قمة مواجهة "داعش": مراجعة حصاد عام من محاربة التنظيم

قمة مواجهة "داعش": مراجعة حصاد عام من محاربة التنظيم

14 اغسطس 2015
أوباما وجّه بتكثيف الضربات لقادة "داعش" (Getty)
+ الخط -

قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما أن ينتهز فرصة توافد معظم قادة العالم إلى نيويورك الشهر المقبل لحضور اجتماعات سبتمبر/أيلول السنوية في الأمم المتحدة، فدعا إلى قمة تجمع قادة التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على هامش اجتماعات المنظمة الدولية وذلك لدراسة حصاد عام كامل من الحرب الدولية على التنظيم، التي تنفق الولايات المتحدة حالياً من أجلها في اليوم الواحد حوالي عشرة ملايين دولار، هي متوسط الثلاثة مليارات ونصف المليار دولار التي أنفقتها واشنطن في الحرب على "داعش" في عامها الأول حتى السابع من الشهر الحالي. وجاءت دعوة أوباما إلى القمة، في وقت أقر فيه رئيس الأركان الأميركي الجنرال ريموند أودييرنو بأن الجهود الرامية لمكافحة داعش "تبدو في مأزق".

وعلمت "العربي الجديد"، أن من بين الذين وُجّهت إليهم الدعوة للمشاركة في قمة نيويورك قادة السعودية وقطر والإمارات والكويت. وتوقّعت مصادر دفاعية أميركية أن يطرح أوباما على الدول الحليفة مقترحاً يقضي بتوسيع ضربات الطائرات من دون طيار لتشمل عناصر "داعش" الخطرة في الدول المجاورة لسورية والعراق بهدف التخلص من تلك القيادات قبل أن يستفحل أمر التنظيم في المنطقة العربية ككل. وقالت المصادر ذاتها لـ"العربي الجديد" إن الرئيس الأميركي وجّه وزارة الدفاع الأميركية بتكثيف الاستهداف النوعي بطائرات "درونز" (من دون طيار) لقادة "داعش" الموجودين في سورية والعراق مهما كانت جنسياتهم.

وبعد مرور عام كامل على بدء الحرب الدولية على "داعش"، بدأ المسؤولون الأميركيون يقرّون بواقع جديد أصبح للتنظيم فيه مواطئ قدم في كل من ليبيا واليمن، يخشى بسببه العسكريون من توسّع نفوذ التنظيم إلى دول أخرى.

ويقول كبار القادة العسكريين الأميركيين، إن العراق وسورية لا يزالان موضع تركيزهم الوحيد لدحر "داعش"، لكن هؤلاء القادة يُبدون في الوقت نفسه تشاؤماً من إمكانية التغلب على التنظيم في العراق على وجه التحديد، مشيرين إلى تفاقم الانقسام الشيعي السني على المستوى السياسي.

وأعرب عن هذا التشاؤم رئيس الأركان الأميركي الجنرال ريموند أودييرنو، بقوله إن تقسيم العراق "ربما يكون الحل الوحيد" لتسوية النزاع الطائفي الذي يمزقه". جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي توقّع فيه الجنرال الأميركي قبيل تقاعده من منصبه كرئيس للأركان، أن العراق في المستقبل "لن يشبه ما كان عليه في السابق". وأعرب عن اعتقاده بأن السياسيين والدبلوماسيين، قد يجدون أنفسهم لاحقاً مضطرين لدراسة الكيفية المثلى لتقسيم العراق كحل وحيد للخلاف الطائفي السنّي الشيعي على المستوى السياسي في العراق. وهو ما استدعى رداً مباشراً من رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي.

واعتبر الجنرال الأميركي أن مشكلة "داعش" هي الأكثر إلحاحاً حالياً، مطالباً السياسيين بدراسة الحلول المستقبلية لاحقاً. وكان أودييرنو قد دعا إلى عدم سحب كل القوات الأميركية من العراق، والإبقاء على قسم منها، لكن أوباما يرفض إشراك القوات البرية الأميركية في الحرب.

