انشقاق "نداء تونس" يُعيد تشكيل المشهد البرلماني

انشقاق "نداء تونس" يُعيد تشكيل المشهد البرلماني

21 يناير 2016
فقدت كتلة "نداء تونس" 22 نائباً في البرلمان(أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -

يُفترض، على المستوى القانوني، أن يؤدي انقسام كتلة "نداء تونس" الى إحداث تغييرات في المشهد البرلماني، خصوصاً بعدما فقدت، مبدئياً، أسبقيتها لصالح كتلة حركة "النهضة". ويتطلع كثيرون لمعرفة وضع كتلة "النداء" مستقبلاً في البرلمان، لاسيما وأنها اختارت عند انطلاق أعماله رئاسة اللجان الحساسة والسياسية التي ستمكنها من الحكم. 

اقرأ أيضاً: توالي مبادرات السبسي لحل أزمة النداء ولقاء مرتقب بمرزوق

 ومع إقرار قانونية تشكيل "الكتلة الحرة" (التي كونها المستقيلون من النداء والموالون لمحسن مرزوق)، فقدت كتلة "نداء تونس" 22 نائباً في البرلمان، يُضاف إليها استقالات أخرى قدّمت منذ أسبوع احتجاجاً على مجريات مؤتمر سوسة (9 و10 يناير/ كانون الثاني)، وإعلان النائبتين ليلى الشتاوي وزهرة إدريس تجميد عضويتهما من الكتلة أول من أمس، إلى حين حلّ الإشكال جذرياً في "نداء تونس". 

ومع انقسام "النداء"، باتت كتلة حركة "النهضة" تتصدر المشهد البرلماني بـ69 نائباً، مقابل 64 لكتلة "نداء تونس" و22 للكتلة الحرة، و15 لحزب "الاتحاد الوطني الحر"، الذي سجل بدوره، استقالة نائب رئيس كتلته نهاية الأسبوع الماضي. تليهم كتلة "الجبهة الشعبية" المعارضة بـ15 مقعداً، وكتلة "آفاق تونس" بـ10 نواب والكتلة "الديمقراطية الاجتماعية" بـ10 نواب. ويندرج العدد المتبقي من النواب في خانة غير المنتمين لكتل. 

ويجيز النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، لصاحب أكبر عدد من المقاعد الحق في اختيار اللجان التي يريد رئاستها. وتحوز الكتلة الأكبر عدداً، على رئاسة عدد من اللجان وفق قاعدة التمثيل النسبي (رئاسة لجنة عن كل 10 نواب)، وهو ما أتاح لكتلة "نداء تونس" سابقاً رئاسة اللجان السياسية والحساسة. وسهل لها هذا الأمر في الوقت نفسه تمرير مشاريع القوانين التي تطلبها الحكومة بسلاسة، من جهة، والتأثير على سير النقاش بما يتلاءم وتوجهات كتلة "النداء" واختياراتها، من جهة ثانية. 

وعلى إثر انقسام كتلة النداء، توجهت الأنظار نحو إعادة ترتيب رئاسة اللجان، خصوصاً وأن بعضها لم يعد قادراً على عقد اجتماعاته نظراً للخلافات بين رؤسائها السابقين والموالين لمحسن مرزوق، وبين النواب من الشق المقابل. وتوقع كثيرون أن تقفز حركة "النهضة" إلى صلب المشهد البرلماني من جديد، إلا أنها خالفت هذه التوقعات. 

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أكد رئيس كتلة حركة "النهضة" نورالدين البحيري، أن الحركة لا تفكر مطلقاً في هذه المسائل في ظل الوضع المتأزم، وتفاقم المسؤوليات على عاتق البرلمان، وارتفاع سقف تطلعات الناخبين والمواطنين وانتظاراتهم. 

وأوضح البحيري أن الناخبين التونسيين اختاروا ترتيباً محدداً للقوى السياسية في البلاد خلال الاستحقاق الانتخابي الماضي، احتلت خلاله حركة "النهضة" المرتبة الثانية وقبلت بنتائجه، ولذلك فإنها لن تتحايل على الشارع التونسي وتعود كي تتصدر الترتيب إثر ما حصل في حزب "نداء تونس" من انشقاقات. ورأى أنه من المهم لدى حركة "النهضة" أن تحافظ على التوازن السياسي القائم حالياً. 

وقال البحيري، إنه من السابق لأوانه الحديث عن إعادة الترتيب، وإعادة توزيع رئاسة اللجان والأدوار في مكاتبها، والحركة لا تُعطي اهتماماً كبيراً لهذه المسألة، على الرغم من كونها تشغل بال نواب آخرين، ولو أرادت "النهضة" أن تتعامل بمنطق الترتيب حسب التمثيلية البرلمانية لما رضيت بعدد الوزارات الرمزي الذي أُسند إليها في التشكيل الحكومي، وهي غير مستعدة لتبذير الوقت في الصراع حول جزئيات متعلقة بتوزيع المسؤوليات، على حدّ تعبيره.

غير أن المسألة تؤرق كتلة "نداء تونس"، ولا يزال رئيسها مصرّاً على أن كتلته تتصدر المشهد النيابي، وقال الفاضل بن عمران لـ"العربي الجديد" إن الكتلة ستحافظ على نفس التركيبة والمسؤوليات التي حازت عليها عند انطلاق أشغال البرلمان. 

من جهة ثانية، يحاول "النداء" تسريع التحالف الجديد مع حزب "الاتحاد الوطني الحرّ" لضم نوابه الى كتلته المنقسمة، حفاظاً على ميزان القوى داخل البرلمان، وكي لا يكون "تحت رحمة "النهضة"، وبهدف عدم تغيير التقسيمات داخل البرلمان"، بحسب تعبير قيادي لـ"العربي الجديد"، فضل عدم نشر اسمه.

في المقابل، ترى الكتلة "الحرة" المنشقة عن "النداء"، أن لها من الحقوق في المسؤوليات داخل البرلمان ما لبقية الكتل الكبيرة من حقوق على اعتبار أنها ثالث مجموعة من حيث عدد النواب. وقال النائب في هذه الكتلة عبادة الكافي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما لهذه الكتلة من حقوق سوف تحصل عليها، وذلك طبق القانون، وليس منّة من أي طرف آخر". وأصر على رفض ما تسوّقه أطراف أخرى داخل البرلمان بالحديث عن تنازلها عن بعض المواقع في إطار الحفاظ على التوازن، ملمحاً لما يروج داخل المجلس حول تنازل حركة "النهضة" على إعادة توزيع المسؤوليات حفاظاً على التوازن. 

ويتوقع أن تشهد الأيام المقبلة نقاشاً حاداً حول المسؤوليات في لجان البرلمان، خصوصاً مع تعطل عمل عدد من اللجان بانتظار إعادة تنصيب مكاتب جديدة لها (رئيس ونائبين ومقررين).

اقرأ أيضاً: انشقاقات الأحزاب التونسية منذ الثورة: تحالفات من ورق

المساهمون