بغداد تختنق بتفجيرات "داعش" وبالمليشيات وبالعجز الحكومي

بغداد تختنق بتفجيرات "داعش" وبالمليشيات وبالعجز الحكومي

عثمان المختار (العربي الجديد)
عثمان المختار
صحافي عراقي متخصص بصحافة البيانات وتدقيق المعلومات. مدير مكتب "العربي الجديد" في العراق.
18 مايو 2016
+ الخط -
على وقع سلسلة الانفجارات شبه اليومية في أحياء العاصمة العراقية بغداد، في الكرخ والرصافة، التي تُخلّف مئات القتلى والجرحى، مع انتشار مليشيات "الحشد الشعبي" المدججة بمختلف أنواع الأسلحة، يعيش نحو ستة ملايين بغدادي حالة من القلق والترقب والخوف، في ظلّ تصريحات مسؤولين وسياسيين توقعوا وقوع مزيد من التفجيرات.

على الرغم من انتشار نحو 50 ألف عنصر أمن من الجيش والشرطة وأكثر من هذا العدد عناصر "الحشد الشعبي"، إلا أن هذا الانتشار لم يمنع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من التوغّل والوصول الى أكثر المناطق حصانة في بغداد، مثل مناطق الصدر والكاظمية والشعلة والشعب وغيرها. مع العلم أن التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة خلّفت خلال أسبوعين فقط، نحو 600 قتيل وجريح غالبيتهم مدنيون، بينهم نساء وأطفال، وفقاً لتقارير السلطات الأمنية والصحية العراقية.

وقد ضربت بغداد موجة تفجيرات جديدة، طاولت مناطق سكانية وأسواق شعبية، وأسفرت عن سقوط 200 قتيل وجريح غالبيتهم مدنيون، من بينهم نحو 30 طفلاً وامرأة. بذلك تكون بغداد قد تعرّضت لـ25 اعتداءً إرهابياً تبنّاها "داعش" في الأسبوعين الأخيرين، تتفاوت بين سيارة مفخخة وعبوة ناسفة وحزام ناسف وقصف بالقذائف الصاروخية. وكان أبرزها تفجير سوق مدينة الصدر، الذي خلّف نحو 200 قتيل وجريح، فضلاً عن الهجوم على مصنع الغاز، شمال العاصمة، بواسطة ثمانية انتحاريين، ومهاجمة مركز شرطة في غربها، واستهداف سبع أسواق ومناطق شعبية.

ووفقاً لمصادر طبية عراقية، فقد بلغت حصيلة ضحايا التفجيرات الجديدة، أمس الثلاثاء، 200 قتيل وجريح. وقد سقط الضحايا الجدد جراء تفجير سيارات عدة، واحدة في منطقة الرشيد، جنوب بغداد، أسفرت عن مقتل ستة مدنيين وجرح 21 آخرين، وأخرى في حي الشعب أسفرت عن مقتل 38 شخصاً بينهم 19 طفلاً وسيدة وجرح 71 آخرين، ثم انفجار ثالث في ضاحية الصدر، خلّف 11 قتيلاً و25 جريحاً. كما انفجرت عبوات ناسفة أخرى، في مناطق تماس القوات العراقية و"داعش" بمحيط بغداد من المحورين الغربي والشمالي لم يتم التوصل الى حصيلتها، بسبب إغلاقها بوجه الصحافيين.
كما لم يشفع انتشار قوات الجيش والشرطة وعشرات الآلاف من أفراد المليشيات في شوارع العاصمة، من إيقاف مسلسل الموت العراقي، بما يشبه رسالة واضحة من "داعش" بأنه قادر على الضرب والوصول لأي مكان يرغب فيه في العاصمة.

مع العلم أن مختلف التقارير تشير الى إنفاق حكومة حيدر العبادي 1.3 مليار دولار منذ مطلع العام الحالي على عمليات تأمين العاصمة، من بينها حفر الخنادق وإقامة الأسوار وشراء أجهزة الرصد والمراقبة وتطويع الجنود والإنفاق على المليشيات التي ترابط على حدودها.

وحول أسباب موجة التفجير، يكشف قائد رفيع في جهاز الاستخبارات العسكرية ببغداد لـ"العربي الجديد"، أن "خلايا تابعة لتنظيم داعش تمكنت من دخول العاصمة بشكل متفرق، ثم التجمع من جديد والبدء بالعمل المسلح".

ويضيف أن "معلومات مؤكدة لدينا تتحدث عن شراء داعش ذمم قيادات وعناصر أمن عراقية، مكّنته من الحصول على هويات وبطاقات مرور يتمكن من خلالها عناصره المرور من نقاط التفتيش والحواجز بسهولة". كما يشير إلى أن "التفجيرات التي حدثت سابقاً أو ستحدث، هدفها سياسي بالدرجة الأولى لدفع العراقيين الذين تعرضوا لتلك الاعتداءات، إلى الانتفاض ضد الحكومة. بالتالي فإن مسألة الخلافات السياسية داخل الأحزاب عامل كبير في حدوث التفجيرات والخروقات الأمنية لداعش".

من جانبه، يقول رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، حاكم الزاملي، لـ"العربي الجديد"، إن "التفجيرات هدفها الضغط على الجميع واستنزاف البلاد بشرياً ومادياً". ويردف الزاملي أن "العراق يمرّ بتحديات وهناك من يحاول تقويض عمل الدولة وخسارة داعش في عدد من مدن الأنبار، انعكست على بغداد، من خلال محاولته تعويض ذلك بتفجيرات كبيرة للفت الأنظار إليه".

كما يُبيّن أن "كل أجهزة الأمن تتحمّل المسؤولية، لأن الجميع منشغل بالفساد المالي والإداري وتوزيع المناصب، وكذلك بجباية الأموال من الشاحنات الداخلة إلى بغداد والخارجة منها. وهذا يدعم دخول داعش وتنفيذها الاعتداءات". ويضيف أنه "لا يوجد شعور بالمسؤولية، حتى الآن، من القائمين على ملف أمن العاصمة مع الأسف".

وعلى ما يبدو فإن جزءاً من مخططات "داعش" المفترضة قد تحقق (تأليب الشارع الشيعي على حكومة حيدر العبادي)، وهو ما أدى لخروج تجمّعات شبابية وأخرى دينية، مدعومة من أحزاب وحركات ومليشيات مختلفة، غالبيتها موالية لجناح نوري المالكي داخل التحالف، تطالب باستقالة العبادي أو إقالته.

مع العلم أن شخصيات مشاركة في التظاهرات تحاول أن تجمع تأييد تنظيم تظاهرات أوسع تطالب بإقالة العبادي، إلا أنها لم تلقَ تجاوباً كافياً من المواطنين، الخائفين أصلاً من انهيار الحكومة والبرلمان، اللذين سيتممان شهرهما الأول من دون عقد اجتماع رسمي كامل. وتنتاب العراقيين حالة خوف وقلق كبيرين، إذ بدت شوارع العاصمة على غير عادتها قليلة الحركة والمقاهي خالية من أغلب روادها بسبب مخاوف التفجيرات التي لا يبدو أنها ستتوقف قريباً.

ذات صلة

الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.
الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.

المساهمون