اتفاق الزبداني... قوة المعارضة وضعف النظام والقرار لإيران

اتفاق الزبداني... قوة المعارضة وضعف النظام والقرار لإيران

26 سبتمبر 2015
يشمل الاتفاق وقف العمليات العسكرية في مناطق التهدئة(عبدالرحمن سعيد/الأناضول)
+ الخط -
يرى مراقبون أنّ الاتفاق النهائي الذي توصّل إليه "جيش الفتح" من جهة وإيران التي تفاوض بديلاً عن النظام السوري من جهة ثانية، حول الزبداني في ريف دمشق الغربي، فضلاً عن كفريا والفوعة في ريف إدلب الشمالي، يصبّ في مصلحة فصائل المعارضة على الصعيدين الميداني والإنساني، وهو ما دفع رئيس مركز الدعاة، القيادي في "جبهة النصرة"، عبد الله المحسيني إلى وصفه بـ "النصر التاريخي". لكنّ هؤلاء المراقبين لم ينفوا في الوقت عينه احتمال أن يتمكن النظام من استغلال الاتفاق لمصلحته، وتحديداً على صعيد تقسيم المناطق، إذا ما أخفقت المعارضة في الدفاع عن مناطق سيطرتها.

وعلى الرغم من أنّ بنود الاتفاق النهائي الذي تمّ التوصل إليه لمدة ستة أشهر، لم تحمل أسماء الموقعين، إلا أن البيان الرسمي الذي يفترض أن يصدر اليوم السبت، بحسب ما ذكر المسؤول الإعلامي في حركة أحرار الشام الإسلامية، أبو اليزيد تفتناز، واطلعت عليه "العربي الجديد"، يكشف العديد من البنود. وبحسب ما علمته "العربي الجديد" من مصادر عدة في المعارضة السورية، هو اتفاق على مرحلتين لستة أشهر: يتم البدء، قبل كل شيء، بوقف كامل للعمليات العسكرية وإطلاق النار من داخل مناطق التهدئة إلى خارجها والعكس، فضلاً عن وقف تحليق الطيران الحربي والمروحي، بما في ذلك إلقاء المساعدات من الطيران المروحي للفوعة وكفريا، والتوقف عن تحصين الدشم والمقرات على الخط الأول من الجبهات. كما يشمل الاتفاق وقف أي تقدم في المناطق الفاصلة على خطوط التماس.

وتشير المصادر نفسها إلى أنّ المرحلة الأولى، تبدأ بانسحاب مقاتلي المعارضة مع عائلاتهم باتجاه إدلب، مقابل خروج معظم المدنيين في الفوعة وكفريا، بضمان وإشراف وحضور الأمم المتحدة، لتبدأ بعدها المرحلة الثانية من خلال إجلاء ما تبقى من مدنيين ومقاتلين في الفوعة وكفريا، مقابل خروج فصائل المعارضة من مضايا ووادي بردى، وإطلاق سراح 500 معتقل ومعتقلة من سجون النظام السوري، على أن يرتبط تنفيذ المرحلة الثانية بنجاح المرحلة الأولى.

وكان المحسيني، القيادي في جبهة "النصرة"، قد أوضح خلال لقاء مع "مركز دعاة الجهاد"، أخيراً، أنّه "في الجولة الأولى، رضخ المفاوض الإيراني للمفاوضات، وقال تخرجون كامل من هم في الفوعة، ونخرج لكم كامل من هم في الزبداني. الرجال بالرجال. ورفضنا هذا الأمر. وعاد القتال وأخذنا منطقة الصواغية، فتنازل المفاوض الإيراني وطلب أن نخرج النساء والأطفال فرفضنا، فقال نخرج نصف الأطفال والنساء". وأشار القيادي في "جبهة النصرة"، إلى أنّه "عندما ضربنا بشدّة... رضخ المفاوضون. فلم نقبل، وزدنا مطالبنا، بإخراج النساء والأطفال من الزبداني وكذلك المقاتلين بسلاحهم، وهم لا يخرجون مقاتليهم، بالإضافة إلى إطلاق سراح 500 معتقل ومعتقلة، ونمنع القصف على إدلب وما حولها، ويتوقف إمداد السلاح للفوعة، وهذا بالتالي نصر". ويضيف أن "الدفعة الأولى من جرحى الزبداني وصلت الخميس الماضي"، وأنّ "مئات المعتقلات والمعتقلين سيطلق سراحهم من سجون النظام خلال الأيام المقبلة".

اقرأ أيضاً: النظام السوري واستثمار هدنة الزبداني: تحييد جبهات وتأليب السكان

ويرى مراقبون أنّ "بنود الاتفاق تأتي لصالح المعارضة، وخصوصاً أنّ الأخيرة، كانت في السابق في موقف حرج يتطلب منها خسارة الزبداني، وتعريض حياة المئات من المدنيين والمقاتلين للموت. بالتالي، فإن هذا الاتفاق يضمن سلامتهم، ناهيك عن سيطرة المقاتلين على كفريا والفوعة، وبالتالي سيطرة فصائل المعارضة على محافظة إدلب بالكامل، وكسر شوكة إيران من خلال طلبها للمفاوضات وجرّها إلى الخضوع لشروط جيش الفتح، والتي يأتي في مقدّمتها الإفراج عن المعتقلين والمعتقلات".

وفي إطار مساعي النظام وحليفته إيران، المحافظة على مناطق معينة في إطار "سورية المفيدة" من دمشق إلى حمص فالساحل السوري، فهو يحاول تقطيع أوصال المدن وعزلها عن بعضها البعض، من خلال نظام الهدن الموقعة، ما يفسّر إصراره، في الاتفاق الحالي، على أن يشمل الهدنة في مضايا وبقين وسرغايا وكفريا في ريف دمشق الغربي، ومدينة إدلب ومعرة مصرين ورام حمدان وزردنا وبنش وتفتناز وشلخ في محافظة إدلب. لكن نجاح النظام في تنفيذ مخططاته يبقى رهناً بمدى تماسك فصائل المعارضة.

ويندرج في النقطة الأخيرة، بحسب مراقبين، ما يحضّر له النظام بمساندة روسية لمعركة كبيرة في ريف اللاذقية من محورين: الأول، يبدأ في السيطرة على مدينة سلمى في جبل الأكراد، والثاني، وهو الأهم، ستحاول من خلاله قوات النظام السيطرة على تلال جب الأحمر، لأن ذلك سيضمن لها السيطرة على التلال الكاشفة على سهل الغاب وجبل الأكراد، وسيساعدها على استعادة بقية المناطق التي خسرتها في الشمال لصالح "جيش الفتح"، في حين سيتطلع في الجنوب إلى استعادة المواقع التي خسرها خلال الأسبوع الماضي على يد "جيش الإسلام" في مدخل العاصمة الشرقي، وسيتفرغ أكثر لمدن جنوب دمشق.

اقرأ أيضاً: اتفاق نهائي على هدنة 6 أشهر بريفي إدلب ودمشق