مواجهة جديدة بين بوتين والمعارضة الروسية

مواجهة جديدة بين بوتين والمعارضة الروسية

14 ابريل 2015
ازدادت شعبية بوتين أخيراً (ساشا موردوفيتس/Getty)
+ الخط -
تنفست السلطات الروسية الصعداء مع انتهاء "مسيرة الحداد" التي أعقبت اغتيال السياسي المعارض بوريس نيمتسوف في 28 فبراير/شباط الماضي، بسلام. وبدا حينها وكأن تظاهرة الاحتجاج التي كانت مقررة في الأول من مارس/آذار الماضي تحت عنوان "مسيرة الربيع"، قد أُفرغت شحنتها في مسيرة الحداد، وانتهى الأمر. إلا أن واقع الحال يقول غير ذلك، فملف مشاركة قوات روسية في حرب أوكرانيا الذي يقلق الكرملين وقضى نيمتسوف من دون نشره، لم تغلقه المعارضة ولا يبدو أنها تنوي ذلك، بل هي بصدد نشره والخروج في تظاهرة في قلب العاصمة، بعد أيام.

تم الإعلان على موجة إذاعة "صدى موسكو"، في 30 مارس الماضي، عن أن تقرير "بوتين: الحرب"، الذي يتضمن أدلة على مشاركة قوات روسية في النزاع الأوكراني، والذي كان نيمتسوف في طور إعداده قبيل تصفيته، سينشر خلال هذا الشهر. وفق ما أعلن عنه رئيس فرع موسكو لحزب "بارناس" إيليا ياشين.

وأضاف ياشين "تمكنّا من استعادة وتيرة الأحداث، ومستمرون في جمع الأدلة والإثباتات، ونأمل أن نتمكن من عرض التقرير، الذي سيتضمن أدلة قاطعة على وجود قوات روسية على الأرض الأوكرانية". وقد أعلن عن أن التقرير الذي لم يتمكن نيمتسوف من إنجازه قبل اغتياله، أُعدّ على أساس شهادات أهالي قتلى الجيش الروسي في أوكرانيا.

ووفقاً لياشين فإن المحامين من جهة أهالي القتلى الذين سقطوا في دونباس (المنطقة التي تضمّ إقليمي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيين)، هم من زود السياسيين المعارضين بالمعلومات، وإن الأهالي لم يتلقوا تعويضات عن دماء أبنائهم. وأضاف أن "المحامين تواصلوا مع نيمتسوف قبل اغتياله، للاستفادة من علاقاته في موسكو من أجل ممارسة الضغط على وزارة الدفاع لتعويض أهالي القتلى". ووعد ياشين بنشر تقرير "بوتين: الحرب" قريباً. وأفاد موقع "بوليت.رو"، أن "الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو ربط بين اغتيال نيمتسوف والتقرير المذكور".

من جهته، امتنع المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عن التعليق، ونقلت عنه وكالة "إنترفاكس"، قوله "لا أستطيع، ولا أنوي الإدلاء بأي تعليق على خلاصات ما من التقرير". وفي سياق التظاهرة المرتقبة، فقد سبق لبيوتر تساركوف، الرئيس المشارك لحركة "التضامن" (سوليدارنوست) المعارضة، أن غرّد على حسابه في موقع "تويتر"، في 5 مارس الماضي، أنه "ستجري مسيرة غضب وكرامة في 19 أبريل في موسكو". وكشف أن التنظيم سيكون لـ "لجنة الحركات الاحتجاجية، بالتوافق مع حزب بارناس وحركة التضامن".

اقرأ أيضاً: روسيا: اتهام شيشانيين بقتل نيمتسوف يثير تساؤلات جديدة 

ولفت إلى أن "المنظمين سيُعلمون محافظة موسكو، وفق القوانين المعمول بها عن التظاهرة، وسيصرّون على إقامتها في قلب موسكو. ولن نذهب إلى حي مارينينو"، الذي يقع في الأطراف، مكان الترخيص لتظاهرات المعارضة، خلافاً لمسيرات التأييد التي تجري في مركز العاصمة.

