بصمات "داعش" في اعتداء القطيف

بصمات "داعش" في اعتداء القطيف

23 مايو 2015
التفجير الانتحاري استهدف مسجداً شيعياً (فرانس برس)
+ الخط -
يحمل التفجير الانتحاري، الذي استهدف مسجد القديح، غرب منطقة القطيف في شرق السعودية، أمس، بصمات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وهو ما تأكد بعد تبني التنظيم للاعتداء، فضلاً عن كونه يأتي بعد نحو ستة أشهر على حادثة إطلاق نار في حسينية في الإحساء، بحسب ما أكّد خبراء لـ"العربي الجديد".

وبحسب رواية وزارة الداخلية، فإن انتحارياً يحمل حزاماً ناسفاً فجر نفسه بين المصلّين داخل المسجد، وأسفر الهجوم عن قتل وجرح العشرات.

وأكّد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية، اللواء منصور التركي، أنّه  "في أثناء أداء المصلين شعائر إقامة صلاة الجمعة في مسجد الإمام علي بن أبي طالب، ببلدة القديح، بمحافظة القطيف، الجمعة، قام أحد الأشخاص بتفجير حزام ناسف كان يخفيه تحت ملابسه، مما نتج عنه مقتله واستشهاد وإصابة عدد من المصلين، وقد باشرت الجهات المختصة مهامها في نقل المصابين إلى المستشفى، وتنفيذ إجراءات ضبط الجريمة الإرهابية والتحقيق فيها". وكشفت مصادر "العربي الجديد" أن عدد القتلى في الحادثة تجاوز الـ22 إضافة إلى 100 مصاب. ونشرت بعض المواقع الإخبارية أسماء الضحايا، غير أن أي مصدر رسمي لم يؤكّد العدد.

وأطلقت مجموعات من أهالي القديح نداءات عاجلة بضرورة المسارعة للتبرع بالدماء، فيما اكتظت المستشفى بأعداد كبيرة من المتبرعين، واستدعت وزارة الشؤون الصحيّة طواقمها الطبية والتمريضية، بغية التعامل مع ضحايا العمل الإرهابي، وتم توزيع المصابين ما بين مستشفى القطيف المركزي، ومستشفى  المواساة، ومستشفى  الزهراء، ومستوصف مضر، ومستشفى الدمام المركزي.

وقال أستاذ علم الجريمة والخبير في المنظمات الإرهابية، يوسف الرميح، لـ"العربي الجديد"، إن "بصمات (داعش) واضحة في اعتداء القديح الإرهابي، فهذه طريقتهم في السعودية، وهم لا يتورعون عن المقدّسات، فلم يحترموا قدسية المسجد أو الأرواح. وانتهكوا حرمة بيت الله بلا رادع وهو أمر غير مستغرب منهم". وأسف لوجود "بعض الشباب المتعاطف معهم، والذين يستخدمهم التنظيم لتنفيذ مخططاته الشيطانية"، مشيراً إلى أن التنظيم نجح في "تجنيد هؤلاء الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي".

وشدّد الرميح على أنّ هدف "داعش" من الهجوم هو نشر الفتنة والتعصب المذهبي في السعودية، وإظهار الأقلية الشيعية على أنها أقلية مضطهدة، قبل أن يرجح أن تنجح وزارة الداخلية "في القبض على المجرمين سريعاً، كما حدث في الاحساء قبل نحو ستة أشهر، حين اعتقلت الإرهابيين بعد أقل من أسبوعين". وراح ضحية حادث الإحساء في حينه سبعة قتلى وعدد من الجرحى.

واتفق الخبير والمحلل الاستراتيجي، طراد العمري، مع الرميح بقوله، في حديث مع"العربي الجديد"، "بصمات (داعش) واضحة على الهجوم"، مضيفاً أنّ الهدف "بث الكراهية بين السنة والشيعة في السعودية". واستطرد إلى القول إن "تحديد الجهة المسؤولة، سواء (داعش) أو (القاعدة) سابق لأوانه، لكن استهداف طائفة معينة يوضح الهدف من العملية، وهو ما حصل قبل أشهر في الإحساء".

وأدانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء "الحادثة الإرهابية التي استهدفت المصلين"، وعدتها "جريمة بشعة تهدف إلى ضرب وحدة الشعب السعودي وزعزعة استقراره".

بدوره، طالب المرجع الشيعي، حسن النمر، المصلين وأهالي المنطقة بالهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة، وقال في بيان إن "هذا الحادث الآثمَ  في طبيعته، وطريقة تنفيذه، ومن استُهدف به ليس منقطع الصلة عن حادث الدالوة الإرهابي؛ الذي راح ضحيته عددٌ من الشهداء، فكلا الجريمتين تصبَّان في هدف لا يخفى على عاقل، وهو تدمير النسيج الاجتماعي في بلادنا العزيزة، ولا علاج لهما ولأمثالهما بغير قطع دابر الفتنة من أساسها، من خلال التأكيد الصريح على أن الشيعة مسلمون، يعاقب كلُّ من يكفرهم أو يستبيح دماءهم".

كما دعا إمام المسجد الذي وقعت فيه الحادثة، الشيخ عباس العنكي، الأهالي إلى التحلي بضبط النفس وعدم الانسياق وراء الدعوات الطائفية، مؤكداً على "التزام الهدوء في مثل هذه الظروف الاستثنائية، بهدف تفويت الفرصة على الراغبين في الاصطياد في المياه العكرة"، لافتاً الى أن السلطات الأمنية "تعمل جاهدة في ملاحقة الجهات الداعمة والمنفذة للتفجير"، قائلاً إن  "الجريمة إرهابية تهدف إلى شق الصف الوطني".

وأعاد الاعتداء إلى الأذهان حادثة مدينة الدالوة في محافظة الإحساء (شرق السعودية) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما هاجم مسلّحون حسينية أثناء إحياء ذكرى عاشوراء وقتلوا سبعة أشخاص بالرصاص. ولكن بعد مضي أقل من ثلاثة أسابيع، أعلنت وزارة الداخلية القبض على الجناة، وأنها فككت شبكة إرهابية يرتبط قائدها بتنظيم "داعش"، وحملتها مسؤولية الهجوم، واعتقلت قوات الأمن حينها  73 مواطناً وأربعة أجانب على صلة بالاعتداء.

اقرأ أيضاً: "داعش" والسعودية: خفوت لا يلغي الوجود

 وتقع القديح في الركن الشمالي الغربي من مدينة القطيف، وتبعد عنها أقل من كيلومترَيْن، في وسط غابة كثيفة من النخيل، تحتضنها من ناحية الغرب كثبان رملية عالية، وتطل شرقاً على جزء من ساحل الخليج، ويبلغ عدد سكانها نحو 27 ألف نسمة. وتعتبر القديح من أقرب البلدات إلى حاضرة القطيف.