عزلة المارشال السيسي بعيون فرنسية: خسر قسماً من شعبيته

عزلة المارشال السيسي بعيون فرنسية: خسر قسماً من شعبيته

22 مايو 2016
استياء بين مناصري السيسي من سياساته القمعية (ساشا موردوفيتش/Getty)
+ الخط -
تنتشر في الآونة الأخيرة مقالات في الصحف الفرنسية عن عزلة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظامه، وعن نفور قطاعات عريضة من المصريين منه، حتى من الذين أيّدوه في فترة ما بعد وصوله إلى السلطة في مصر عام 2014. وكتب قبل أسبوع الصحافي ستيفان أوبوارد في صحيفة "لومانيتيه" الفرنسية مقالاً بعنوان، "إنهم لا يخجلون"! بعنوان فرعي: "السيسي لا يحب الفنون ولا الشباب". وتطرق فيه إلى شهر يوليو/تموز 2013، حين "كان السيسي يعشق كثيراً الفيديو والصورة، وكان بورتريه السيسي يباع بشكل كبير في ساحة التحرير". 

ويضيف أن السيسي كان يقدّم نفسه باعتباره "أيقونة الحرية المستعادة". وكانت الشبيبة المصرية، في هذه الأثناء، تستعرض، دون توقف، "إنجازات المارشال"، وترى فيه "حارس ثورةٍ كاد الرئيس محمد مرسي، الذي ينحدر من الإخوان المسلمين، أن يسرقها. لكن بعد مرور ثلاث سنوات، يتذوق هؤلاء الشباب واقعاً مريراً، يوماً بعد آخر"، وفقاً للكاتب. ويستعرض الصحافي الفرنسي على سبيل المثال أحد أعضاء مجموعة "أطفال الشوارع" الغنائية، خالد عز الدين الذي اعتقلته الشرطة المصرية، الأحد الماضي، بتهمة سبّ مؤسسات الدولة والدعوة للتظاهر، والذي حوكم بدفع غرامة 990 يورو (1100 دولار) كفالة مقابل إطلاق سراحه، في حين تمّ إرسال زملائه الأربعة في المجموعة إلى السجن.

وذنب هؤلاء، كما يقول الصحافي، هو "نشرهم لفيديوهات تنتقد السياسات المتّبعة من قبل الحكومة العسكرية ـ الإسلامية ـ المحافظة". ويرى أوبوارد أن "فيديوهاتهم التي صُوّرت كلها في الشارع، تتناول، بطريقة لاذعة، القرارات التي اتخذها النظام، والتي يخشى تأثيرها المُعدي". ويكشف الصحافي "شعبية" و"جماهيرية" هذه الفيديوهات، التي كان كل واحد منها يحصل، في المتوسط، على 200 ألف إعجاب. ويسخر الصحافي من تبريرات السلطة المصرية ووسائل الإعلام المقربّة منها لهذا النجاح، والتي تنسبها إلى "التمويل السريّ من قبل الإخوان المسلمين"، وهو ما ينفيه هؤلاء الشباب بشدة. ويستشهد ستيفان في مقاله بتصريح لمحامي هؤلاء الشباب، الذي قال إنه "لا يجب أن تُحاكم السخرية باعتبارها جريمة". ويخلص الصحافي إلى القول: "ها هو المارشال الذي لم يعُد يعشق الصور ولا الأفلام، يبدو أنه فقد أيضاً حسّ الفكاهة".

أمّا صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية فقد كتبت، يوم الخميس، بقلم مراسلتها في القاهرة صوفي أنموث أن "التذمّر يتسع ضد الرئيس المصري". وتضيف في مقالها أنّ "ممرات وقاعات نقابة الصحافيين المصريين كانت حتى نهاية شهر إبريل/نيسان الماضي آخر معقل لحرية التعبير في القاهرة. لكن اقتحام الشرطة لهذا المقرّ، في بداية مايو/أيار، لاعتقال اثنين من صحافيي (مدير ومحرّر) موقع ينايير الإلكتروني (yanair.net)، سبّب الصدمة لدى الجسم الصحافي. وهو ما "تسبَّب في عقد تجمع عام، على الفور، وحضره جمهور من آلاف الأشخاص أصدروا توصية تطالب بإقالة وزير الداخلية المصري مجدي عبدالغفار، واعتذار من طرف رئيس الجمهورية".

وترى الصحافية الفرنسية أنّ السيسي "يبدو أنه فقد قسماً من مناصريه". وتتحدث الصحافية عن ظروف بالغة الصعوبة يعيشها الصحافيون المصريون المستقلون، "لأن الاعتراض على الخطاب الرسمي (حول التظاهرات والقمع البوليسي أو مكافحة المجموعات المسلحة في شمال سيناء) يعرّض صاحبه لتهمة القدح والتجريح وتهديد الوحدة الوطنية. وهو ما دفع ثمنه، الأسبوع الماضي، الصحافيان عمر بدر ومحمود السقا، بسبب انتقادهما، كما فعل كثيرون، الاتفاقية بين مصر والسعودية والتي بموجبها تم ضمّ جزيرتَي تيران وصنافير للمملكة. وهو موقف دفع كثيرين إلى اعتبار الأمر عملية بيع، بحسب المقال.

كما أن الأوساط الاقتصادية متذمرة من الركود الاقتصادي، والتوجيه الحكومي، ودعوات الحكومة المتكررة لتمويلها. لكن النظام المصري لا يتساهل في مثل هذه الأمور. فأرباب العمل المتمردون مهددون بتقويم جبائي، بل بزيارات بوليسية ليلية بدعوى البحث عن أسلحة. وهو ما حدث، العام الماضي، لرجل الأعمال صلاح دياب"، وفقاً للصحيفة ذاتها. لكن الشيء الأكثر إثارة لقلق المارشال السيسي، كما تقول مراسلة "ليبراسيون"، هو المتمثل في أنّ "قسماً من الطبقات الشعبية بدأ يتخلى عن السيسي بسبب انقضاء وهم الازدهار الاقتصادي، واستيائه من العنف البوليسي".