دي ميستورا يتبنّى شروط موسكو ودمشق... وروسيا تهدد أميركا

دي ميستورا يتبنّى شروط موسكو ودمشق... وروسيا تهدد أميركا

07 أكتوبر 2016
ايرولت زار موسكو أمس ويصل واشنطن اليوم (فرانس برس)
+ الخط -
لا تزال أطراف دولية وإقليمية، تبذل جهوداً حثيثة من أجل تليين الموقف الروسي، ووضع حدّ لنزيف الدم السوري من جراء غارات المقاتلات الروسية، وتلك التابعة للنظام السوري. وفي الوقت الذي يحاول فيه النظام ممارسة حرب نفسية موازية، كان الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، يدلي بدلوه أمس الخميس، حول حلب، وذلك قبل زيارة مرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا يوم الاثنين، للقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان، تليها زيارة إلى فرنسا، للقاء الرئيس فرانسوا هولاند في 19 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. زيارة ستتضمن البحث في ملفي سورية وأوكرانيا، وفقاً لما ذكر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لنظيره الفرنسي، جان مارك أيرولت، أمس الخميس، وذلك في محاولة متجددة لروسيا، لربط الملفين السوري والأوكراني في سياق سياسة الابتزاز التي تمارسها، منذ ضمّها شبه جزيرة القرم، ربيع 2014، وتدخّلها العسكري في سورية، سبتمبر/أيلول 2015. يحصل ذلك على وقع المجازر المتلاحقة في سورية من جهة، وعلى تهديد مباشر روسي للأميركيين في حال وجّهوا ضربة إلى قوات النظام، من جهة ثانية.

وبدا دي ميستورا، أمس الخميس، وكأنه يتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية وباسم النظام في مؤتمر صحافي مخصص لحلب، من جنيف، وذلك حين ربط أزمة حلب بالرواية الروسية السورية عن وجود مسلّحي "جبهة فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً) فيها، ليصل به الحال حدّ تبني عرض الاستسلام أو الموت الذي تقدم به نظام الأسد لسكان حلب الذي ينص على انسحاب المقاتلين من الأحياء الشرقية، وتهجيرهم وإفساح المجال أمام احتلال النظام لها، وتغيير تركيبتها الديمغرافية على غرار ما حصل في داريا والزبداني والوعر وغيرهم. وفي هذا السياق، دعا دي ميستورا مقاتلي "النصرة" للخروج من أحياء حلب الشرقية كي لا يقوم الطيران الروسي، ومقاتلات النظام بـ"تدمير هذه الأحياء خلال ثلاثة أشهر، وقتل نحو 300 ألف مدني إذا استمر معدل القصف الحالي"، قبل أن يعرض مرافقة الأمم المتحدة لمقاتلي "جبهة فتح الشام" إلى إدلب "في حال قرروا الخروج". ولكنه أكد أنه "غير مخوّل بإعطاء ضمانات لهم، بعدم استهدافهم أثناء خروجهم". وقد تكون وكالات أنباء عالمية، شأن "رويترز"، التقطت سريعاً ما يرغب دي ميستورا بقوله عنه، فعنونت خبرها "مبعوث الأمم المتحدة يجازف بحياته من أجل السلام في حلب"، على خلفية عرضه بأن يواكب انسحاب المقاتلين، والذين قال إن عددهم تسعمئة من حلب، لإنقاذ المدينة، وهو بذلك أيضاً يكون قد تحدث باسم النظام والروس في ربط جريمة الإبادة بـ"التنظيمات الإرهابية".



وذكر دي ميستورا أن "هناك 900 مقاتل تابع لجبهة فتح الشام في شرق حلب، من بين 8 آلاف مقاتل تابعين للمعارضة السورية"، ليظهر وكأنه تلقى معلوماته من وزارة الدفاع الروسية. ولفت إلى أنه "لا محادثات لنا مع جبهة النصرة، ولكن أطالبها بعدم ربط مصير الـ275 ألفاً بالإصرار على وجودها شرقي حلب". وقال: "لن نقبل أن تقع مجازر في شرق حلب تشبه رواندا (1994) ومدينة سربرنيتسا (في البوسنة عام 1995)". وردّت المعارضة على دي ميستورا بطلبها "ضمانات فورية من الأمم المتحدة لوقف القصف على حلب". وفي أول ردّ روسي على مبادرة دي ميستورا، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن "موسكو تؤيد مبادرة دي ميستورا هذه، وتعتقد أن الوقت قد حان للإقدام على هذه الخطوة"، في موقف يوضح أيضاً مدى التقارب بين أفكار دي ميستورا، وجدول أعمال القيادة الروسية.

