شهر ونيّف على البرلمان المصري: ديكور تشريعي لقرارات الرئاسة

شهر ونيّف على البرلمان المصري: ديكور تشريعي لقرارات الرئاسة

22 فبراير 2016
بدأ المجلس دورة انعقاده في 10 يناير الماضي (الأناضول)
+ الخط -
أربعون يوماً مرت على انعقاد البرلمان المصري، لم ينجز خلالها شيء ملموس، سوى تمرير القرارات بقوانين، تلك الصادرة في عهد الرئيس السابق، عدلي منصور، والحالي عبد الفتاح السيسي، في جلساته الأولى، ولم يبدأ بعد في مناقشة اللائحة الداخلية، أو تشكيل لجانه النوعية.

إجازة تلو إجازة، هذا حال مجلس النواب، الذي بدأ انعقاده في 10 يناير/كانون الثاني الماضي، ولم يعقد سوى عشرين جلسة في 14 يوم عمل، لتصل إجازات النواب بذلك إلى شهر كامل بحلول الجلسة العامة، الأحد المقبل، بعد إجازة أخيرة بلغت ثمانية أيام، عقب خطاب السيسي أمام المجلس.

وأوقف المجلس البثّ المباشر لجلساته على الهواء، في ثاني أيام عمله، بعد الأداء المتواضع الذي ظهر عليه نوابه. وبعدها، مرر المجلس خلال أيام معدودة 341 قراراً بقوانين صادرة عن رئيس الجمهورية في غياب البرلمان، ورفض في النهاية قانوناً وحيداً هو الخدمة المدنية.

ومنذ انتهاء المجلس من إقرار قوانين السلطة التنفيذية في جلسته المنعقدة في 21 يناير/كانون الثاني، لم يعقد سوى جلستين؛ في الأولى صوّت على المضابط السابقة للجلسات، فيما كانت الثانية خاصة لإلقاء السيسي بيانه أمام النواب، السبت الماضي.

اقرأ أيضاً: خطاب السيسي أمام البرلمان اليوم: توجيهات للنواب

تجاهل الحكومة رفض "الخدمة المدنية"

أما القانون الوحيد، الذي رفضه البرلمان استجابة للضغوط الشعبية، فهو "الخدمة الوطنية"، الذي تجاهلت الحكومة قرار إسقاطه، واعتبر وزراؤها أن القانون لا يزال سارياً، بدعوى عدم نشر قرار رفضه في الجريدة الرسمية من قبل رئيس الجمهورية، الذي عاتب النواب في وقت سابق على رفض القانون.

ويتجاهل كل من وزير الشؤون القانونية، مجدي العجاتي، ووزير التخطيط، أشرف العربي، قرار النواب يومياً عبر شاشات الفضائيات، مؤكدين أن رواتب العاملين في أجهزة الدولة تُصرف وفقاً لنصوص "الخدمة المدنية" حتى الآن. مع العلم بأن البرلمان أرسل للرئاسة خطاباً رسمياً تضمن قراره برفض القانون، ومذكرة بأسباب الرفض.

وقال عضو لجنة "العشرة"، التي وضعت الدستور، صلاح فوزي، لـ"العربي الجديد"، إن ما يحدث "التفافٌ من الحكومة على قرار البرلمان"، مؤكداً عدم دستورية استمرار العمل بمواد القانون الساقط، في ظل عدم وجود نص في الدستور يُلزم بنشر القوانين المُلغاة في الجريدة الرسمية.

وأضاف فوزي أن المادة 156 من الدستور نظمت القوانين الصادرة في غياب المجلس التشريعي، ونصَّتْ على أنه "في حال عدم إقرار المجلس لأي من القوانين، زال ما له بأثر رجعي، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك"، مما يؤكد أن القانون لاغٍ منذ يوم تصويت النواب عليه بالرفض.

وتقدم رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، محمد أنور السادات، بطلب لرئيس المجلس، علي عبد العال، لعقد جلسة عاجلة يُستجوب خلالها رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، بشأن استمرار الحكومة في العمل بالقانون "الذي حظي برفض كاسح من النواب".

وقال السادات، في طلبه، إن "استمرار العمل بالقانون مهزلة قانونية سافرة، وتجاوزٌ دستوري خطير، يهزّ صورة المجلس المنتخب من الشعب، ويحطم دولة المؤسسات، التي يحارب من أجل إرسائها، ويرسل بإشارة واضحة بأنه لا شيء تغيّر، وأن النواب المنتخبين لا قيمة لقراراتهم".

