الاتهامات تلاحق الفريق الرئاسي اليمني بإعاقة الحسم الميداني

الاتهامات تلاحق الفريق الرئاسي اليمني بإعاقة الحسم الميداني

31 مايو 2015
ثقة هادي بالقيادات السياسية والعسكرية تراجعت (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
بقدر الأهمية التي يحظى بها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، حالياً نتيجة الظروف التي يمرّ بها اليمن، بصفته الممثل الأول للشرعية في مواجهة مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ترتفع وتيرة التململ لا بل الاعتراضات التي تطال أداء هادي، الذي لم يغادر الرياض منذ وصوله إليها قبل أسابيع، للقيام بأي جولة على العواصم الدولية وشرح الأزمة التي يمرّ بها اليمن وحشد الدعم لإنهائها، فضلاً عن أن الانتقادات تتركز على أداء بعض أفراد طاقم حكمه. وترى أطراف وطنية عدة، أن هؤلاء لا يزالون يرتكبون الأخطاء نفسها التي ترافق خطوات الرئيس منذ توليه الحكم إبان تسلمه المرحلة الانتقالية قبل أكثر من ثلاث سنوات.

مصادر سياسية يمنية متواجدة حالياً في الرياض، ومتابعة لتفاصيل التنسيق السياسي والعسكري الذي يجري مع الموالين للشرعية في المناطق اليمنية المختلقة، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمر وصل ببعض المقربين من الرئيس، إلى أن يقفوا عائقاً أمام الإسراع في موضوع الحسم العسكري في الجنوب واليمن بشكل عام، الذي يعد أمراً لا بد من إنجازه، على الرغم من وجود معطيات ومؤشرات تؤكد إمكانية تحقيقه في ظل الخسائر والتراجع لدى قوات الحوثيين والرئيس المخلوع في أغلب الجبهات، في ظل ضربات التحالف المتواصلة والمقاومة الشعبية، ولا سيما في جبهات المواجهة في الجنوب والشرق".
تشير المصادر نفسها إلى أنّ "من يتولون العمليات من الجانب اليمني هم جنوبيون من حاشية الرئيس، لكن المشكلة تكمن في عدم وجود إستراتيجية واضحة لديهم في إدارة الحرب، فضلاً عن غياب رؤية سياسية تتعامل مع المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية التي أفرزتها الأحداث في البلد".

اقرأ أيضاً: "جنيف" اليمني "تشاوري" والحوثيون يقرّون بمفاوضات مسقط

تترافق هذه الانتقادات مع شكاوى تتردد من قبل بعض قيادات "المقاومة الشعبية" في جبهات عدة، وتتركز ضد من يقومون بالتواصل معهم من الفريق الرئاسي للتنسيق في ما يتعلق بالعمليات العسكرية. ويوضحون أن "عدم تجاوب هؤلاء بشكل سريع مع نداءات المقاومة، في جميع الجبهات، يشكل في أحيان كثيرة سبباً في سقوط عدد من المناطق أو المواقع في يد مليشيات الحوثيين والمخلوع، بسبب تأخرهم وأحياناً تجاهلهم لدعم المقاومين في مواقع ومناطق معينة، سواء من خلال العمليات الجوية، أو من خلال عدم مدهم بالسلاح بعد نفاده". وهو ما حصل على سبيل المثال في تعز بعد سقوط موقع العروس الاستراتيجي، وسقوط لودر في أبين فضلاً عن سقوط بعض مناطق عدن.

القيادي في "المقاومة الشعبية"، أبو محمد العدني، يوضح لـ"العربي الجديد"، أنّ "السبب في سقوط بعض المناطق في عدن، وتحديداً في خور مكسر وكريتر، كان نفاد الذخيرة وعدم تلبية دعوات المقاومة لمسؤولي العمليات في إسنادهم سواء من الجو او دعمهم بسلاح"، مبدياً مخاوفه من أن "يتكرر الأمر في مدينة المنصورة".

