حكومة وحدة وطنية فلسطينية خلال أسبوع: المهمة المستحيلة

حكومة وحدة وطنية فلسطينية خلال أسبوع: المهمة المستحيلة

24 يونيو 2015
ترجيحات برئاسة الحمدالله للحكومة الجديدة (عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -
لا يبدو أن المساعي الفلسطينية لتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة في غضون أسبوع ستحقق أي اختراق سريع، في ظل تبادل الاتهامات حول وضع العراقيل أمامها، فضلاً عن تشكيك كلٍّ من حركتي "فتح" و"حماس" في نوايا الطرف الآخر. أما حركة الجهاد الإسلامي فحسمت موقفها بعدم المشاركة.

في غزة، تبدو أوراق "حماس" مبعثرة وخياراتها مربكة، بعد الخطوات "المنفردة" التي فاجأ بها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الجميع في قضية الحكومة، بعدما قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أول من أمس الإثنين، تشكيل لجنة للاتصال مع كافة الفصائل للتشاور، بهدف الوصول إلى حكومة وحدة وطنية خلال فترة أسبوع من تاريخه.
وتخشى حركة "حماس" من تشكيل إطار حكومي جديد بعيداً عن المشاورات معها، في ظل إشارات كثيرة وأحاديث استباقية من بعض المسؤولين في منظمة التحرير عن "عراقيل" متوقعة من "حماس".
وسارع المتحدث باسم "حماس"، سامي أبو زهري، للتأكيد أنّ "أية حكومة فلسطينية تلتزم بشروط الرباعية الدولية أو أية برامج سياسية غير توافقية يعني أنها ستكون حكومة حركة فتح فقط، ولا علاقة لها باتفاق المصالحة"، محملاً "قيادة فتح المسؤولية عن التداعيات المترتبة على التنكر لاتفاق المصالحة".

أما النائب عن حركة "حماس" في المجلس التشريعي الفلسطيني، يحيى موسى، فيقول لـ"العربي الجديد"، إنّ الرئيس الفلسطيني لا يريد حكومة وحدة وطنية، إنما يريد حكومة من حلفائه في منظمة التحرير، ويريد أن يذهب إلى حكومة تعمق الانقسام، وتذهب إلى حالة جديدة من الاستسلام والخنوع على طاولة التفاوض على حساب الحقوق الفلسطينية.
ويشير موسى إلى أنّ أيّة حكومة فلسطينية ببرنامج سياسي لا بد أنّ يكون هذا البرنامج توافقياً، مبيّناً أنّ غزة و"حماس" تحملتا كل الحصار والاعتداءات الإسرائيلية "لأنهما رفضتا شروط الرباعية"، في إشارة إلى مطالبات خرجت من قيادات في السلطة تؤكد ضرورة أن تعترف الحكومة المقبلة بشروط الرباعية الدولية.
ويشدد موسى على أنّ "شروط الرباعية أصبحت في خبر كان، وهناك إحياء من قبل عباس لشروط الرباعية وهي مرفوضة نهائياً"، مطالباً بعرض أية حكومة فلسطينية على المجلس التشريعي لأنها البداية الدستورية الوحيدة والصحيحة".
ويلفت موسى إلى أن "الهروب إلى حلفاء الرئيس الفلسطيني في المنظمة وتشكيل حكومة عبرهم، أمر يعزز الانقسام والتفرد الذي ينتهجه الرئيس".
ويلفت النائب عن "حماس" إلى أنّ حركته تخلت عن الحكومة، التي كانت تقودها في غزة، وقبلت أن تذهب إلى تشكيل حكومة وفاق عندما شُكلت حكومة الحمد الله، ومن يوم تشكيلها لليوم لم تقم بأي عمل، ولم تتحمل أية مسؤولية تجاه القطاع.
ويتهم موسى الرئيس الفلسطيني بأنه "المعطل الأول للحكومة، والذي أصدر الأوامر لها لعدم القيام بعملها"، محذراً مما سمّاه "أوضاعاً كارثية يقودنا إليها عباس".

