انتصارات المعارضة تُشعل الاشتباكات بين النظام ومليشياته في حلب

انتصارات المعارضة تُشعل الاشتباكات بين النظام ومليشياته في حلب

17 يونيو 2016
صدّت المعارضة هجمات النظام وأحرزت تقدماً بحلب(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
بعد أسبوعين متواصلين من الخسائر الميدانية الكبيرة لقوات النظام السوري، وحزب الله، والمليشيات العراقية والإيرانية، على يد المعارضة السورية، في ريفَي حلب الشمالي والجنوبي، اندلع للمرة الأولى صدام مسلّح بين قوات النظام من جهة وعناصر حزب الله ومليشيا أبو الفضل العباس من جهة أخرى، في ريف حلب الشمالي، تزامناً مع إعلان روسيا هدنة من جانبها في حلب لمدة ثمانية وأربعين ساعة. وحصل الاشتباك بين هؤلاء على خلفية إدارة العمليات العسكرية الأخيرة التي شنّها الطرفان معاً في منطقتَي الملاح وحندرات، والتي تكبدت فيها قوات الطرفين خسائر كبيرة، لم تكن بطبيعة الحال، أقل من الخسائر اليومية، في ريف حلب الجنوبي.

وعلمت "العربي الجديد"، أمس الخميس، من مصادر "جيش الفتح"، وهو ائتلاف لفصائل مسلحة معارضة للنظام السوري شمال سورية، أنّ عناصر "الفتح" تمكنت، أمس الخميس، من قتل 15 عنصراً من المليشيات العراقية والإيرانية وحزب الله اللبناني، على أطراف قرية معراته بريف حلب الجنوبي. كما أسرت عنصراً واحداً يحمل أوراقاً ثبوتية إيرانية، وذلك إثر محاولة المليشيات التقدم نحو القرية التي تسيطر عليها المعارضة.

كما نشرت مصادر مقربة من فصائل المعارضة في معراته، أمس الخميس، قائمة بأسماء تسعة من عناصر حزب الله اللبناني، من أبناء بلدة نبّل الموالية للنظام السوري، شمال حلب، قُتلوا إثر استهداف قوات المعارضة لحافلة كانوا يستقلونها شرق بلدة خان طومان التي تسيطر عليها المعارضة، جنوب حلب. كما عرض المكتب الإعلامي لـ"جيش الفتح"، أمس الخميس، صوراً لثلاثة مقاتلين يحملون الجنسية العراقية، قال إنهم من عناصر حركة النجباء سقطوا أسرى في يد المعارضة في قرية القراصي، جنوب حلب، أثناء معارك، يومَي الثلاثاء والأربعاء، والتي تكبدت خلالها قوات المليشيات خسائر كبيرة.

من جانبها، نعت مصادر إعلامية لبنانية مقربة من حزب الله اللبناني ثمانية من عناصر الحزب، بينهم قيادي ميداني هو محمد نور قصاب، الملقب بـ"الحاج قاسم"، ويرجح أنهم سقطوا أثناء محاولات الحزب الفاشلة الرامية للتقدم على جبهات القتال بريف حلب الجنوبي.

وجاءت هذه الخسائر الكبيرة في ريف حلب الجنوبي بعد أسبوع كامل من المعارك في منطقتَي الملاح وحندارت، شمال حلب، والتي حاولت من خلالها قوات النظام، ومليشيات عراقية، وعناصر حزب الله، التقدم على حساب قوات المعارضة المتمثلة بحركة نور الدين زنكي وفصائل أخرى. لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل مع تمكن المعارضة من تدمير عدد كبير من آليات قوات النظام والمليشيات، ونجاحها في سحب هؤلاء إلى كمائن محكمة، سقطت فيها أعداد كبيرة من عناصرهم في ضواحي حلب الشمالية، بين قتلى وجرحى، بحسب ما أعلنت حركة "الزنكي"، وباقي فصائل المعارضة.

