أزمة المعارضة الروسيّة

أزمة المعارضة الروسيّة

15 مارس 2015
+ الخط -
مرة جديدة، تتوقف المعارضة الروسية أمام أزمة تشتتها وتفرقها، بسبب الخلافات الشخصية التي تسيطر على معظم أطيافها وقياداتها، في وقت تتعرض فيه لأشد وأصعب مواجهة مع النظام، منذ وصول الطبقة الحاكمة الحالية إلى الحكم، والذي تمثل بكشفها وعدم حمايتها على أثر اغتيال المعارض بوريس نيمتسوف، وخصوصاً أنها أمام استحقاق شعبي ووطني، ممثلاً بانتخابات برلمانية، يحدد موقعها في السياسة الروسية المقبلة. فالانتخابات سريعة جداً، ووقتها ضيّق، تبدأ حملاتها في الصيف، وتجرى اقتراعاتها في أول الخريف، وأمام هذا الاستحقاق، يطرح السؤال التالي: على عاتق من يقع توحيدها وتولي قيادتها؟
الحالة السياسية في روسيا، وخصوصاً بعد مقتل نيمتسوف، تشير إلى ضعف المعارضة وتشتتها، على الرغم من خروجها في تظاهرات سياسية حاشدة، شملت مختلف المناطق، وخصوصاً في "الجنازة والذاكرة"، ولكن، مرة أخرى، بدأ الحديث عن اندماج محتمل لقوى المعارضة من قادتها. وقال رئيس الوزراء السابق المعارض، ميخائيل كاسيانوف، لصحيفة نيزافيسيمايا الروسية، بتاريخ 13 مارس/ آذار الحالي: "نحن مستعدون للتعاون مع جميع القوى الليبرالية في البلاد، والعمل على توفر "ائتلاف ناعم"، يؤمّن لها على الأرض غطاءً شعبياً، وكذلك رفض العدوان الروسي على أوكرانيا، والتأكيد على مبادئ الديمقراطية التي يجب أن تطبّق في البلد".

لكن توحيد المعارضة، اليوم، لا يحل مشكلاتها الأكثر خطورة، وواحدة منها، غياب شخصيات كاريزمية. لأنهم غير قادرين على توحيد طبقة من المثقفين في المناطق الحضرية، فكيف يمكن توحيد معارضة شعبية في البلاد كافة. فالمشكلة نظرة الشعب الروسي، وعدم ثقته بالمعارضة الحالية، وخصوصاً لجهة برامجها الاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى مشكلة أخرى تسيطر على توجه المعارضة، والتي تعتبر الأكثر أهمية، وهذا يعود إلى عدم تحديد برامج الإصلاحات، على وجه الدقة في عملها، ما يضعف ثقة الشعب بخطها، وكذلك الاعتقاد السائد لدى روس كثيرين بأن المعارضة تعمل لصالح الغرب، وخصوصاً عندما يكون الدعم مباشراً، بما في ذلك المالي.

ولكن، أن تكون معارضاً، هذا لا يكفي لتحقيق انتصارات سياسية وتغيير نظام. الظروف السياسية المناسبة لنجاح المعارضين والإصلاحيين في روسيا، هو المفهوم الذي ينبغي أن يشمل "الشعب" كله، وليس فقط أن يعتمد على الطبقة الوسطى. وليس في المعارضة الروسية، اليوم، شخصية ثقة قيادية تتمتع بهذه الكاريزما. وقد يكون الأقدر على النضال والمشاركة السياسية وخوض المعركة، ويمكن له اكتساب وجذب الجماهير وتحقيق انتصارات، هو اليساري ألكسي نفالني، لكن القدرة القانونية له أصبحت محدودة، بسبب اتهامات سياسية وقانونية ومالية، إلى جانب احتجازه القسري المتكرر منذ أكثر من ثلاث سنوات، مارستها الدولة ضده، وقضمت من معارضته السياسية. قد يكون النظام الوحيد يعرف قدرة المعارضة وضعفها. لذلك، تكون ضرباته محددة، لمنع نمو الكاريزما، القيادة التي تشكل عليه الخطر الأكبر في كسب ثقة الشعب المفقودة من السلطة والمعارضة.

avata
avata
خالد ممدوح العزي (لبنان)
خالد ممدوح العزي (لبنان)