2016 في أفغانستان: عام الآلام... والآمال المحدودة

2016 في أفغانستان: عام الآلام... والآمال المحدودة

02 يناير 2017
لا بوادر للتغيبر في الساحة الأفغانية (وكيل كوهسار/فرانس برس)
+ الخط -
کان عام 2016 حافلًا بالكثير من الأحداث والتطورات في أفغانستان، ومعظمها كانت تحمل الأحزان والألام. ومن أسوأ ما وقع خلال ذلك العام، وأكثره ألمًا، هو مقتل حوالي 30 ألف شخص، للمدنيين فيهم النصيب الأكبر، خلال هجمات واعتداءات متفرّقة. كما كانت المصالحة بين الحكومة الأفغانية والحزب الإسلامي، وبعض التطورات الاقتصادية، من أبرز ما تفاءل بها الأفغان، في غمرة هموم يوميّة، وأوضاع معيشية هشة.

وتقول وزارة الدفاع الأفغانية إنه منذ مطلع العام المنصرم، وحتى نهايته، قتل ما لا يقل عن 30 ألف شخص بين مسلحين وجنود للجيش ومدنيين. لم يحدد المتحدث باسم وزارة الدفاع، محمد رامدنيش، عدد القتلى بين هذه الفئات بدقّة، ولكنه أشار إلى أن نسبة القتلى في صفوف الجيش قد ارتفعت عشرة في المئة مقارنة بالعام الماضي. إلا أن مكتب المفتش العام الأميركي في أفغانستان قد أكد، في وقت سابق، أنه خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي وصل عدد قتلى القوات المسلحة الأفغانية إلى 5523 قتيلًا.


ولم يشر المتحدث باسم وزارة الدفاع بالتحديد حول مقتل المدنيين والمسلحين، ولكنه لفت إلى أن أعدادًا كبيرة من المقاتلين قتلوا أو أسروا بيد القوات المسلحة الأفغانية خلال العام الماضي.

وعلى الضفة الأخرى، تضاءل عدد قتلى القوات الأجنبية العاملة في أفغانستان قياسًا بفترات سابقة منذ دخولها إلى أفغانستان في عام 2001، إذ ذكرت قوات "حلف شمال الأطلسي"، في بيان لها، أن عدد جنودها الذين قتلوا خلال العام الماضي بلغ 15 قتيلًا فقط.

ويؤكد المتحدث بإسم القوات الأميركية، الجنرال تشارليز كليفلاند، أن السبب من وراء انخفاض قتلى القوات الأجنبية هو عدم مشاركتها في العمليات المسلحة، وأن القوات الأفغانية تقوم بالعمليات ضد المسلحين، بينما القوات الأجنبية تقوم بتدريبها. وكان عدد ضحايا تلك القوات خلال عام 2015، 27 قتيلًا، وخلال عام 2014، 75 قتيلًا.

وبعيدًا عن انخفاض خسائر القوات الدولية، التي تشتعل أرض الأفغان بسببها، لا يتوقع تحسن الوضع خلال عام 2017، نظرًا للحقائق الميدانية على الأرض، ولا سيما مع تصاعد قوة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وانتشار نفوذه في شرق وجنوب أفغانستان، بالإضافة إلى انفصال الكثير من قيادات "طالبان" عن "الجماعة الأم" وانضمامهم إلى "داعش".



قوة "داعش"، وتوسع رقعة نفوذه، كانا السبب الأهم وراء التقارب بين طهران وطالبان من جهة؛ وبين الأخيرة وموسكو من جهة أخرى، وهذا يعتبر أحد أهم ما شهدته الأشهر الأخيرة من العام الماضي. وكان اجتماع موسكو الثلاثي في الـ27 من شهر دسمبر/كانون الأول الماضي بين باكستان والصين وروسيا إزاء قضية أفغانستان آخر ما حصل في هذا المضمار، حيث طلب الاجتماع من المجتمع الدولي شطب أسماء قيادات "طالبان" من قائمة المطلوبين، الأمر الذي رحبت به الأخيرة وأثار غضب الحكومة الأفغانية.

من هنا، يخشى المراقبون أن وقوف موسكو مع "طالبان" علنًا، هو محاولة لتبرير ما تفعله الحركة، التي يصفها المجتمع الدولي بالجماعة الإرهابية. وبالنظر إلى التطورات الأخيرة، يخشى أن تشهد الساحة الأفغانية، خلال عام 2017، صراعًا علنيًّا بين موسكو، التي أضحت تؤيد "طالبان"، وبين واشنطن التي تقف بجانب الحكومة وتجهز القوات الأفغانية.

من جهة أخرى، كانت المصالحة بين الحزب الإسلامي، بزعامة قلب الدين حكمتيار، والحكومة الأفغانية، والتي وقّعت بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول من العام الماضي، من أهم ما أنعش آمال الأفغان، ورفع توقّعاتهم بأن يمهّد ذلك لمصالحة شاملة، وأن طالبان ستحذو حذو الحزب الإسلامي، وستعود إلى طاولة الحوار.

وعلى الرغم من بعض الجهود ضمن هذا الإطار، إلا أن موقف "طالبان" الرافض للمصالحة، في ظل وجود القوات الأجنبية في أفغانستان، قد قضى على كل تلك الآمال، ليظل الشعب بين سندان الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جهة؛ وبين مطرقة "طالبان" والجماعات المسلحة من جهة أخرى.

وعلى الرغم من ضعف قوة "طالبان" خلال العام الماضي، ولا سيما بعد مقتل زعيمها السابق، الملا أختر منصور، في غارة أميركية في جنوب غرب باكستان، بتاريخ 22 من شهر مايو/أيار من العام الماضي، ووقوع تصدعات داخلية في إثره، إلا أن "طالبان" لا تزال تحظى بقوة لا يستهان بها. كما أنها حصلت على دعم مالي ولوجستي من إيران وموسكو، ما يعني ألا بوادر للتغير في الساحة الأفغانية، وأن عام 2017 لن يكون أحسن من العام الماضي، خاصة في ما يتعلق بالوضع الأمني.

المساهمون