سقوط الشدادي السورية.. تسليم وتسلّم بين "داعش" والوحدات الكردية؟

سقوط الشدادي السورية.. تسليم وتسلّم بين "داعش" والوحدات الكردية؟

21 فبراير 2016
عناصر من "قوات سورية الديمقراطية" (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
لم يكن يتوقع مراقبو المشهد السوري أن يتخلّى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عن أهم معاقله في جنوب محافظة الحسكة بهذه السهولة، إذ لم تكد تبدأ المعارك بينه وبين "قوات سورية الديمقراطية"، التي تضمّ خليطاً من فصائل كردية وتركمانية وعربية وتُشكّل الوحدات الكردية ثقلها الأساسي، حتى انتهت بانسحاب التنظيم من مدينة الشدادي، ودخول فصائل "قوات سورية الديمقراطية" إليها يوم الجمعة. مع العلم أن حركة نزوح كبرى، قد بدأت من المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 59 ألف نسمة، إثر سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" عليها، خشية من قيام الوحدات الكردية بـ"التنكيل بهم"، كما فعلت في كل المدن والبلدات والقرى التي سيطرت عليها في شمال وشمال شرق سورية، فهي متهمة من منظمات حقوقية دولية، منها منظمة "العفو الدولية"، بالقيام بعمليات تهجير قسري، وتطهير عرقي للعرب والتركمان.

سبق لـ"قوات سورية الديمقراطية" أن بدأت تقدمها نحو المدينة منذ أيام، تحت غطاء ناري مزدوج، من الطيران الروسي، وطيران التحالف الدولي، لتُنهي حقبة لم تطل، كانت فيها المدينة تحت سيطرة "داعش"، الذي انتزعها من الجيش السوري الحر في مايو/أيار من عام 2014، وفقاً للناشط الإعلامي عبدالله الأحمد.

كانت الشدادي، التي تقع جنوبي مدينة الحسكة بنحو 60 كيلومتراً، قد عانت من إهمال النظام لها طيلة عقود، وهي من أوائل مدن المحافظة التي خرجت عن سيطرته. يشير الأحمد في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "الجيش السوري الحر قدّم مئات الشهداء في سبيل تحرير البلدة في شباط/ فبراير من عام 2013".

يؤكد الأحمد أن "الوحدات الكردية (الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي)، تسعى لتنفيذ مخطط تغيير ديمغرافي كبير في المنطقة". يشير إلى أن "تلك الوحدات قامت أخيراً، وبموافقة النظام، بإسكان عناصرها القادمين من جبال قنديل على الحدود التركية العراقية، وإسكان الأيزيديين الذين جاؤوا من العراق في بيوت العرب، في أجزاء عدة من محافظة الحسكة". لا يستبعد الأحمد فكرة أنه "جرى تسليم المدينة للوحدات الكردية، التي تُعدّ حليفاً لقوات النظام (وفق ما أفادت بثينة شعبان مستشارة الرئيس بشار الأسد منذ أيام)".

اقرأ أيضاً: "سورية الديمقراطية" تعلن إطباقها الحصار على معقل "داعش" بالحسكة 

لا يختلف رأي الكاتب حمد شهاب الطلاع، عن الأحمد، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "سقوط الشدادي بيد الوحدات الكردية في هذا التوقيت بالذات، هو نتاج توافق أسدي ـ داعشي ـ كردي، على تقديم المزيد من الأوراق التفاوضية لنظام الأسد في الجوﻻت المقبلة من المفاوضات مع المعارضة السورية".

يضيف الطلاع، أنه "على المستوى الاستراتيجي فإن انسحاب تنظيم داعش من الشدادي لصالح الوحدات الكردية، هو عملية سباق مع الزمن من أجل رسم حدود التقسيم التي تعمل على إعدادها الولايات المتحدة للشرق الأوسط الجديد، قبل دخول قوات دولية من شأنها فرض وقف إطلاق النار، وتثبيت هذه الحدود".

يتوقع الطلاع، المنتمي لمحافظة الحسكة، أن "يتابع داعش تسليم المناطق التي لا يزال يفرض سيطرته عليها في جنوب الحسكة للقوات الكردية، حتى الحدود الإدارية لمحافظة الحسكة مع محافظة دير الزور، التي يسيطر التنظيم على ريفها وقسم من المدينة".

من جانبه، يُشدّد الكاتب السوري الكردي، جوان محمد، أن "مدينة الشدادي هي أرض سورية، ونحن الأكراد سوريون، ومن حقنا أن نحارب الإرهاب، أينما وُجد على الأراضي السورية"، وفق تعبيره. يتابع محمد، المقرّب من الوحدات الكردية، في حديث مع "العربي الجديد"، قائلاً إن "تنظيم داعش كان يستفيد من الحقول النفطية والغاز الموجود في تلك المنطقة، ليستفيد من مواردها في حربه على السوريين جميعاً، وليس على الأكراد وحدهم". يلفت إلى أن "مدينة الشدادي كانت نقطة ارتكاز للتنظيم بين الموصل العراقية، والرقة السورية في الإمدادات اللوجستية، والموارد المادية، والدعم البشري".

كما يرى أن "قوات سورية الديمقراطية تضيق الخناق على تنظيم داعش ضمن استراتيجية مدروسة، لتسهيل عملية تطهير جميع أراضي سورية منه". يؤكد محمد أن "انتزاع السيطرة على أهم معاقل التنظيم في محافظة الحسكة، يُشكّل خطوة باتجاه معقل التنظيم الأهم في شرق سورية، وهو محافظة الرقة". يضيف أنه "هناك استراتيجية عسكرية متبعة لا يمكن الكشف عنها".

يُشدّد محمد أيضاً أن "الوحدات الكردية لن تلجأ إلى أي عنف ضد المدنيين، ومن مصلحتنا أن تحيا المنطقة من جديد، وهذا لا يمكن إلا بفضل أهلها". يختم قائلاً إن "معظم المتورطين مع تنظيم داعش هربوا ليس فقط خوفاً من قوات سورية الديمقراطية، بل من أهل المنطقة التي أغرقها ببطشه".

يُذكر أن الشدادي ومحيطها يُعدّان من أهم المواقع الاقتصادية في شمال شرق سورية، وتضم أهم حقول الغار، وهو حقل الجبسة الاستراتيجي، كما تضم أراضي المدينة نحو 200 بئر نفطية، وفيها بوابة من العراق إلى سورية عبر معبر تل صفوق، وهذا ما يؤكد أهميتها الاستراتيجية، ويفسر إصرار الوحدات الكردية على انتزاع السيطرة عليها رغم أنها مدينة عربية خالصة، تقطنها عشائر عربية عريقة منها: الجواعنة، والجبور، والعكيدات، والمشاهدة، والبكارة، والبومعيش.

اقرأ أيضاً: حماية تركية لحصن المعارضة الأخير شمال حلب

المساهمون