دي ميستورا يسابق الزمن لاستئناف جنيف السوري قبل رمضان

دي ميستورا يسابق الزمن لاستئناف جنيف السوري قبل رمضان

23 مايو 2016
يبذل دي ميستورا جهوداً لعودة المباحثات (فابريك كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
تراهن الهيئة العليا للمفاوضات السورية المعارضة على دعم حلفائها، خصوصاً السعودية، وقطر وتركيا، بالإضافة إلى الداعمين "اللفظيين" لها مثل ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا لإحراز تقدّم في الملف الإنساني خلال الأسبوع الحالي لرفع تعليقها عن المشاركة في مفاوضات جنيف. وتوقّفت المحادثات بسبب رفض النظام السوري رفع الحصار عن المناطق المحاصرة، وإيصال المساعدات، وإطلاق سراح المعتقلين، ووقف القصف على مناطق المعارضة، وذلك بحسب ما جاء في قرارَي مجلس الأمن 2254، ووقف الأعمال العدائية 2268.

وتُمارس ضغوط كبيرة على الهيئة العليا للمفاوضات للمشاركة في جولة جديدة يستعد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا للدعوة إليها قبل نهاية الشهر الحالي، بحسب ما علمت "العربي الجديد" من مصدر خاص. ويضيف هذا المصدر أن الضغوط تمارس على المنسق العام للهيئة، رياض حجاب شخصياً الذي يرفض المشاركة في جولة رابعة من دون تحقيق المطالب الإنسانية كي لا تواجه مصير ما سبقها من مماطلة وتمرير للوقت، وتأمين غطاء شرعي لزيادة وتيرة القتل الذي يرتكبه النظام وحلفاؤه.

وتتهم مجموعات من المعارضة السورية بعض الأعضاء من "الائتلاف السوري المعارض" المشاركين في الهيئة العليا للمفاوضات، بأنهم الكتلة المعطلة دائماً في القرارات الهامة والتي تتعلق بالمشاركة أو العودة لطاولة المحادثات، بحسب ما تقول مصادر مطلعة من داخل المعارضة السورية لـ"العربي الجديد". وتنقسم الآراء داخل الكتل السورية الرئيسية في الهيئة العليا للتفاوض بين رأيَين عريضَين: الأول يرى أنه "لا بد من التفاوض بموازاة القتال"، بناءً على نصيحة أميركية تتكرر بين فترة وأخرى. والثاني يعتبر أن المرحلة السابقة، وتحديداً الجولات الثلاث لجنيف، أثبتت أن النظام ومن يدعمه استفادوا من المحادثات لتحقيق تقدم ميداني ولزيادة وتيرة قتل السوريين في المناطق الخارجة عن سلطة النظام، وفقاً للمصادر المطلعة.

ولكسر تعنّت أعضاء الائتلاف في الهيئة العليا وبعض الأعضاء المحسوبين على الفصائل العسكرية، أصدرت هيئة التنسيق الوطنية بياناً حثّت فيه على العودة إلى طاولة المفاوضات في جنيف. وقالت "الهيئة" في بيان صدر عنها، في 18 مايو/أيار الحالي، إن مكتبها التنفيذي في دمشق يؤكد على أهمية إنهاء تأجيل وتعليق المشاركة في العملية السياسية التفاوضية واستئنافها، مجددة مطلبها بمواصلة الجولة الرابعة قبل نهاية شهر مايو/أيار، وتقديم رؤية واضحة حول الانتقال السياسي، وهيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة تتمتع بها بعد انتقال دستوري سريع ينهي النظام الحالي برموزه وأركانه. كما طالبت بتهيئة الظروف للانتخابات التشريعية والإدارية والرئاسية خلال المرحلة النهائية، تنفيذاً لبيان جنيف 1، والإعلانات الرئاسية لمجلس الأمن، وبيانات فيينا وميونيخ، والقرارات الدولية 2118، 2253، 2254، 2268.

