الخارجية اللبنانية في خدمة حزب الله: باسيل عراباً

الخارجية اللبنانية في خدمة حزب الله: باسيل عراباً

04 ابريل 2015
باسيل يخوض المعارك لأجل عون وإرضاءً لحزب الله(حسين بيضون)
+ الخط -
لمن لم يفهم بعد موقف الجمهورية اللبنانية من تطورات الأوضاع في اليمن، بعد إطلاق عملية "عاصفة الحزم" لا بد أن يتوقف عند فحوى كلمة وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، في مؤتمره الصحافي التوضيحي أول من أمس، في أعقاب القمة العربية التي عقدت الأسبوع الماضي في شرم الشيخ. 
قال باسيل "إن لبنان، تأكيداً منه على الموقف العربي الجامع والقائم على دعم الشرعية الدستورية في أي بلد عربي، وعلى اعتماد الحلول السياسية السلمية للأزمات العربية، وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، يشدد على السير في أي موقف يقوم على الإجماع العربي، وينأى عن أي خطوة لا تحظى بالإجماع أو التوافق العربي. ويؤكد ضرورة الإسراع بإنشاء قوة عربية مشتركة لصون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب".

أي أنّ لبنان مع الإجماع العربي، وبالتالي هو ضد التدخل العسكري في اليمن لكون هذا التدخل لم يحظَ بالغطاء السياسي الجامع، لكن في الوقت نفسه مع قوة عسكرية عربية لمواجهة الإرهاب الذي تتّهم بعض البلدان العربية بلداناً عربية أخرى بصناعته ودعمه.

بين موقفي حزب الله وتيار المستقبل، يضيع موقف باسيل والحكومة. يعتبر الأول أنّ "عاصفة الحزم" غزو لليمن، في حين يؤكد الثاني جرأة القيادة السعودية وحزمها في الوقوف بوجه المشروع الإيراني في المنطقة. لذا يحاول وزير الخارجية اللبنانية، جبران باسيل، إظهار الوسطية المفترضة بين المحورين، علّ هذا التموضع الجديد يخدم مصالح رئيس تكتل التغيير والإصلاح ووالد زوجة باسيل، النائب ميشال عون. فيلعب باسيل بين النقاط والحروف للمحافظة على مشاريع تكتله السياسية، وفي مقدمتها إيصال عون إلى موقع رئاسة الجمهورية.

اقرأ أيضاً: وزير الخارجية اللبنانية: منعنا إدانة "حزب الله"

وتحت عنوان "مصلحة لبنان واللبنانيين" يسعى وزير الخارجية إلى تحقيق بعض النقاط من رصيد وزارته. مثلاً، بعد أن خرج باسيل من اجتماع مع ممثلي دول العالم في نيويورك وآخر مع زعماء الدول العربية، فتح معركة مع رئيس الجمهورية السابق، ميشال سليمان على خلفية إعلان بعبدا (نص الاتفاق بين الأطراف اللبنانية خلال جلسات الحوار الوطني برئاسة سليمان، 2012). أصرّ باسيل خلال الاجتماعات العربية، وآخرها القمة العربية، على عدم ذكر "إعلان بعبدا" في مقررات القمة، ولو أنّ الموقف اللبناني تضمّن كل مضمون "الإعلان" بشكل حرفي. لا يريد باسيل أن يعترف لسليمان بأي جميل أو خطوة إيجابية قدّمها الأخير للبنانيين، ولو كانت بهذا الحجم الصغير أو طيّ النسيان وعرضة للتجاوزات اليومية من قبل حزب الله. فيخرق الحزب يومياً البند المتعلق بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، من خلال قتاله المستمر في سورية، لا بل وسّعه عبر اعترافه بالمشاركة في الحرب في العراق.

يخوض باسيل وتياره معارك بهذا الحجم حفاظاً على مصالح عون داخل الطائفة المسيحية من جهة، وإرضاءً لحليفه حزب الله في ضرب صورة سليمان نظراً لتوتر علاقة الحزب بالأخير خلال الأيام الأخيرة من عهده، من جهة ثانية. ووصل مديح باسيل حزب الله إلى حدّ القول، في مؤتمره الصحافي  قبل يومين، "إننا مستعدون لوضع صدورنا أمام المقاومة للحفاظ على لبنان، إذ إن هناك أشخاصاً يقدمون دماءهم وشهادتهم، وعملنا الدبلوماسي وبعض الاتصالات التي نقوم بها، قليلة جداً مقارنة بهذه التضحيات".


اقرأ أيضاً: الحريري ـ نصرالله: التعايش المستحيل في لبنان


جاء هذا الكلام في معرض حديث باسيل عن انتصار الدبلوماسية اللبنانية في مؤتمر جنيف حول حقوق الإنسان، والنجاح بعدم ذكر اسم حزب الله "كطرف إرهابي مشارك في الحرب السورية". يعمل باسيل من منطلق الحفاظ على الوحدة الوطنية وحماية الداخل اللبناني، وهو يصيب في العديد من التبريرات التي قدمها اللبنانيون تحديداً في قوله إنّ "الوحدة الوطنية اللبنانية أهم بكثير من التضامن العربي، وتسبق الإجماع العربي والوحدة العربية ــ العربية". أي أنّ المطلوب أولاً المحافظة على لبنان قبل السعي إلى التأكيد على وحدة الصف العربي، وطالما أنّ المنطقة العربية مقسومة بين محورين، فإنّ أفضل أساليب حماية لبنان ومجتمعه وحكومته الهشّة، هو تخفيف الأضرار من خلال هذه السياسة.
إلا أنّ هذه السياسة لا تلغي كون وزارة الخارجية اللبنانية تحوّلت منذ 2005 إلى محطة أولى للدفاع عن حزب الله وتجاوزاته، الداخلية والخارجية. بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في فبرير/شباط 2005، وضع الحزب وحلفاؤه يدهم على وزارة الخارجية، ولا يزال الوضع على حاله من خلال حليفهم العوني.
يفهم باسيل اليوم السير في الحد الأدنى من التوازن للمحافظة على الكثير من المكاسب السياسية المالية، أبرزها الدعم العسكري المستمر للجيش اللبناني (4 مليارات دولار أميركي)، والمليارات الموعودة لمعالجة ملف اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى ملف النفط اللبناني المعلّق في عرض البحر، بانتظار استكمال التسويات في المنطقة. كل هذا يدفع باسيل إلى حياكة بعض الحبال واللعب عليها، ومنها الحبل من الرابية (مقرّ إقامة عون) إلى بعبدا (مقرّ رئاسة الجمهورية).