قلق من حزب "ديمقراطيي السويد": جذور نازية وارتباط بروسيا

قلق من حزب "ديمقراطيي السويد": جذور نازية وارتباط بروسيا

12 أكتوبر 2016
أعضاء في "ديمقراطيي السويد" يدعمون روسيا (هنريك مونتغومري/فرانس برس)
+ الخط -

أحدثت تصريحات رئيس وزراء السويد، ستيفان لوفين حول الجذور النازية لحزب "ديمقراطيي السويد" جدلاً سياسياً وقانونياً دفع برئيس الحزب، جيمي أوكسون إلى طلب تقديم لوفين إلى المحكمة الدستورية. وكان لوفين، اجتماعي ديمقراطي، قال في ندوة تلفزيونية مساء السبت، شملت قادة الأحزاب، حول ما ستؤول إليه السويد بعد انتخابات 2018، إن حزب "ديمقراطيي السويد عنصري بجذور نازية". ويبدو أن حمى التنافس على الناخب السويدي تصاعدت، منذ أن أصبح الحزب المعادي للأجانب والمهاجرين جزءا من الخارطة السياسية السويدية بحصوله على حوالي 23 في المائة من مجموع الأصوات في الانتخابات البرلمانية في العام 2014.

وأعادت تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة إلى الواجهة الجدل حول التوجهات اليمينية في صفوف هذا الحزب، بعد جملة من الاقتراحات البرلمانية والسياسية التي تصب في مجملها في التأكيد على "رفض التعددية الثقافية والعرقية في البلاد". وكانت الصحافة المحلية قد كشفت، خلال العامين الماضيين، عن التوجهات النازية لعدد من أعضاء الحزب، ما اضطر بعضهم إلى الاستقالة. ورغم ذلك ما تزال شبهة "العلاقة بالحركة النازية" مسلطة على قياداته، رغم النفي الدائم لتلك الشبهة من قبلهم.

وأكد لوفين في الندوة أن حكومته "لا يمكنها أبداً الاعتماد على أصوات هذا الحزب العنصري". تصريح أثار جدلاً وردود فعل قاسية، لكنها في الوقت ذاته تعبر عن أزمة يعيشها حزب "ديمقراطيي السويد" الذي تراجعت شعبيته إلى حوالى 20 في المائة إثر "فضائح سياسية" أبرزتها الصحافة المحلية. ومن بين تلك "الفضائح" التوجهات النازية ومعاداة صريحة لليهود عند بعض شخصياته النافذة، بالإضافة إلى اضطرار إيغور بوتيلوف، وهو مهاجر من أصل روسي وصل السويد العام 2007 وتحول سريعاً إلى شخصية مؤثرة، إلى ترك الحزب بسبب "تزوير واستغلال نفوذ لتسيير مصالح وأعمال لرجال أعمال روس مشبوهين وبخلفيات جنائية"، وفقا لما ذكرته صحيفة "سفنسكا داغبلاديت" أواخر سبتمبر/أيلول الماضي. وفي ذات السياق، كان بوتيلوف، وعلى عكس الشفافية ومكافحة الفساد في السويد، قد استغل منصبه ليفتح قاعات في البرلمان من أجل اجتماعات هؤلاء، ما اعتبره البعض "تهديداً للأمن القومي".

وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي، التي نشرتها صحيفة "أفتون بلاديت" عن تراجع تأييد حزب "ديمقراطيي السويد"، من 23 إلى 20 في المائة، منذ فبراير/شباط الماضي، رأى الباحث في جامعة لوند السويدية، أندرس سانرستيت أن "الكتلة الصلبة بين الناخبين، التي تؤيد هذا الحزب لن تتراجع، استناداً إلى سياساته المتعلقة برفض المهاجرين تحديدا". لكن سياسات الحزب، سواء تعلق الأمر بتوجهات نازية لأعضاء فيه أو خطابه العنصري الصادم أو في الشبهة الجنائية لعمليات تجارية، لا تزال تشكل صداعاً لساسة وأمنيي السويد. فالعلاقة "الغريبة التي تربط هذا اليمين المتطرف بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هي مثار قلق كبير"، بحسب ما يذهب إليه الباحث السياسي في مجال الأحزاب اليمينية المتطرفة من جامعة وسط السويد، نيكولاس بولين. ووفقاً لبولين فإن التهديدات الروسية المتكررة منذ سنوات "لم تجعل ديمقراطيي السويد أقل ارتباطاً ببوتين، وهذا يطرح أسئلة جدية عن الحزب، فهم يتحدثون بشيء في البلد وبآخر خارجه".