وأشار البيان إلى أن المكتب التنفيذي لاحظ أن قرار تأجيل المشاركة في العملية التفاوضية مؤقتاً، مع البقاء في جنيف حتى آخر الجولة، واللقاء بالخبراء والتقنيين من بعثة الأمم المتحدة، لم ينفّذ بشكل صحيح، وجاءت الممارسات الفعلية والتصريحات الإعلامية لتعبّر عن الانسحاب. في السياق ذاته، قرّر نائب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات يحيى قضماني "الابتعاد عن الشأن العام"، احتجاجاً وغضباً منه على اعتبار أن ما يتم القيام به في الهيئة العليا من عمل جماعي "لا يرقى إلى مستوى الأحداث والمسؤولية المترتبة على المعارضة"، على حد تعبيره.




وتؤيد هيئة التنسيق الوطنية وبعض الأعضاء المستقلين داخل الهيئة العليا للمفاوضات العودة إلى طاولة المفاوضات. ويستغل دي ميستورا هذا الانقسام داخل الهيئة، بالإضافة للضغط الدولي لإعادة المسار السياسي في جنيف، ما يهدد بانهيار الهيئة العليا للمفاوضات في حال تمت الدعوة للمشاورات وتمسّك حجاب بقرار التعليق إلى حين تحسين الظروف الإنسانية، ما يرجح ذهاب بعض مكوّنات المعارضة بشكل منفرد، وفقاً لمصادر المعارضة.

وتشير المصادر ذاتها إلى أن إعلان دي ميستورا عن جولة جديدة يعني أن هناك تفاهماً ضمنياً لعودة جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات. وتوضح أن المبعوث الدولي يجري اتصالات مكّوكية لعودة المسار السياسي في جنيف، ويأمل أن تقام جولة جديدة قبل نهاية الشهر الحالي، مستغلاً الضغوط الدولية وضغوط مكوّنات المعارضة. وتبيّن هذه المصادر أنّ الأسبوع الحالي يمكن أن يشهد تغيّراً ملحوظاً على المستوى الإنساني لضمان عودة المعارضة السورية للمفاوضات، لافتاً إلى أنّ عدم إعلان دي ميستورا عن جولة جديدة، يعني أن محاولاته باءت بالفشل، وسيتم تأجيل عقد أي مفاوضات إلى نهاية شهر يونيو/حزيران المقبل.

في هذا السياق، قال رئيس الوفد المفاوض أسعد الزعبي لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن الحديث أبداً عن عملية تفاوضية"، مضيفاً: "لن يكون هناك مفاوضات قبل نهاية الشهر الحالي، خصوصاً أنّ شهر رمضان الذي يحمل الكثير من العطايا بات على الأبواب"، متسائلاً عما قدمه المجتمع الدولي للشعب السوري قبل هذا الشهر من إدخال المساعدات أو إطلاق سراح المعتقلين أو الكف عن تهديم منازلهم، على حدّ تعبير الزعبي.

ويضيف أن العودة للمفاوضات يجب أن تتضمن تطبيق الظروف الإنسانية بكامل بنودها، بحسب ما نصّت عليه القرارات الدولية. ويوضح الزعبي أن المحادثات لن تصل إلى أي قرار يتعلق بتحقيق الانتقال السياسي في سورية والذي يعتبر جوهر العملية السياسية، في حال عدم استطاعة المجتمع الدولي إيصال علبة حليب إلى مدينة داريا أو المعضمية. ويشير الزعبي إلى أن المجتمع الدولي لا يزال عاجزاً أمام النظام السوري المتمسك بالسلطة على حساب حياة الشعب السوري واستمرار مأساته، لافتاً إلى أنه عار على المجتمع الدولي الذي اتخذ قرار إدخال المساعدات من دون أن يستطيع تنفيذه، وفقاً للزعبي.


المساهمون