براميل الموت وجرائم "داعش" ترسم وجع الفلوجة

براميل الموت وجرائم "داعش" ترسم وجع الفلوجة

12 يوليو 2015
محاولة الهرب من الموت في الفلوجة (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -


لم يكن ببال أبو محمد الجميلي الذي يسكن منزلاً وسط الفلوجة في محافظة الأنبار، أن وجبة إفطاره لن تكتمل، وأن أرغفة الخبز التي أعدتها زوجته سيفسدها دم أبنائه الذي أغرق الغرفة، بعد سقوط برميل متفجر ألقته طائرة مروحية على المدينة الأسبوع الماضي، من أصل ستة براميل، في وقت الإفطار وحصدت العشرات من الضحايا.

ويقول أبو محمد الجميلي (45 عاماً) في حديث لـ"العربي الجديد" بمدينة الفلوجة، والذي على ما يبدو لن يغادرها كما تعتزم باقي عوائل المدينة، لأنه بحسب قوله "لم يبق شيء عندي لأخسره فقد نزحت عائلتي من الأرض إلى السماء ببرميل أطلقه وجهزه الجهل والتخلف والحقد الذي يخيم على البلاد".

ويضيف الجميلي "أنا فقدت عائلتي كلها، كانت زوجتي تعد وجبة الإفطار في الـ 16 من رمضان الحالي، وكنت حينها في سوق قريب لجلب الخبز وبعض العصائر. كانت الساعة تشير إلى السابعة تماماً أي قبل ربع ساعة من الإفطار، سقط برميل على شارعنا فأخذ أهلي والجيران معهم".

ويستدرك الجميلي باكياً بحرقة "زوجتي وبناتي الأربع وابني محمد كلهم ماتوا تحت سقف المنزل دون أن يذكرهم أحد بالإعلام. كانوا مجرد أرقام لكنهم بالنسبة لي كل شيء". ويضيف "حين عدت راكضاً للبيت شاهدت الناس متجمعين أمامه سقطت من يدي كل الأكياس، أسرعت أكثر فسقطت على وجهي نهضت، فإذا بمسعفين ومواطنين يمنعونني من الاقتراب من المنزل، حيث كانوا أخرجوا للتو وجه أسماء الجميل الحلو الرائع من تحت سقف المطبخ".


ويتابع الأب المكلوم "فقدت الوعي إلى أن وجدت نفسي في ممر المستشفى، وسمعت أحدهم يقول لشخص بجانبه (شوف هذا الرجال المسكين ماتت زوجته وأولاده كلهم)، عندها صرخت وبكيت ولم أعرف ماذا أفعل.أعطاني الأطباء حقنة نومتني، لأستيقظ بعدها بيوم، فوجدت أنهم دفنوا عائلتي، وانتهى كل شيء. مات محمد ونور وأسماء وطيف وفرح وأمهم أمينة ليتني رحلت معهم لأني سأحرق نصف العالم بالحقد الذي أحمله في صدري".

ويقول عمر عبد الرزاق أحد جيران الجميلي لـ"العربي الجديد" إن "العشرات من السكان المدنيين يسقطون بين قتيل وجريح بالفلوجة وضواحيها يومياً، بفعل البراميل المتفجرة والصواريخ التي تطلقها المليشيات على الفلوجة".

ويضيف "أغلب سكان الفلوجة يكرهون ويرفضون تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وإن الكثير من الأهالي لم يتركوا منازلهم لعدم التعرض للإهانة كما حدث مع ألوف النازحين، وأغلب السكان لا يملكون المال للرحيل إلى إقليم كردستان أو السفر خارج العراق. عنوان الفقراء هو البقاء والموت تحت نيران الحكومة ومليشياتها، أو تحت أحكام تنظيم الدولة الإسلامية حيث يقتلون من يخالفونهم، أو كما يقولون رافضي البيعة".

ويتابع "مدينة الفلوجة باتت مدينة أموات وأشباح، وتحولت لعنوان الموت اليومي، فلا تكاد تدخل حياً أو بيتاً في شوارع الفلوجة حتى تجد نعياً منشوراً كتب عليه انتقل إلى رحمه الله فلان ابن فلان هو وعائلته".


من جهته، يقول النائب عن التحالف الوطني عدنان الأسدي، إن" ما تتحدث عنه بعض وسائل الإعلام عن تواجد زعيم فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني قرب الفلوجة أمر صحيح، فهو متواجد ويعمل ضمن فريق عسكري بصفة مستشار، والأميركيون موجودون في قاعدة عين الأسد والحبانية بصفة مستشارين للقوات الأمنية"، زاعماً أن "سليماني لا يفرض على قوات الجيش أو الحشد الشعبي قراراته، بل يقدم الاستشارة ويوفر الخطط ويعطي إحداثيات مختلفة، وهو والأميركيون باتوا في محيط الفلوجة، لكنْ كل منهم في اتجاه مختلف".

من ناحيته، يقول نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي في حديث خاص لـ"العربي الجديد" إن "الجهود منصبة الآن لتجنيب السكان هذا النوع من القصف، فهناك الآلاف قتلوا أغلبهم نساء وأطفال، وعلى الجميع أن يعي ذلك فبغداد تمنع دخول النازحين والمليشيات تقتلهم وداعش تحتجزهم فأين يذهبون".


وقال المتحدث باسم مستشفى الفلوجة الدكتور فاضل محمد لـ"العربي الجديد" إن المعدل اليومي لعدد القتلى ارتفع في رمضان إلى نحو 40 قتيلاً و70 جريحاً، وهذا الرقم يخص المدنيين فقط بالفلوجة وضواحيها"، مضيفاً أن "المدينة منكوبة والناس بدأت تحفر خنادق وملاجئ في بيوتها، لأنه لا ملجأ لهم من تلك البراميل التي تتساقط يومياً عليهم بلا رحمة".

ويقول عضو مجلس شيوخ الفلوجة عبد الله العلواني، في حديث لـ"العربي الجديد" إن "ما يحدث في الفلوجة إبادة جماعية، يشترك بها الأمريكان وإيران وتنظيم الدولة الإسلامية".

اقرأ أيضاً:رعب البراميل المتفجرة يزيد حالات الإجهاض في الفلوجة