معركة الفلوجة الثالثة: تحالف أميركي إيراني فرنسي عراقي

معركة الفلوجة الثالثة: تحالف أميركي إيراني فرنسي عراقي

14 يوليو 2015
كان يقطن الفلوجة نحو مليون عراقي (Getty)
+ الخط -
دخلت مدينة الفلوجة العراقية، التي تبعد نحو 55 كيلومتراً غرب بغداد، الحرب مع انتصاف شمس يوم أمس الإثنين، وذلك بعد ساعات من إعلان الحكومة ومليشيا "الحشد الشعبي" بدء ما أطلقوا عليه معركة "فجر الفلوجة".

ويشارك في الهجوم، وفقاً لبيانات حكومية وأخرى صادرة عن مليشيات "الحشد"، فضلاً عن تسريبات حصلت عليها "العربي الجديد"، نحو 12 تشكيلاً برياً وجوياً ونهرياً متفاوت العدد والقوى، مقابل نحو 3 آلاف مقاتل من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) موجودين في الفلوجة.

اقرأ أيضاً مسؤولون عراقيون: نحتاج دعماً دوليّاً وجيشاً مهنيّاً لسحق "داعش"

ويسود قلق كبير بسبب وجود آلاف العائلات داخل الفلوجة، منع تنظيم "داعش" خروجهم من المدينة، على الرغم من فتح القوات الحكومية معبر الفلاحات غربي المدينة ليوم كامل والسماح للعائلات بالمغادرة. إلا أنّ سكانا محليين داخل الفلوجة أكدوا لـ "العربي الجديد" في اتصالات هاتفية منع تنظيم "داعش" خروجهم من المدينة، مع ارتفاع وتيرة القصف والبراميل المتفجرة التي سقط بسببها منذ بدء شهر رمضان ولغاية اليوم أكثر من 600 قتيل وجريح، أكثر من نصفهم نساء وأطفال.

وقال بيان لقيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع العراقية إنه "عند الساعة الخامسة من فجر اليوم بدأت عمليات تحرير الأنبار من عناصر داعش".

وأضاف أن "القوات الأمنية والحشد الشعبي والقوات الخاصة والشرطة الاتحادية وأبناء العشائر تخوض حالياً معارك التحرير، وتتقدم نحو الأهداف المرسومة لها". ولم يحدد البيان مواقع المعارك، لكن بيانا آخر صدر بعده بدقائق عن مليشيات "الحشد" حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، أكد انطلاق ما وصفها عمليات المؤمنين لتحرير الفلوجة بمشاركة 10 آلاف مقاتل من الحشد الشعبي والقوات الأمنية، مبيناً أن "القوات تتجه نحو عبور نهر الفرات من جهة الصقلاوية باتجاه الفلوجة تمهيداً لتحريرها".

وأوضح القيادي في مليشيات "الحشد" وزعيم مليشيات "عصائب الحق" الشيخ قيس الخزعلي في تصريحات صحافية إن "الحشد الشعبي قرر الصلاة أول أيام العيد بالفلوجة وهذا وعد"، وذلك في تصريحات نقلها تلفزيون "آفاق" المملوك لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وتعتبر مدينة الفلوجة ثالث أكبر الأقضية العراقية بعد الموصل والبصرة، ويقطنها زهاء مليون نسمة، وهي ذات طبيعة خلابة، إذ يخترق نهر الفرات المدينة، بينما تحدها من الجنوب الغربي بحيرة الحبانية والشمالي بحيرة الثرثار، ومن الشرق منطقة زراعية واسعة تمتد إلى أبو غريب، حيث العاصمة بغداد، ومن الغرب منطقة الحبانية السياحية ومئات من الهكتارات الزراعية وبساتين النخيل. ويغلب على أهلها الطابع الديني القبلي، ويقطنها مسلمون وأقلية مسيحية وصابئة. وقد غادرت الطائفتان المدينة بعد الاحتلال الأميركي واتساع الفوضى والعنف كباقي مدن العراق. 

وخرجت الفلوجة عن سيطرة الحكومة العراقية في الأول من يناير/كانون الثاني عام 2014 على يد أبناء العشائر المنتفضين بوجه المالكي، قبل أن يستغل التنظيم المتطرف الفرصة، وينزل من مخابئه في صحراء الأنبار قرب الحدود السورية، ويدخل المدينة ويعلن سيطرته عليها. 