ويذهب مراقبون ومختصون في سياسات اليمين المتشدد إلى ملاحظة كيف "يتصرف هؤلاء في البرلمان الأوروبي دعماً لروسيا ضد مصالح بلادهم". وبالرغم من أن "ديمقراطيي السويد" يقدمون رؤية متوافقة مع ما تطرحه وزيرة الخارجية مارغوت فالستروم في نقاشات البرلمان الوطني عن "العدوانية الروسية"، فإن ذات الحزب، عبر أعضاء يمثلونه في البرلمان الأوروبي، يتخذ خطاً أقرب إلى "صداقة مع روسيا، وهم يصوتون فيه كما لو أن فلاديمير بوتين سيفعل لو كان له ممثلون في البرلمان الأوروبي"، وفقاً لما تقوله زعيمة حزب الوسط، آنا لوف. وذهبت لوف إلى اتهام صريح للحزب، بشأن روسيا، بأنه "حزب يتحدث بلسان متشعب".
ويبدو أن الجدل حول توجهات الحزب القومية المتطرفة، واتهامه بجذور نازية، لم يعد يتعلق بالسياسات الداخلية لحزب "ديمقراطيي السويد"، بل يثير قلقاً متزايداً، حتى عند يمين الوسط، في علاقاته الخارجية المتشعبة أسوة بأحزاب اليمين المتطرف الأوروبية، التي لا تخفي إعجابها ببوتين. وبدأت روابط اليمين المتطرف المعادي للاجئين والمهاجرين في الاتحاد الأوروبي بموسكو تثير أسئلة كثيرة على الساحة الأوروبية. ولا يخفي ساسة روسيا إعجابهم بهؤلاء، مثلما لم يخف بوتين إعجابه بالمرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب. زعيمة حزب الجبهة الوطنية في فرنسا مارين لوبين زارت بوتين في موسكو عدة مرات، وحصول حزبها على قرض بقيمة حوالي 10 ملايين يورو من بنك تشيكي روسي بات مثار نقاش حول التمويل.

وما ينطبق على السويد وفرنسا وألمانيا ينطبق على أحزاب وحركات التطرف في اليونان وإيطاليا. ويسمي الباحثون هذه التحركات الروسية "محاولات اختراق". وتركز أجهزة أمنية، من استخبارات مدنية وعسكرية، وفي مجالات مكافحة التجسس الصناعي والإلكتروني، منذ أعوام على "محاولات روسيا بث دعاية" تجعل العلاقة مع اليمين المتطرف "بديلاً عن العلاقات الرسمية مع الحكومات". ووفقا لما يصدر عن الاستخبارات السويدية "سابو" فإن العملاء الروس يقومون بجهود حثيثة لنشر معلومات مضللة عن عضوية السويد المحتملة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مع مراقبة لصيقة لبعض الشخصيات التي تم الكشف عن اختراقها لمبنى البرلمان السويدي، كما في حالة رجلي أعمال من أصل روسي في حزب "ديمقراطيي السويد". واتهم جهاز الأمن العسكري السويدي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي رجل الأعمال من أصل روسي ألكسندر فريدباك (صاحب الصلات الوثيقة باليمين المتطرف والمدعوم من بوتين) بأنه "يبث دعاية روسية مضللة ويشكل خطراً على الأمن في البرلمان السويدي" بسبب دخوله إليه من خلال حزب "ديمقراطيي السويد". وما يصدر من تسريبات في الإذاعة السويدية والصحف في إستوكهولم يقدم صورة عن حجم المحاولات الروسية التي تسعى إلى "اختراق إلكتروني". ووفقا لما يقول عضو لجنة الشؤون الأمنية في البرلمان السويدي، هانس فالمارك، لوكالة الأنباء الوطنية، فإن "تلك المحاولات الروسية لم تتوقف عن اختراقنا وتمويل الحركات اليمينية المتطرفة مثلما يفعلون في دول أوروبية أخرى. هناك تهديد روسي حقيقي ضدنا، والأحزاب البرلمانية أيضاً تتعرض لتك التهديدات".