وحول قدرة المعارضة على حشد الجمهور، نقلت وكالة "إنترفاكس" عن سيرغي دافيديس، أحد قادة "حزب الخامس من ديسمبر"، قوله إن "جميع الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي تسببت في الرغبة في مسيرة الربيع، لم تتبدد، بل تضخمت مع مقتل بوريس نيمتسوف". مع العلم أن "حزب الخامس من ديسمبر"، حزب ليبرالي روسي معارض، لا يحظى بترخيص رسمي، وهو يعمل تحت قيادة جماعية مشتركة، ولذلك فلا زعيم محدداً لهذا الحزب، الذي تمّ تأسيسه في صيف 2012.

ولا يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن كل ما يجري، فقد نقلت عنه وكالة "إنترفاكس" في 26 مارس الماضي، قوله أثناء اجتماع هيئة الأمن الفيدرالي، إن "محاولات أجهزة الاستخبارات الغربية مستمرة لاستخدام المنظمات الاجتماعية غير الحكومية والجمعيات غير السياسية، في المقام الأول، من أجل تشويه سمعة الحكومة وزعزعة الوضع الداخلي في روسيا".

وفي موازاة ذلك، أكد بوتين استعداد السلطات للحوار مع المعارضة، مبدياً النية في "الاستمرار بعلاقات الشراكة مع المجتمع المدني بكل ما تتضمنه هذه الكلمة من معاني، والإصغاء دائماً إلى أولئك الذين ينتقدون بشكل بنّاء عمل السلطات أو عطالتها".

وأشار إلى أنه "لا جدوى من الدخول في نقاش مع أولئك الذين يعملون بطلب من الخارج، خدمة لبلد غريب وليس لبلدهم". ولذلك فإن السلطات، وفقاً لبوتين، "ستستمر في إيلاء الاهتمام لوجود مصادر خارجية لتمويل المنظمات غير الحكومية، والتحقق من توافق أنظمتها الداخلية مع عملها الفعلي". وأكد الرئيس الروسي في اجتماعه الأمني، أن "المعلومات تفيد بأن هناك من يخطط لأعمال خلال الانتخابات المقبلة في الانتخابات البرلمانية 2016 والرئاسية 2018".

وسبق أن تمّ اعتماد قانون حول "العملاء الأجانب" في العام 2012، يُلزم جميع المنظمات السياسية وغير الربحية، بما في ذلك المعارضة، التي تتلقّى تمويلاً من الخارج، بتسجيل نفسها في وزارة العدل، بصفة "عميل أجنبي"، إلى أن وقّع الرئيس الروسي في التاسع من مارس الماضي مشروع قانون، يعفي المنظمات غير الحكومية من هذا التسجيل.

وفي سياق متصل، كشفت نتائج استطلاعات لدى الحاضنة الاجتماعية التي تعمل فيها المعارضة بالكثير، فمعطيات مؤسسة "الرأي العام" تُفيد بارتفاع نسبة من قام بانتقاد عمل السلطات، من 29 في المائة، في شهر فبراير إلى 44 في المائة في مارس. كما انخفضت نسبة غير الراضين عن عمل السلطات من 37 إلى 31 في المائة في هذين الشهرين. وكشف مركز "ليفادا" لدراسة الرأي العام، عن ارتفاع نسبة الذين يريدون رؤية بوتين على كرسي الرئاسة بعد انتهاء ولايته الحالية سنة 2018، مرتين ونصف من العام 2013 إلى اليوم، بينما لم تتخطّ نسبة الذين يريدون رؤية رئيس آخر بدلاً منه حاجز الـ25 في المائة.

يُذكر أن المعارضة الروسية كانت بصدد تنظيم مسيرة "الربيع" ضد الأزمة في الأول من مارس الماضي، إلا أن اغتيال نيمتسوف دفعها إلى تحويلها نحو "مسيرة حداد" جرت بالتوازي في عاصمتي روسيا، القديمة والجديدة، بطرسبورغ وموسكو.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوراسي: بوتين يضع أسس سوفييت عائد

المساهمون