في هذا الإطار، قال لافروف في مؤتمر صحافي، مع أيرولت، في موسكو، أمس، إن "الجانب الأميركي وحلفاءه لا يمكنهم ضمان التفرقة بين المعارضة السورية المعتدلة والإرهابيين في هذه المرحلة". وأضاف أن "روسيا مستعدة للعمل على مشروع القرار الفرنسي بخصوص سورية". مع العلم أن أيرولت، يزور واشنطن، اليوم الجمعة، لاستكمال مشاوراته في شأن إصدار مجلس الأمن، قراراً يقضي بفرض وقف إطلاق النار في سورية. واعتبر الوزير الفرنسي أن "الحلّ في حلب يجب أن يتضمن الوقف الفوري للضربات الجوية وإيصال المساعدات"، مشدّداً على أن "القصف الأعمى على حلب يسهم في خلق جهاديين جدد". وتوجّه إلى لافروف قائلاً "لا شيء يبرّر حمم النار التي تتساقط على حلب".

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، على لسان المتحدث باسمها، اللواء إيغور كوناشينكوف، أمس، أن "أية غارات على الأراضي الخاضعة لسيطرة النظام تعتبر تهديداً للعسكريين الروس"، كاشفة أنه "بعد استهداف واشنطن لقوات النظام في دير الزور (الشهر الماضي) اتخذنا تدابير لحماية الجنود الروس". وهددت الوزارة الأميركيين قائلة إن "على واشنطن أن تدرك أن دفاعاتنا لن يكون لديها وقت لمعرفة مطلق الصواريخ". وشدّدت على أن "منظومات إس 400 وإس 300 ستشكل مفاجأة لأية أهداف طائرة"، منوهّة إلى أن "قوات النظام تمتلك منظومات إس 200، وبوك" في تهديد يكاد يكون مباشراً وبلا رد أميركي.

ولم تكتفِ روسيا، بذلك، إذ تم الإعلان أمس، نقلاً عن متحدث باسم أسطول البحر الأسود الروسي، الذي توجد قاعدته في سيفاستوبول في القرم، قوله إن "طراد صواريخ روسياً (ميراج) غادر القاعدة متجهاً للانضمام إلى مجموعة من السفن الحربية الروسية في البحر المتوسط". وانضم الطراد "ميراج" المزود بصواريخ "مالاخيت"، إلى المدمّرتين "سيربوخوف" و"زيليوني"، في البحر المتوسط.

كما دلّت المؤشرات إلى أن النظام، وحليفيه الروسي والإيراني، ماضون في الحسم العسكري في حلب، وذلك بعد إعلان قوات النظام، يوم الأربعاء، أنهم "منحوا فرصة للمسلحين في أحياء حلب الشرقية لإلقاء السلاح، والمغادرة مع عائلاتهم". وأكدت قوات النظام في بيان أنها "قطعت جميع خطوط الإمداد عن المسلحين"، وأن لديها "معلومات دقيقة عن أماكن تواجد مقرات المسلحين، ومستودعاتهم، وأماكن تمركزهم في الأحياء الشرقية لحلب.

ويعلّق مراقبون آمالاً على اللقاء المرتقب بين أردوغان، وبوتين، يوم الاثنين، في إسطنبول للاقتراب أكثر من إمكانية تحقيق انفراجة، والعودة إلى طاولة المفاوضات، والشروع في جولة تفاوض جديدة بين المعارضة والنظام.

بدوره، رأى سفير الائتلاف الوطني السوري في العاصمة الإيطالية روما، بسام العمادي، أن "الرئيس الروسي بدأ يبحث عن مخرج"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن "بوتين يريد الخروج من المستنقع السوري، عندما رأى أن واشنطن مستمرة في توريطه". ولفت إلى أن "بوتين يظن أن واشنطن لها مصلحة في إنهاء المشكلة في سورية، لذلك يتشدد، ويعطيها فرصة لإغراقه أكثر". وأبدى اعتقاده بأن "الولايات المتحدة وروسيا لا تريدان مواجهة حقيقية في سورية". وأعرب عن اقتناعه بأنه "لو قامت الولايات المتحدة بعمل حقيقي، فسنرى تراجعاً فورياً من روسيا، كونها مدركة بأنها غير قادرة اقتصادياً، وعسكرياً على مواجهة الأميركيين وحلفائهم". من جهتها، تعقد الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، اجتماعات في مقرها في العاصمة السعودية الرياض، أيام السبت، والأحد، والاثنين المقبلة، لتدارس تطورات حلب.




المساهمون