إغراق حدود غزة ــ سيناء... تنفيذ سرّي مشكوك بفعاليته

إغراق حدود غزة ــ سيناء... تنفيذ سرّي مشكوك بفعاليته

20 سبتمبر 2015
على الحدود بين سيناء وغزّة (عبدالرحيم خطيب/الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من السرّية التي يفرضها الجيش المصري على عملية حفر قناة مائية على الحدود بين سيناء وقطاع غزّة، إلا أنّ أخباراً تسرّبت عن بدء ضخ المياه داخل تلك القناة.

وبحسب مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، بدأت قوات الجيش في ضخ المياه خلال القناة التي أُنشئت على طول الحدود بين سيناء والقطاع، وتحديداً في المنطقة العازلة التي أقامها الجيش بعد تهجير الأهالي وهدم المنازل. ويمتد طول القناة إلى 13 كيلومتراً وهي بعمق يراوح بين 6 إلى 8 أمتار، بحسب رئيس اتحاد قبائل سيناء، إبراهيم المنيعي. 

ويقول المنيعي لـ"العربي الجديد" إنّ الجيش بدأ في حفر أنفاق كبيرة تمتد لكيلومترات عدة على الحدود لإغراقها بالمياه. ويضيف أنّ الجيش حفر آباراً عدة للمياه الجوفية، في المنطقة العازلة التي أقامها عقب تهجير أهالي سيناء، لضخ المياه منها إلى القناة الجديدة.

وبحسب مصادر خاصة من سيناء لـ"العربي الجديد"، فإن العمل بالقناة بدأ بشكل سرّي، نظراً لأن المنطقة التي يعمل بها الجيش محظور التواجد فيها، وعليها أسلاك شائكة، وبالتالي هناك صعوبة في معرفة ما يدور داخل هذا الجانب من سيناء.

وتذهب المصادر إلى أنه تم ضخ المياه إلى القناة عبر صهاريج كبيرة، وذلك على الرغم من وجود أنابيب ضخمة يمكن أن تضخ من خلالها مياه البحر، مؤكدة عدم قدرة حسم هذا الأمر نظراً لمنع الاقتراب من تلك المنطقة.

وفي سياق البحث عن حلول لأزمة سيناء التي باتت عصيّة على الحل لدى الجيش، كانت قد خرجت أصوات تنادي الجيش لحفر قناة مائية (حاجز مائي) على طول الحدود مع قطاع غزة، وتكون مهمتها منع تسلل العناصر بين الحدود، فضلاً عن مساعدتها في هدم الأنفاق بين سيناء وغزة.

وقالت مصادر أمنية لـ"العربي الجديد": "لم تكترث قيادات الجيش لهذه الدعوات، في بداية الأمر، بل كان موقفها أقرب للرفض التام. لكن بعدها صدرت توجيهات سياسية، وتحمّس الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، للتنفيذ، عقب تفاهمات مع الجانب الإسرائيلي، فلجأ إلى تنفيذ عملية حفر القناة الجديدة، وفي سرية تامة بدأ التخطيط ودراسة عملية الإنشاء".

وأضافت المصادر نفسها التي فضلت عدم نشر اسمها أن "شخصية سياسية فلسطينية كانت داعمة للفكرة، لأنها ترى فيها نوعاً من الضغط المعنوي، وتشديداً لحصار فعلي مفروض على حكومة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة"، لكنها لم تكشف هوية هذه الشخصية السياسية الفلسطينية.

وبعد ذلك انتشرت أخبار تتحدث عن رغبة الجيش في إنشاء أحواض أسماك وأخرى لتربية التماسيح في هذه القناة، فيما ظل الجيش ملتزماً الصمتَ حيال هذه الأخبار.

لكن المؤكد أن الجيش بدأ قبل بضعة أشهر بتنفيذ عمليات الحفر، بيد أن الكشف عن هذه القناة جاء متأخراً، نظراً لفرض سياج أمني بالأسلاك الشائكة على الحدود مع سيناء. وعمد إلى وضع أسلاك شائكة في المناطق التي قام بتهجير أهالها وهدم منازلهم، وبالتالي باتت تلك المناطق محظورة على الأهالي، لمسافة تصل إلى ثلاثة كيلومترات، بحسب مصادر خاصة في سيناء.

وبحسب مصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها، لـ"العربي الجديد"، فإنّ الجيش يستهدف أي شخص يقترب من الأسلاك الشائكة على الحدود، وبالتالي هناك صعوبة شديدة في رصد ما يحدث في عملية إنشاء القناة وضخ المياه فيها.

وتضيف المصادر نفسها أن الجيش يعتمد على القناة الجديدة في منع تسلل العناصر، ولكن المقصود الأساسي هو إغراق الأنفاق بين سيناء وغزة تماماً، بحسب ما يتردّد في سيناء. وتلفت إلى وجود أنابيب ضخمة على طول الحدود، قد يتم استخدامها في ضخ مياه البحر إلى القناة مباشرة.

كارثة بيئية

في المقابل، تحذر مصادر أخرى في سيناء من خطورة ضخ مياه البحر أو الصرف في القناة المشار إليها، ما ينذر بكارثة حقيقية سواء في سيناء أو غزة. وتقول المصادر، التي فضلت عدم نشر اسمها، خوفاً من الملاحقات الأمنية، لـ"العربي الجديد"، إن مياه البحر أو الصرف سوف تتسرب إلى التربة ثم تختلط بالمياه الجوفية.

وتضيف أن أهالي سيناء وغزة، خصوصاً على الحدود يستخدمون المياه الجوفية من خلال الآبار في الاستخدامات اليومية، مثل الشرب والري، وبالتالي فهذه المياه لن تكون حينها صالحة للزراعة أو الشرب. وتشير إلى أن الجيش يريد أن يقضي على الحياة تماماً على الجانبين المصري والفلسطيني، وهذا أمر غير مفهوم، لأن معركته ليست مع الأهالي وإنما مع المسلحين، وهو لم يتمكن حتى الآن من مواجهتهم.

السلاح من ليبيا

من جانبه، يقول خبير عسكري إن القناة الجديدة لن توقِف إمدادات المسلحين كما يظن قادة الجيش والنظام الحالي، لأن المنطقي أن تكون حركة انتقال السلاح من سيناء إلى غزة وليس العكس. ويضيف الخبير، الذي فضل عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن غزة محاصرة من كل اتجاه سواء عبر المعابر التي يسيطر عليها الإسرائيليون، أو معبر رفح وهو مغلق أغلب الوقت إلا بشكل استثنائي، أو عن طريق البحر عبر الحصار الإسرائيلي على سواحلها.

ويشير إلى أن المسلحين يحصلون على السلاح من ليبيا وليس غزة، متسائلاً: "أين كان الجيش حينما خرجت شحنات الأسلحة من مخازن (الرئيس الليبي المخلوع معمر) القذافي إلى مصر ومنها إلى سيناء؟".

ويلفت إلى وجود دروب عبر الصحراء والجبال يستخدمها المسلحون لنقل الإمدادات إليهم مهما كانت كميتها أو نوعها، مشيراً إلى أنه ظهر أخيراً وجود صواريخ مضادة للطائرات حديثة لدى المسلحين.

اقرأ أيضاً: مصر: تشكيك بجدوى القناة المائية لعزل سيناء عن غزة