وزارة الأمن الداخلي الأميركية... فشل وغياب الفعالية

وزارة الأمن الداخلي الأميركية... فشل وغياب الفعالية

24 يناير 2016
الهدف من تأسيس الوزارة مكافحة الإرهاب (Getty)
+ الخط -


لم تنجح وزارة الأمن الداخلي الأميركية، التي استُحدثت بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، في تحقيق الأهداف المطلوبة منها، على الرغم من أنه تم خلال الأعوام التالية لتأسيس الوزارة، إنفاق ما يزيد على الخمسين مليار دولار على برامج مكافحة الإرهاب، فيما تم إنفاق 170 مليار دولار على برامج مواجهة الكوارث الطبيعية.

وأظهرت التحقيقات السنوية التي يجريها الكونغرس بشأن أعمال الوزارة، أن تشكيلها كان باهظ التكاليف وخلق مشكلات جديدة أكثر مما قدّم حلولاً للمشكلات القديمة. ورأت تقارير أخرى أن المجالات التي كانت تحتاج لأكبر قدر من التطوير، تتعلق بمشاكل التنسيق التي أُنشئت الوزارة خصيصاً لحلها، وهي مشاكل لم تلتفت الوزارة إليها بل أصبحت مجرد وكالة أمنية جديدة إلى جانب الوكالات الموجودة فعلاً والتي كانت إلى درجة من النفوذ بحيث حمت نفسها من الخضوع إدارياً لوزارة الأمن الداخلي. ويقول منتقدو تشكيل الوزارة إن أوضاع الدوائر التي انتقلت إلى سلطتها أصبحت اسوأ مما كانت عليه قبل إنشاء الوزارة.

هذه الوزارة ضمت العديد من الدوائر التي لم يكن يجمعها شيء، كدائرة حماية الحيوانات والنباتات، ودائرة الهجرة، وسلطة الجمارك، ومركز الحرب البيولوجية، إضافة إلى الشرطة السرية الأميركية، ودائرة الكوارث الطبيعية، وشرطة خفر السواحل، ودائرة الجنسية، ودائرة الأمراض الوبائية، والأمن النووي.

ويعمل في وزارة الأمن الداخلي أكثر من 240 ألف موظف، وتأتي في المرتبة الثالثة بعد وزارة الدفاع ووزارة شؤون المحاربين القدماء من حيث الحجم، ولكن هذا العدد الضخم من البشر لم يجرِ توظيفهم بعد استحداث الوزارة، فقد كانوا أصلاً من منتسبي الحكومة الفدرالية ضمن 22 وكالة فدرالية أعلنت إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن عن دمجها في الحادي والعشرين من يناير/كانون الثاني 2003 لتشكيل الوزارة التي صدر قرار استحداثها بعد 11 يوماً فقط من هجمات سبتمبر/أيلول 2001، ولم ترَ النور فعلياً إلا في 21 يناير/كانون الثاني 2003.

اقرأ أيضاً: مساعي الإدارة الأميركية لإغلاق غوانتنامو تصطدم بعقدة السجناء اليمنيّين

أما قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، فلم تكن فكرة تأسيس وزارة للأمن الداخلي قد طُرحت، على الرغم من وجود وزارة للداخلية تُعنى بشؤون الحدائق العامة والبيئة والممتلكات الفدرالية العامة، ولا علاقة لها إطلاقاُ بالأعمال المتعارف عليها لوزارات الداخلية في العالم الثالث. ويروي أحد قدماء المترجمين في البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي استقبل زعيماً عربياً في عام 1963، وعندما تطرقت المباحثات لموضوع أمني مشترك، اقترح الزعيم العربي إحالة الموضوع لوزيري الداخلية في البلدين لاستكمال البت فيه، وهو ما أثار استغراب كينيدي في البداية متسائلاً عن علاقة وزير داخليته بقضية أمنية. وسرعان ما وافق كينيدي بسرعة على اقتراح الضيف، مضيفاً تعديلاً طفيفاً هو أن وزير العدل الأميركي وليس وزير الداخلية سيمثّل بلاده في الاجتماع المقترح، فانتقلت الدهشة من كينيدي إلى الزعيم الزائر الذي لم يدرك ما علاقة وزير العدل بالقضية، فأوضح له كينيدي أن مكتب التحقيقات الفدرالية (إف بي آي) هو الجهة الأمنية المباشرة المعنية بالموضوع، ولكنه يتبع إدارياً لوزارة العدل وليس الداخلية.

وعندما وافق الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2002 على مشروع تشكيل وزارة الأمن الداخلي، نجا مكتب التحقيقات الفدرالية بنفسه من مغامرة الانتقال إلى وزارة ناشئة، وظل مرتبطاً بوزارة العدل. في حين أن كبش الفداء الذي قدّمته الوزارة كان دائرة الهجرة والتجنيس وتوابعها التي فقدتها وزارة العدل لصالح الوزارة الجديدة، ومنذ ذلك الحين أصبح التعامل مع المهاجر في الولايات المتحدة يتم من منظور الأمن، وليس من زاوية العدل.

ولم تكن وزارة العدل هي الوزارة الوحيدة التي فُرض عليها التنازل عن إحدى دوائرها المهمة للوزارة الجديدة، بل شملت القائمة وزارة الزراعة التي تنازلت عن دائرة الصحة الحيوانية والنباتية، ووزارة النقل التي خسرت شرطة خفر السواحل وشرطة أمن المطارات، كما انتقلت مسؤولية الشرطة السرية ومكافحة تزييف العملات من وزارة المالية إلى وزارة الأمن الداخلي، وانتقل برنامج مكافحة الأوبئة من وزارة الصحة إلى وزارة الأمن الداخلي. أما وزارة الطاقة فقد تنازلت عن مركز الحوادث النووية لوزارة الأمن الداخلي، كما ساهمت وزارة الدفاع بالتنازل عن مركز الحرب البيولوجية. وتنازل كذلك مكتب التحقيقات الفدرالية عن بعض مسؤولياته الثانوية للوزارة الجديدة بحكم أن الهدف من تأسيسها هو مكافحة الإرهاب وحفظ أمن البلاد.

اقرأ أيضاً: تفوق مفاجئ للمرشح بيرني ساندرز على هيلاري كلينتون