مصر تتجه لإغلاق ملف ريجيني بمحاكمة أقارب العصابة المتهمة

مصر تتجه لإغلاق ملف ريجيني بمحاكمة أقارب العصابة المتهمة

13 ابريل 2016
تتجاهل هذه الخطوة أية رواية مفترضة من إيطاليا (Getty)
+ الخط -
كلّف النائب العام المصري نبيل صادق، نيابة أمن الدولة العليا، المختصة بالتحقيق في القضايا ذات البعد الأمني عالي الخطورة والمرتبطة بالأوضاع السياسية والرأي العام، بمباشرة التحقيق مع أقارب أعضاء التشكيل العصابي المقتولين على يد الشرطة في 20 مارس/آذار الماضي، والذين اتهمتهم الشرطة بقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني وسرقة متعلقاته بين نهاية يناير/كانون الثاني وبداية فبراير/شباط الماضيين.
ويواجه أقارب أعضاء التشكيل العصابي، وعلى رأسهم شقيقة وشقيق أكبر أعضاء التشكيل المزعوم سناً طارق سعد عبدالفتاح، واسمهما رشا ومحمد، تهمة إخفاء أغراض ريجيني المسروقة ومتعلقات أخرى تخص أجانب آخرين، تزعم الشرطة أن هذه العصابة تخصصت في سرقة وقتل المواطنين الأجانب الموجودين في مصر، ولكن من دون ذكر أي حالة أخرى غير ريجيني.
وقال مصدر قضائي على صلة بفريق التحقيق المشكّل برئاسة النائب العام لمتابعة قضية ريجيني، إن خطوة إحالة هؤلاء المتهمين إلى نيابة أمن الدولة العليا "تمهّد لتقديمهم للمحاكمة العاجلة، وبالتالي تكريس رواية تورّط العصابة المكوّنة من 5 أشخاص في قتل ريجيني وسرقته، أو سرقته فقط بعد العثور عليه ميتاً في مكان ما، وهما الروايتان اللتان تطرحهما التحريات المقدّمة من الشرطة".
وأضاف المصدر أن "قرار النائب العام يعني سحب التحقيقات في واقعة قتل العصابة والعثور على المتعلقات، من نيابة القاهرة الجديدة، ونقلها إلى مستوى أعلى من التحقيق، بهدف إعداد قرار سريع باتهام أقارب أعضاء العصابة، وإضفاء السرية على تفاصيل التحقيق معهم، وذلك بعدما توصلت بعض وسائل الإعلام المصرية لعدد من الأقارب الأخيرين لأعضاء العصابة". وكانت ابنة عضو العصابة المقتول طارق عبدالفتاح، وهي أيضاً شقيقة المقتول سعد طارق وزوجة المقتول صلاح سيد، قد ذكرت في تصريحات صحافية أن المتعلقات المنسوبة لريجيني مملوكة للمتهمين أنفسهم، عدا بطاقات الهوية والتعريف الأكاديمي الخاصة بالقتيل الإيطالي.

وأكد المصدر أن "الخطوة التي أقدم عليها النائب العام تمضي على عكس الاتجاه الذي طلبه المحققون الإيطاليون خلال جلستي التباحث حول القضية في روما يومي الخميس والجمعة الماضيين، كما أنها تتجاهل تماماً أية رواية أخرى مفترضة من الطرف الإيطالي، مثل تورّط أجهزة أمنية أو أجهزة منظمة في عملية القتل".
وتخلو واقعة قتل أعضاء العصابة وإخفاء متعلقات ريجيني من أي شهود، وتستند النيابة في تحقيقاتها بالكامل على رواية الشرطة، بالإضافة لاعترافات رشا سعد التي ذكرت أن شقيقها كان يخفي عندها محصلات جرائم السرقات التي ارتكبها، واعترافات شقيقها الآخر محمد سعد بأن هذه المتعلقات حصيلة جرائم سرقة.
ووفقاً للمعلومات التي استشفتها نيابة الجيزة من تقرير الطب الشرعي عن الطالب القتيل، فإن عملية الخطف والتعذيب تبدو بعيدة تماماً عن أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة في السرقة أو قطع الطرق، وكان وصف الحالة أن الشاب تعرض لتعذيب احترافي لفترات طويلة لم يتحمّله جسده.
ويطرح التطور الذي طرأ على تصرفات النيابة سؤالاً عما إذا كانت سلطات التحقيق المصرية تمتلك الجرأة والثقة اللتين تُمكّنانها من إغلاق ملف حساس كقتل ريجيني، بتقديم أقارب أفراد عصابة متهمة بالسرقة للمحاكمة بتهمة المشاركة في إخفاء متعلقات ريجيني نفسه، مما قد يفتح باباً لا يوصد من الانتقادات الإيطالية والدولية، ولا سيما أن رواية الشرطة تقوم أساساً على اتهام أشخاص لقوا مصرعهم، ولم يعد من الممكن معرفة الحقيقة كاملة عنهم أو عن أنشطتهم.
وعلّق المصدر القضائي على هذا التساؤل ساخراً بالقول: "سيكون هذا الأمر بمثابة إغلاق قضية قتل راح ضحيتها العشرات بتقديم شخص واحد للمحاكمة بتهمة حيازة سلاح أبيض من دون ترخيص"، مضيفاً: "أعتقد أن الأسلوب الذي تعامل به الإيطاليون مع ممثلي النيابة المصرية في روما أثار حفيظتهم، خصوصاً بالإعلان عن قطع التعاون قبل مغادرتهم الأراضي الإيطالية، وقد يكون هذا الأمر هو ما دفع النائب العام للمضي قدماً في إجراءات بلورة الرواية المصرية، بغض النظر عن الاعتبارات الإيطالية".
ورأى مصدر دبلوماسي في ديوان وزارة الخارجية المصرية، أن هذه الخطوة "لا تصب في مصلحة مصر، خصوصاً مع تهديد إيطاليا بالتصعيد واتخاذ إجراءات على مستوى الاتحاد الأوروبي، وتلويح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإيطالي بوقف الرحلات السياحية الإيطالية، وصدور قرار فعلي بذلك من جمعية غير حكومية تنشط في مجال السياحة". وأضاف المصدر أن "تقديم أشخاص لا صلة لهم بالواقعة الأصلية ككبش فداء، أو الاكتفاء بتحويل رواية القتل من أجل السرقة إلى قضية فعلية وتقديمها للمحاكمة، سيثير غضب الإيطاليين، خصوصاً أنه لا توجد دلائل دامغة على تورط عصابة المقتولين في الواقعة الأصلية".

المساهمون