المنتقدون لبعض ممن يحيطون بهادي يعتبرون أن الأخير "يحمل الهم الوطني بكل تفاصيله ويتفاعل بإيجابية مع كل ما يصل إليه، ويسعى إلى الإسراع في إخراج اليمن من هذا الوضع"، لكنهم يطالبون الرئيس اليمني بـ"تغيير بعض الوجوه التي أثبتت فشلها في أوقات كثيرة، والتي من بينها بعض القيادات العسكرية". وفي السياق، يذكر البعض أن مقربين من هادي يرفضون إضافة قيادات عسكرية إلى فريق العمل المحيط بالرئيس من أصحاب الخبرة في العمليات العسكرية الميدانية، على الرغم من موقف هذه القيادات الواضح في ما يتعلق بالولاء للشرعية.
العقيد حسين سالم، وهو ضابط في الجيش الموالي للشرعية، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "مشكلة القيادات العسكرية المحيطة بالرئيس هادي أنها لا تتواصل مع الميدان بشكل كافٍ، لمعرفة التضاريس الجغرافية في كل مناطق اليمن وفتح جبهات فيها، ولا سيما أنّ هناك مناطق تسعى إلى فتح جبهات لكن عندما يحاول المعنيون فيها التواصل مع المسؤولين في العمليات العسكرية يجدون صعوبة".
ويرى سالم أنه "كان يفترض بهادي أنّ يشكل غرفة عمليات تضم من كل محافظة قياديا عسكريا من أصحاب الخبرة، بما يتيح أن تكون العمليات أكثر فاعلية، بدلاً من الاعتماد على أشخاص محددين على حساب حسن سير المعارك".
بدوره، يلفت الناشط محمد صلاح، من محافظة إب التي أعلن فيها قبل أيام عن تشكيل "مجلس للمقاومة الشعبية"، أنّ "هناك مناطق عدة مستعدة لفتح جبهات، لكنها تحتاج إلى دعم وإنشاء حلقة تواصل بين القيادة في الخارج وابرز الأطراف الرافضة للانقلاب في الداخل، ولا سيما تلك المستعدة لفتح جبهات في مناطقها".
تتطابق هذه الانتقادات مع تصريحات محذرة كانت قد أطلقها العديد من القيادات العسكرية، التي أعلنت ولاءها للشرعية، مثل قيادات في المنطقتين العسكريتين الأولى والثانية في حضرموت، والتي أكدت أن الرئاسة والحكومة لم تجر معها أي اتصالات.
وكان العديد من الأطراف السياسية قد طالب الرئيس اليمني في أوقات سابقة بتغيير سياسة إدارته التي اتبعها في السابق، وعدم الاستعانة بشكل كامل بمن حوله ممن كانوا سبباً في بعض النكسات، سواء كانت هذه الأطراف جنوبية، أو أطرافاً شمالية بما في ذلك قيادات أحزاب اللقاء المشترك ورجالات الرئيس المخلوع الذين لا يزال هادي يعتمد عليهم في كثير من اللحظات المصيرية، على غرار ما كان واضحاً خلال صياغة وثيقة "بيان الرياض"، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً داخل المشاركين في مؤتمر الرياض الذي عقد قبل أيام، مما اضطر هادي بعدها إلى إجراء تعديلات وإشراك ممثلين للأطراف السياسية الأخرى.
وكان هادي، منذ تولى الرئاسة عقب انتخابه كمرشح توافقي، حاول أنّ يعتمد على بعض رجالات الدولة الذين كانوا ضمن طاقم حكم الرئيس المخلوع قبل أن يتعرض لخيانات أغلب تلك القيادات التي اعتمد عليها.

وتصدّر قادة الجيش والمعسكرات والألوية هذه الخيانات، حتى إن البعض ممن كانوا محيطين به ساهموا في وضعه رهن الإقامة الجبرية في صنعاء عقب انقلاب الحوثيين، فيما البعض الآخر ساعد في إسقاط مناطق ومعسكرات، وآخرها قبيل عاصفة الحزم عندما أسقطت العند وعدن، فضلاً عن محاولات إسقاط لحج وأبين.

كما أن بعض تلك القيادات التي اعتمد عليها هادي أثناء عودته إلى عدن، ولا سيما في بعض قيادة السلطات المحلية من محافظين وغيرهم ساهمت في خيانة القيادات العسكرية الموالية له. كما ساعدت مليشيات الحوثيين والمخلوع في اعتقال وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، الذي لا يزال في قبضة الحوثيين.
لذلك، بحسب البعض، لم يعد هادي يثق بكل من حوله، عدا مجموعة صغيرة ومغلقة، هي تلك التي يعتمد عليها حالياً. وعلى الرغم من ولاء الكثير منهم له فإن البعض من هذه المجموعة لم يستوعب الدرس على الرغم من الإخفاقات العديدة التي أدت إلى ما وصلت إليه البلاد.

اقرأ أيضاً: التصعيد الحوثي على الحدود: بين استدراج الخارج وطمأنة الداخل 

المساهمون