف الصهيونية، واستعداده للانخراط في حملات مواجهة النشاطات المدافعة عن الحقوق الفلسطينية والرافضة لسياسات الاحتلال و"الأبرتهايد".

وكشفت صحيفة "هآرتس"، أمس الإثنين، أن حكومة الاحتلال، اضطرت عبر وزارة "الشتات" إلى تجميد العمل بخطة بناء بنك المعلومات المذكور، بعد أن أثار نشر الخبر عن هذه الخطة استياء شديداً في أوساط الجاليات اليهودية الأميركية، خصوصاً في صفوف شرائح الطلبة الجامعيين الأميركيين، الذين يخشون من تبعات هذا البنك، ومن كونه يخترق خصوصياتهم، ويعتبر تدخلاً في حريتهم الشخصية في التعبير عن الرأي، ناهيك عن أنه قد يضعهم في مواجهة التشكيك بولائهم للولايات المتحدة، واتهامهم بالولاء المزدوج.

ولفتت الصحيفة إلى أن قرار وزارة "الشتات" في حكومة الاحتلال بتجميد المشروع، وليس لإلغائه، جاء بعد أن أصدر اتحاد الطلبة اليهود الأكبر في العالم ويدعى "هيلل إنترناشيونال"، بياناً دعا فيه الوزارة الإسرائيلية إلى العدول عن هذه الخطة موضع الخلاف. وبحسب التفاصيل، التي أوردتها "هآرتس"، فقد كان الهدف الرئيسي من المشروع محاولة استمالة الطلبة الأميركيين من أصول يهودية إلى جانب دولة الاحتلال، على أن تديره شركة أقامتها وزارة "الشتات" قبل عدة سنوات بهدف "تعزيز الهوية اليهودية" للشبان اليهود الذين يعيشون خارج دولة الاحتلال في أوطانهم الأصلية، وتقوية علاقتهم مع دولة الاحتلال. واضطرت الشركة، التي أقامتها حكومة الاحتلال تحت مسمى "موزاييك يونايتد"، إلى إصدار بيان أعلنت فيه أن صيغة الإعلان كانت غير موفقة، وتم بالتالي تجميد العمل في المشروع. في المقابل أكد بيان الاتحاد العالمي للطلبة اليهود أن المشروع كما يتضح لم يكن بالتنسيق مع الاتحاد، وهو لا يخدم هدف التقريب بين الطلبة من أصول يهودية وإسرائيل. ووفقاً للمخطط الأصلي، فقد كان من المفروض أن تنقل شركة "موزاييك يونايتد" إدارة المشروع إلى شركة إسرائيلية مختصة ببناء مراكز المعلومات، تقوم على بناء بنك معلومات يضم 350 ألف طالب أميركي من أصول يهودية يتعلمون في الجامعات والكليات الأميركية المختلفة، والنشر يومياً عن أهم النشاطات والندوات التي تنظم في مختلف الجامعات الأميركية، والتي لها علاقة باليهودية أو إسرائيل، مع توفير رسائل ومضامين سعياً إلى ضمان مشاركة وانخراط الطلبة من أصول أميركية في هذه النشاطات، خصوصاً من لا يشاركون فيها (والذين تصل نسبتهم بحسب الصحيفة إلى 85 في المائة من مجمل الطلبة الأميركيين من أصول يهودية).

ووفقاً لصحيفة "هآرتس" فإنه في حال تم لاحقاً اعتماد الخطة، والبدء بتطبيقها، فإنه سيكون على الشركة التي تديرها، بالإضافة إلى بناء بنك المعلومات، أن تجمع وتعرض على هؤلاء معلومات وتقارير يتم جمعها من الشبكة العنكبوتية وشبكات التواصل الاجتماعي، وتوزيعها على الطلاب بعد تصنيفهم إلى مجموعات وفق معايير محددة يتم وضعها بالتشاور مع الشركة. ويعكس الكشف عن هذه الخطة، حقيقة الجهود الإسرائيلية الرامية لتجنيد اليهود في كل مكان في العالم، خصوصاً في أميركا الشمالية، ليكونوا سفراء وناطقين باسم الحكومة الإسرائيلية والدفاع عن مواقفها. وكانت دراسات واستطلاعات سابقة أجرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية في سنوات مضت، أشارت إلى ضعف العلاقة بين إسرائيل وبين يهود الشتات، خصوصاً شريحة الطلاب في الولايات المتحدة، الذين ينظرون لإسرائيل في السنوات الأخيرة، باعتبارها دولة غير متنورة، سواء بفعل ممارسات "الأبرتهايد" من جهة، أم بفعل طغيان سيطرة التيار الديني الأرثوذكسي المحافظ عليها، ورفض المؤسسات الدينية اليهودية في دولة الاحتلال الاعتراف، ليس فقط بيهودية تيار اليهود المحافظين في الولايات المتحدة والتيار اليهودي الإصلاحي، وإنما أيضاً في تراجع حكومة الاحتلال، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، قبل شهرين عن قانون تنظيم أوقات الصلوات في حائط البراق، وتحديد ساحة خاصة لصلاة اليهود المحافظين والإصلاحيين، وهو ما سبب توتراً كبيراً في العلاقات بين نتنياهو والجاليات اليهودية في الولايات المتحدة، وانعكس في رفض رؤساء منظمات يهودية، للمرة الأولى في العقود الأخيرة، لقاء نتنياهو أثناء زيارته للولايات المتحدة الشهر الماضي. وتستثمر إسرائيل أموالاً ضخمة في محاولة تقريب الجيل الصاعد من اليهود في الولايات المتحدة، وتجنيدهم لصالح السياسة الإسرائيلية، إلا أن هذه الجهود تواجه عقبات شديدة في ظل تصريحات التيار الديني الصهيوني والأرثوذكسي اليهودي (الحريديم) تعارض ظاهرة الزواج المختلط ليهود الولايات المتحدة، وعدم الاعتراف بيهودية أبناء هذه الأسر، خصوصاً إذا كانت الأم غير يهودية.

المساهمون