اقرأ أيضاً: منظمة التحرير تقرر التشاور لتشكيل حكومة وحدة وطنية

من جهتها، تشكك مصادر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في إمكانية التوصل إلى مشاورات ناجحة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في غضون أسبوع واحد، وهي الفترة الزمنية التي حددها عباس.
ترى هذه المصادر أن اللجنة نفسها، المكلفة من اللجنة التنفيذية بالتشاور مع الفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، سبق أن فشلت عقب أشهر طويلة من الاجتماعات في التوصل إلى نتائج لإنهاء الانقسام وتحديد موعد لزيارة قطاع غزة كوفد لفصائل منظمة التحرير. ففي حينه، انقسمت اللجنة على نفسها، ولم تقم بالزيارة في نهاية الأمر.
وترى هذه المصادر أن الهدف من الإعلان عن تشكيل حكومة وحدة وطنية يأتي "في باب سلسلة المناورات التي تستهدف تعطيل تهديدات استقالة رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني رامي الحمد لله، في حال لم يتم تعديل في الحكومة".
وتشير المصادر إلى أنّ "الهدف من كل ما يحدث هو استبعاد فكرة التعديل الحكومي، بدون أن يؤدي ذلك إلى استقالة رامي الحمد لله، نظراً لأن حركة حماس سبق ورفضت التعديل، ولا يرغب الرئيس بأن يتم التعديل ويصطدم برفض حماس".
وإلى جانب رفض "حماس" للتعديل الحكومي، الذي طالب به الحمد لله بشدة، هناك خشية من انهيار الحكومة من داخلها بسبب حسابات موازين القوى، في حال تم التعديل حسب رؤية الحمد لله، الذي يريد أن يستبعد ثلاثة وزراء من حكومته، هم وزير المالية، شكري بشارة، وزيرة التربية والتعليم، خولة الشخشير، ونائبه، زياد أبو عمرو، وزير الثقافة.
ويرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، جميل شحادة، "أن اللجنة التي تم اعتمادها من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هي ذاتها المكلفة بموضوع المصالحة، وتمثل كل الفصائل، ومهمتها الأساسية التشاور مع حركة حماس".
وحول الجدوى من تشكيل حكومة وفاق وطني، يعتبر شحادة في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "حكومة الوفاق الوطني مكونة من شخصيات مستقلة، وإمكانياتهم وقدرتهم معروفة، أما حكومة الوحدة الوطنية فستضم الفصائل الفلسطينية، مما يعطي قوة أكبر لحكومة الوحدة الوطنية".
ويرجّح شحادة "أن يكون رئيس حكومة الوحدة الوطنية المقبل هو الحمدلله أيضاً"، موضحاً أنّ "هذا القرار سيخضع للتوافق عليه من جميع الأطراف بالتأكيد".
ويشير شحادة إلى أنّ الأجواء مهيأة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، الأمر الذي لا يزال يخضع للفحص، حسب عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، واصل أبو يوسف.
يقول أبو يوسف لـ"العربي الجديد" إن "اللجنة التي تضم كافة الفصائل بدأت مشاوراتها لتقوم بمهمة تشكيل حكومة وحدة وطنية، ونحن الآن ننتظر رد حركة حماس".
وحول إن كانت مهلة أسبوع كافية لإنهاء هذه المشاورات والحصول على رد من "حماس"، يعتبر أبو يوسف أنّ "يوماً واحداً كافٍ لهذه المهمة، لأن الموضوع إما الاتفاق أو لا".
وبالنسبة للمخاوف من الفشل، يضيف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: "لدينا عنوان واحد وهو تشكيل حكومة وحدة وطنية ونعرف ما هي التحديات لذلك. الموضوع ما زال في قيد التشاور والبحث".
أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أحمد العوري، فيستبعد في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "يتم الاتفاق بين فتح وحماس على تشكيل حكومة وحدة وطنية، لأن حكومة الوفاق الوطني وقفت عاجزة عن تحقيق أي من مهماتها، وهذا سينطبق على الحكومة المقبلة".
ويعتبر العوري أنّ "ما يزيد الأمر صعوبة هو التشكيك في النوايا هنا وهناك، والدوافع لتعطيل الحكومة الحالية ومحاولة وضع العصي في الدواليب في إطار عملها".
ويجزم العوري أن حركة الجهاد الإسلامي "لن تشارك في حكومة الوحدة الوطنية، لأن لدينا موقفاً ولن نشارك في حكومات أو انتخابات محكومة باتفاقية أوسلو".
في المقابل، يؤكد العوري أنّ حركة الجهاد الإٍسلامي ترحب وتدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطياف الفلسطينية لتحقيق إنجاز إعمار قطاع غزة، ورفع الحصار، وتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني، لكنه يستدرك بالقول إنه "للأسف الشديد، تشكيل الحكومة التي يتم الحديث عنها، سيقتصر على فصائل منظمة التحرير باستثناء حركة حماس، وهذا سيعمق الانقسام والخلاف بين الحركتين، ويدفع باتجاه اتخاذ خطوات أحادية الجانب من الطرفين".

اقرأ أيضاً: القضية الفلسطينية كما يراها السيسي: سفير بإسرائيل وحصار "حماس"