12 تشكيلاً هجومياً

وبحسب مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" من هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي، فإن القوات المهاجمة للفلوجة تتألف من 12 تشكيلا؛ وهي: الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية وقوات البصرة النهرية وجهاز مكافحة الإرهاب والفرقة الذهبية، والحرس الثوري الإيراني والصحوات وأبناء عشائر وفريق مستشارين أميركي، بينهم ضباط مارينز خدموا بمحافظة الأنبار غرب العراق سابقاً، إضافة إلى مليشيات "الحشد الشعبي" التي تشارك من خلال 18 فصيلاً، أبرزها مليشيات "حزب الله" و"عصائب الحق" و"بدر" و"المهدي" و"الإبدال" و"النجباء" و"الإمام علي" و"الإمام المهدي" و"الإمام القائم" ومليشيا "السلام" و"كتائب لواء اليوم الموعود". فيما يغطي المعارك من الجو طيران عراقي أميركي فرنسي.

وتتوزع جميع التشكيلات بشكل متساو على أسوار الفلوجة من أربعة اتجاهات باستثناء الحرس الثوري الإيراني الذي يمسك المحور الشرقي، والأميركي الذي يتواجد بصفة مستشارين من المحور الغربي، حيث مدينة وقاعدة الحبانية.

ونجح التنظيم في ردّ هجوم الساعات الأولى، وتمكن من إسقاط مروحية قتالية من طراز "مي 35"، وإعطاب عدد من الدبابات والعربات المدرعة التي حاولت التقدم من المحورين الجنوبي والشمالي. فيما أكدت مصادر عسكرية مقتل وإصابة 78 عنصر أمن ومسلحاً من المليشيات نتيجة هجوم الساعات الست الأولى.

وقال عميد ركن بهيئة رئاسة أركان الجيش العراقي لـ"العربي الجديد" إن أكثر من 30 ألف عنصر من مليشيات "الحشد"، وصلوا الأنبار للمشاركة في معاركها إلى جانب المئات من مقاتلي الحرس الثوري، ليضافوا إلى القوات الموجودة أصلاً هناك منذ أسبوع أو أكثر.

وأضاف المصدر نفسه أن الهجوم على الأنبار بمثابة مهاجمة دولة؛ فالمحافظة الغربية تعادل ثلث العراق، وهي بحجم دولة مثل الأردن، وهذا يفسر الزخم الكبير الذي منحته إيران للمعركة وتنافسها مع الأميركيين الذين يوجدون في قاعدتين، هما عين الأسد والحبانية؛ فالسيطرة عليها تعني انتهاء حلم "داعش" إلى الأبد في دخول بغداد.

وبين أن الأميركيين والإيرانيين حتى الآن يعملون ضمن هدف واحد في الأنبار، ولا وجود للمشاكل التي حصلت سابقاً في هجوم تكريت، حيث يمسك فريق المستشارين الأميركيين خطة الهجوم من الجانب الغربي، ويشرف على تهيئة وإعداد القوات، فضلاً عن رسم الأهداف وتزويد المقاتلات الأميركية والفرنسية بالمعلومات اللازمة للضربات الجوية، بينما يشارك الإيرانيون بشكل فعلي عبر فيلق القدس وكتائب الدفاع المقدس التابعة للباسيج الإيراني".

ولفت إلى أن "الحكومة تحاول التكتم على تلك المعلومات لعدم إثارة حفيظة العراقيين السنة والدول العربية الأخرى"، مؤكداً استقالة ضابط كبير في الجيش العراقي مع بدء الهجوم، بسبب اعتراضه على رفع علم إيراني من قبل الحرس الثوري على عربة قرب الفلوجة، الإثنين".

ومن داخل الفلوجة، أوضح مراسل "العربي الجديد" أن الأوضاع بمركز المدينة تتصف بالفوضى، بسبب القصف الجوي المكثف والبراميل المتفجرة التي تلقيها المروحيات العراقية، مبيناً أنه "دخل إلى صالة مستشفى المدينة، ووجد 12 طفلا وستة نساء ممددين على الأرض وقد غطاهم الدم، بينما لا يوجد سوى طبيب واحد ومتطوع في المكان".

وأشار إلى أن مقاتلي "تنظيم (داعش) أعادوا انتشارهم، وأعلنوا النفير العام في صفوف مقاتليهم، بينما شوهدت عربات تابعة لهم كتب عليها عبارة "القوات الخاصة"؛ وهي تتجه إلى أسوار المدينة مع أسلحة ثقيلة ومتوسطة". والحد الفاصل بين القوات المهاجمة ومقاتلي تنظيم "داعش" يضيق ليصل إلى 1500 متر في بعض المواقع.

من جهته، أكد القيادي في "تحالف القوى العراقية" أحمد طه، لـ"العربي الجديد" أن موعد الهجوم وتوقيته لم يكن عراقياً بل إيرانياً بحتاً، ومشاركة الولايات المتحدة جواً أو من خلال فريق مستشاريها لا يتعلق بالهجوم، بل هو مستمر منذ أسابيع عدة. وبين أن التضارب بين بيان الحكومة وبيان المليشيات يثبت ذلك. 

اقرأ أيضاًبراميل الموت وجرائم "داعش" ترسم وجع الفلوجة

المساهمون