وأدى كل ذلك، إلى تطور غير مسبوق في ريف حلب الشمالي، إذ تقول مصادر ميدانية في ضواحي حلب الشمالية، لـ"العربي الجديد"، إن اشتباكات اندلعت، ليل الأربعاء ـ الخميس، بين قوات النظام من جهة، وعناصر حزب الله والمليشيات العراقية المتحالفة معه، وفي مقدمتها التشكيل الذي يعرف باسم "لواء أبو الفضل العباس". وتؤكد أنّ هذه الاشتباكات لا تزال مستمرة، في ظل عمليات قصف يشنها طيران النظام على مواقع المليشيات في المنطقة.






ويقول نشطاء إعلاميون متواجدون مع فصائل المعارضة بمناطق حندرات والملاح، شمال حلب، لـ"العربي الجديد"، إنهم رأوا الاشتباكات الدائرة بالرشاشات المتوسطة والثقيلة في مناطق تلة المياسات، وحيلان، والبريج، ومحيط سجن حلب المركزي، على أطراف ضواحي مدينة حلب الشمالية. واستهدفت قوات النظام المتمركزة في تلة المياسات نقاط تمركز حزب الله في بلدة حيلان قبل أن تتوسع الاشتباكات إلى مناطق سجن حلب والبريج، أدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، وفقاً للنشطاء.

وتقول مصادر "العربي الجديد" إن الطيران الحربي التابع لقوات النظام شوهد وهو ينفذ، فجر أمس الخميس، غارات جوية على نقاط في المنطقة، يُعتقد أنها تابعة للمليشيات. وكان لافتاً أن طيران النظام استخدم القنابل الفوسفورية في إحدى غاراته، ما أدى إلى اشتعال حرائق كبيرة في بعض المباني، يُعتقد أنها مقرات للمليشيات، بحسب المصادر.

وأدت الاشتباكات المستمرة في المنطقة إلى انقطاع الطريق الذي يصل المدينة الصناعية شمال حلب بمنطقة عفرين التي تسيطر عليها قوات "حماية الشعب" الكردية، وهو طريق يستخدمه المدنيون للتنقل بين مناطق سيطرة النظام في حلب ومناطق سيطرة القوات الكردية في عفرين ومحيطها. وتشير مصادر "العربي الجديد" في عفرين إلى أن عشرات من حافلات نقل الركاب لا تزال عالقة على الطريق في مناطق معرستا الخان، وشمال رتيان، ومنطقة ماير القريبة من بلدة نبّل التي تمددت إليها الاشتباكات، صباح أمس الخميس، بين قوات حزب الله المتمركزة في البلدة الموالية للنظام وعناصر الجيش السوري المتواجدين هناك أيضاً.

وتشرح مصادر المعارضة المسلحة شمال حلب، لـ"العربي الجديد"، عن سبب الخلافات، قائلة إنها (المعارضة) رصدت عبر التجسس على اتصالات قوات النظام حديثاً عن قيام عناصر حزب الله بقتل ضابط برتبة رفيعة المستوى من الجيش السوري بعد رفضه الانصياع لطلبات قدّمها الحزب في ما يخص عملية عسكرية كان يخطط لها ضد قوات المعارضة في المنطقة.

وتعد هذه الاشتباكات الأولى من نوعها على الإطلاق منذ إعلان حزب الله على لسان الأمين العام للحزب، حسن نصرالله، عن تدخله في سورية لصالح قوات النظام السوري منذ نحو أربع سنوات. وتضع هذه الاشتباكات غير المسبوقة في الواجهة احتمال أن تكون روسيا قد عرضت هدنة لثمانية وأربعين ساعة في حلب لتتاح فرصة لاحتواء هذا الصدام قبل أن تستغله المعارضة لإحراز تقدم على حساب النظام والمليشيات.

وأعلنت روسيا، أمس الخميس، هدنة في حلب، تسري اعتباراً من منتصف ليل الخميس. وقال المركز الروسي لتنسيق الهدنة في سورية، في نشرته، إنه "بدعوة من الجانب الروسي، وبهدف خفض مستوى العنف، وتحقيق استقرار الوضع، تقرّر فرض نظام الهدنة في مدينة حلب بدءاً من التاريخ المذكور". ولم يوضح الإعلان الجهة التي ناقشت معها روسيا قرار الهدنة، إلا أنه جاء بعد تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري موسكو ورئيس النظام السوري بشار الأسد من مغبّة عدم احترام وقف الأعمال العدائية.


المساهمون