مباركة رئاسية

وقال السادات، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن تحايل الحكومة على قرار النواب لا يمكن أن يتم دون "مباركة رئاسية"، فالقانون ساقط منذ تصويت النواب بالرفض، مضيفاً أن ما يحدث سابقة دستورية خطيرة، تتطلب ما أسماه "انتفاضة من رئيس المجلس ونوابه في مواجهة تغوّل السلطة التنفيذية".

غير أن السيسي أعاد إحياء قانون تنظيم أوضاع العاملين في الجهاز الإداري بالدولة رقم 47 لعام 1978، والذي نص قانون "الخدمة المدنية" على إلغائه في مادته الثانية. جاء ذلك بعدما أصدر يوم الأربعاء، قراراً بتفويض رئيس الوزراء مباشرة بعض اختصاصات رئيس الجمهورية، المنصوص عليها في قانون نظام العاملين المدنيين في الدولة، في ما يتعلق بوظائف الدرجتين العليا والممتازة. وقانون الخدمة المدنية كان لا يسري على الموظفين الأخيرين.

ويعني قرار السيسي المؤرخ في 9 فبراير/شباط الجاري، سقوط قانون الخدمة المدنية في وقت متأخر، بعد رفضه من قبل مجلس النواب خلال فترة المراجعة الإلزامية للقرارات بقوانين، والتي صدرت في غيابه.

من جهة ثانية، يستغل النواب، التوقف البرلماني، في التقدّم لرئيس المجلس، بطلبات الإحاطة، والبيانات العاجلة، والاستجوابات الموجهة للحكومة، ووزرائها، ضمن وسائل الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية، دون النظر إليها، أو إدراجها على جدول أعمال الجلسات العامة بواسطة الأمانة العامة للمجلس.

ويقول نائب حزب "التجمع"، عبد الحميد كمال، لـ"العربي الجديد"، إنه تقدّم خلال الشهر الأول للانعقاد بخمسة استجوابات لأربعة من الوزراء، و12 بياناً عاجلاً، و20 طلب إحاطة، بشأن الفساد في المحليات، وأزمات المصانع المتوقفة، وتغليظ عقوبات الاعتداء على الأطباء، دون النظر بها في هيئة مكتب المجلس.

أعمال الرقابة "مُعطلة"

وقال مصدر مطلع في هيئة المكتب، لـ"العربي الجديد"، إنّ جميع وسائل الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية مُعطلة، وإنه لم يتم إخطار الوزارات والهيئات المعنية بطلبات النواب السابقة، بسبب عدم إقرار اللائحة الداخلية للمجلس، فضلاً عن عدم تشكيل اللجان النوعية، التي تُحال إليها الوسائل السابقة، وفقاً لتخصصاتها.

وبحسب وكيل المجلس، السيد محمود الشريف، فإن مصير تلك الوسائل مرتبط باستمرار الحكومة الحالية من عدمه، بعد عرض برنامجها على البرلمان في 27 فبراير/شباط الجاري، وتصويت الأعضاء عليه، موضحاً أنه في حال طرح الثقة في الحكومة "ستأخذ الوسائل السابقة مسارها، وستخطر كل الوزارات الموجه إليها طلبات الإحاطة والاستجوابات للحضور أمام المجلس".

انعقاد "الإصلاح التشريعي" مستمر

وفي ظل إجازات النواب المستمرة، تواصل لجنة الإصلاح التشريعي اجتماعاتها، في مقرّ البرلمان، لمناقشة عدد من القوانين، وفي مقدّمتها مكافحة الجرائم الإلكترونية، والثروة السمكية، وقانون العمل الجديد، بعد مطالبة السيسي باستمرار عمل اللجنة المعيّنة بقرار منه منتصف عام 2014.

وعقدت لجنة "الإصلاح التشريعي" اجتماعاً شمل أعضاء لجنتي التشريعات الإدارية والاقتصادية، المنبثقتين عنها، الثلاثاء الماضي، لمناقشة المسودة النهائية لقانون العمل، بحضور ممثلين عن وزارة القوى العاملة، والغرف التجارية، واتحاد الصناعات، وهيئة الاستثمار.

وقال النائب عن حزب "مستقبل وطن"، حسين أبو الوفا، إن استمرار انعقاد اللجنة الحكومية في مقر البرلمان "لا سند له في الدستور، أو لائحة المجلس الداخلية"، مضيفاً في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن عدداً من النواب سيتقدّمون بطلب لرئيس المجلس، لنقل أعمالها إلى مجلس الوزراء، عقب الانتهاء من إقرار اللائحة الجديدة، وتشكيل هيئات مكاتب اللجان النوعية.

المساهمون