نظام الأسد يتلاعب بالمعتقلين... وروسيا تفاوض لاستعادة جثث جنودها

نظام الأسد يتلاعب بالمعتقلين... وروسيا تفاوض لاستعادة جثث جنودها

07 سبتمبر 2016
عدد المعتقلين في سورية يقدر بنحو 200 ألف(فرانس برس)
+ الخط -
يعتبر ملف المعتقلين من أكثر الملفات المؤرقة للسوريين، سواء كان لجهة العدد الذي يقدر بنحو 200 ألف معتقل، أو قصص الانتهاكات المرتكبة بحقهم من تعذيب وإهمال طبي، يتسببان بموت العشرات منهم بوتيرة شبه يومية. هذه المأساة جعلت بند المعتقلين بنداً رئيسياً في كل اتفاقات الهدن المبرمة بين فصائل المعارضة السورية ونظام بشار الأسد الذي لم يلتزم بتطبيق هذا البند إلى اليوم. وقال الناشط الحقوقي، المحامي ميشل شماس، في حديث لـ "العربي الجديد" إن "هناك معلومات واردة من محكمة الإرهاب تفيد أن النظام يعتزم إطلاق سراح نحو 170 معتقلاً، تشمل الدفعة الأولى 50 معتقلاً، جميعهم من حمص". ولفت إلى أن "لا معلومات عن خلفية إطلاق سراح هذه المجموعة وإنْ كان لها ارتباط باتفاق هدنة حي الوعر الأخيرة".

وذكر المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي"، محمد السباعي، من حي الوعر، أنه "بعدما توقفت عملية التفاوض لمدة ستة أشهر، إثر تهرب النظام من تنفيذ إطلاق سراح المعتقلين، وسعياً للتخفيف عن معاناة الأهالي في الحي، تم التوصل بين وفد لجنة التفاوض والنظام إلى اتفاق جديد، يقضي بإعادة العمل باتفاقية حمص-حي الوعر، التي أبرمت في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2015، برعاية الأمم المتحدة".

وقال السباعي في حديث لـ "العربي الجديد" إنه جرى الاتفاق على أن ينفذ بالتتابع وقف إطلاق النار في حي الوعر، وفتح الطرق والمعابر من وإلى الحي أمام البضائع، وأمام الناس الراغبين بالدخول والخروج من وإلى الوعر". وتابع، إن الاتفاق ينص أيضاً على أن يتم "إخراج المعتقلين البالغ عددهم قرابة مائتي معتقل من (خارج القوائم المتفق عليها سابقاً وهم الذين تم اعتقالهم بعد سريان اتفاق الهدنة) والذين علق النظام عملية إطلاق سراحهم على سير اتفاقية حي الوعر، وذلك مقابل إخراج دفعة من الراغبين بالخروج من الحي إلى مناطق أخرى، يعتقد أنها الشمال السوري". وأكد أنه كان يجب على النظام، بموجب الاتفاق، "تقديم بيان حول مصير كامل المعتقلين المقدمة أسماؤهم من لجنة التفاوض سابقاً، والذين يزيد عددهم عن 7 آلاف معتقل من مختلف مناطق حمص".


وحول أنباء إطلاق سراح معتقلين من حمص من النظام على أساس اتفاق الوعر، لفت السباعي إلى أن "لا معلومات حول هذا الموضوع، وبحسب الاتفاق الأخير فإن إطلاق سراح المعتقلين الـ200 تقريباً سيكون مقابل خروج مجموعة من الوعر".

وكان النظام فرض على حي الوعر حصاراً مطبقاً، منذ نحو ستة أشهر، ومنع عنه المواد الغذائية والطبية، إضافة إلى استهدافه عبر القنص والقذائف الصاروخية والمدفعية، عقب رفضه إطلاق سراح أكثر من سبعة آلاف معتقل. وتفيد مصادر مطلعة من دمشق أن "النظام يحتفظ بآلاف المعتقلين ممن انتهى التحقيق معهم في فروع الاستخبارات السورية، أو كانوا محولين إلى المحاكم الاستثنائية كالإرهاب أو الميدانية أو العسكرية، وهم في المعتقلات تحت بند إيداع مصالحات، أي أن إطلاق سراحهم مرتبط بعمليات الهدن واتفاقات التبادل"، لافتين إلى أن "أوضاعهم لا تختلف عن أوضاع المعتقلين من ناحية سوء الرعاية الصحية والطعام".

وبينت أن "النظام ينظر إلى ملف المعتقلين كورقة رابحة على طاولة المفاوضات لن يتنازل عنها إلا ضمن صيغة التسوية الشاملة للأزمة السورية، أو ما يسمى الحل السياسي. وما يؤكد هذا الاستنتاج عدم التزام نظام الأسد بتطبيق بند إطلاق سراح المعتقلين في إطار اتفاقيات الهدن أو في إطار المصالحات في مختلف المناطق، وفق المصادر التي أضافت أن "المعارضة تطالب في المقابل، بفصل الملف الإنساني، لا سيما المعتقلين والحصار، عن الملف العسكري والسياسي، لما تشكله هذه الملفات من ضغط عليها وعلى العملية التفاوضية".

وكانت تقارير عدة بينت إنجاز عمليات تبادل بين الفصائل المسلحة المعارضة والإسلامية والنظام، إن كان بين أسرى ومخطوفين أو بين جثث مقاتلي النظام والمليشيات الموالية له أو القوات الحليفة له، ومعتقلين لديه. ويعد اليوم ملف مبادلة جثامين الطيارين الروس الخمسة، الذين لقوا حتفهم، بداية الشهر الماضي، إثر تحطم مروحية روسية كانت تقلهم في ريف إدلب، من أبرز ملفات التفاوض الدائرة حالياً بين الروس وفصائل جيش الفتح، عبر وسطاء.

وكانت تقارير أشارت إلى أن فصائل جيش الفتح طالبت بإطلاق سراح خمسة آلاف معتقل مقابل تسليم جثث الطيارين، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، حتى الآن، بحسب قول الناطق الرسمي باسم "حركة أحرار الشام الإسلامية"، أحمد قره علي، في حديث لـ "العربي الجديد".

يشار إلى أن المعارضة وناشطين يطالبون بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الأزمة السورية، التي بدأت عبر انطلاق الحراك الشعبي المناهض للنظام عام 2011، في حين تطالب العديد من المنظمات الإنسانية والقانونية بوقف التعذيب في المعتقلات السورية وتأمين الرعاية الصحية اللازمة وتوفير الغذاء للمعتقلين، وفتح المعتقلات أمام المنظمات الإنسانية، والكشف عن مصيرهم، إذ يوجد عشرات آلاف المعتقلين المختفين قسرياً دون أي محاكمة في مخالفة صارخة للدستور والقوانين الموضوعة من نظام الأسد الذي يضرب بعرض الحائط كل تلك المطالبات.

المساهمون