اقرأ أيضاً: وزير الخارجية التركي: اتفاقنا مع واشنطن يهدف لمحاربة "داعش"‏

ودخلت الحرب على "داعش" على خط التنافس الانتخابي على الرئاسة الأميركية، إذ استفاد المرشح المحتمل عن الحزب الجمهوري جيب بوش، من تعثّر إدارة أوباما في تحقيق هدف القضاء على "داعش"، متعهّداً بتحقيق هذا الهدف إذا ما تسنى له الوصول للبيت الأبيض. ولم يكتفِ بوش بتحميل أوباما المسؤولية، بل أشرك وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في مسؤولية هذا الفشل كونها المرشح المحتمل الأقوى للمنافسة على المنصب الرئاسي عن الحزب الديمقراطي.

ومن الواضح أن الجمهوريين يستندون في هجومهم إلى استراتيجية الحزب الديمقراطي تحت رئاسة أوباما على عدم توريط القوات الأميركية في حرب برية، إلى توافق الرأي الجمهوري مع آراء قطاع واسع من العسكريين في البنتاغون، إذ يعتقد هؤلاء أن تجربة عام مضى لم تحقق أهدافها بسب حيادية القوات البرية الأميركية وعدم انخراطها في الصراع.

وعلى هذا الأساس يمكن الاستنتاج بأن الاستراتيجية الحالية لن تعمّر أكثر من عام آخر هو ما تبقى لأوباما في البيت الأبيض، وأن المؤسسات ذات العلاقة، بما فيها البنتاغون، تُعدّ خططاً وبدائل استراتيجية على المستويين الميداني والسياسي. وإذا كان تقسيم العراق من "البدائل" المطروحة، على خطورته، فإن نشر قوات برية أميركية مجدداً على الأرض العراقية هو من البدائل العسكرية القابلة للتنفيذ فور مغادرة أوباما الذي تحُول استراتيجيته دون ذلك حسب ما يفهم من تلميحات أودييرنو. فحسب ما نُقل عن القائد العسكري الأميركي خلال المؤتمر الصحفي ذاته، قال أودييرنو إنه في حال لم يحرز الجيش الأميركي التقدّم الذي يحتاج إليه في الأشهر القليلة المقبلة فإن "علينا النظر بعين الاعتبار إلى نشر قوات برية تدريجياً، ثم نقيّم الفارق ميدانياً مع وضع سابق لم تشارك خلاله القوات الأميركية في المعارك الدائرة"، على الرغم من أنه استدرك قائلاً: "هذا لا يعني أنهم سيقاتلون لكن سيساعدون العراقيين ويتحركون معهم". إلا أنه أشار إلى أن خيار المشاركة العسكرية برياً خيار يجب أن يُطرح على رئيس الولايات المتحدة عندما يحين الوقت المناسب.

ولوحظ أن أودييرنو لم يقل إن هذا الخيار سيُطرح على أوباما وإنما استخدم كلمة الرئيس، وهو ما يفتح باب الاحتمالات إلى أن المقصود هو الرئيس الذي سيأتي بعد أوباما. ويأمل العسكريون أن يكون الرئيس المقبل جمهورياً كي يتمكنوا من تنفيذ استراتيجيتهم في إعادة القوات الأميركية إلى العراق. وتأكيداً لهذا الاستنتاج فإن القائد العسكري الأميركي أضاف: "عندما يحين الوقت المناسب". والوقت المناسب على ما يبدو سيكون وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض. وإلى أن يحين ذلك الوقت المناسب، ستظل الولايات المتحدة تركز، حسب استراتيجية أوباما، على القوة الجوية لمساعدة القوات العراقية على الأرض في قتال تنظيم "داعش". وإذا لم تظهر نتائج حاسمة على الأرض أثناء رئاسة أوباما يمكن توسيع الخيار إلى تكثيف استخدام طائرات الدرونز (من دون طيار) داخل العراق وسورية، وربما توسيع ذلك إلى خارجهما وهو ما يتم بالفعل في دول أخرى بالمنطقة مثل اليمن والصومال.

اقرأ أيضاً: أوباما بعد قرار الكيماوي السوري: أيام النظام معدودة