الوحدة في زمن المنافسة

الوحدة في زمن المنافسة

13 يونيو 2016
استطاع السبسي إلقاء كرته في ملعب الجميع(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
هل تبدو مبادرة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، حول حكومة الوحدة، منطقية في هذه المناخات السياسية التي تعيشها تونس؟ قد يبدو السؤال غريباً إذا ما تبينّا حقيقة الوضع التونسي واقترابه من شفا هوّة الانهيار، وهو جرد موضوعي متاح لكل الفرقاء السياسيين التونسيين على اختلاف منطلقاتهم وتوجهاتهم. وإذا كان الوضع محل إجماع، فالمفروض أيضاً أن تكون الحلول بيّنة ومحل إجماع أيضاً. غير أن التونسيين يعرفون، والمعارضة تعرف، والرئيس التونسي يعرف بالتأكيد، أن وحدته الوطنية التي يدعو إليها مسألة في غاية الصعوبة، إن لم تكن ضرباً من ضروب الخيال والتمني، ولذلك يجري الحديث عن "خطة ب" أو خطة بديلة، هي في الواقع الخطة الأصلية التي يستوجب الوصول اليها، مروراً بجولات مشاورات ربما تكشف بعض الأوراق أو تخلطها من جديد.

ويمكن للتونسيين أن يتعجبوا من عدم قدرة نخبهم على تحقيق هذه الحكومة، على الرغم من أن مجتمعات كثيرة توصلت إليها وقت الأزمات، وجلس اليمين إلى اليسار عندما استوجب وضع البلاد ذلك، وهو أمر يحدث باستمرار في كل أرجاء الدنيا.

غير أن الحالة التونسية تتميز منذ سنوات بمناخ من عدم الثقة المتبادل، بين كل الأحزاب، حتى المتحالفة ظاهراً، والتي تضمر أكثر مما تبدي، وتخفي حساباتها الخاصة وتنتظر اللحظة المناسبة لتكشف عن أوراقها.

وحتى بعيداً عن انعدام الثقة، فهناك وضع تنافسي دائم بين مكونات الساحة السياسية، وهو ينتظر موعد الانتخابات المحلية بداية العام المقبل ليملأ الساحة من جديد. وعشية وضع كهذا، كيف يمكن للرئيس التونسي أن يطلب من كل هؤلاء أن يلقوا بأسلحتهم، ويترجّلوا عن خيولهم، من أجل فكرة، يبدو عنوانها مبدئياً وطوباوياً، لكنها في الحقيقة فكرة سياسية خالصة، نعتقد أنها ولدت لتغير بعض ملامح المشهد السياسي التونسي، والذي آن له أن يتغير، بنظر البعض وعلى رأسهم الرئيس السبسي، إعداداً للفترة المقبلة، والتي ستكون حبلى بالمتغيرات السياسية في تونس.

وفي كل الحالات، فقد استطاع السبسي أن يلقي بكرته في ملعب الجميع، وأن يحرك الجميع، أمام إحراج الوحدة الوطنية، لكن لا أحد يستطيع أن يضمن للسبسي أن الكرة نفسها، لن ترتد إليه إذا أحكم المنافسون لعبتهم هذه المرة.

المساهمون