إسرائيل.. أقصر طرق السيسي إلى قلب أميركا

إسرائيل.. أقصر طرق السيسي إلى قلب أميركا

14 مارس 2015
إسرائيل البوصلة في تحديد الموقف الأميركي من مصر(فرانس برس)
+ الخط -
تبدو زلة لسان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الاقتصادي المصري، صباح أمس الجمعة، في شرم الشيخ، بقوله: "لا بد أننا نسعى جميعاً لأجل مستقبل إسرائيل" بدلاً من أن يقول مصر، تعبيراً دقيقاً لطبيعة العلاقات المصرية-الأميركية، وفقاً لدبلوماسي مصري سابق، عمل في الولايات المتحدة الأميركية.

ويقول الدبلوماسي المصري، لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل هي المحطة، والبوصلة الأهم في تحديد الموقف الأميركي من النظام السياسي في مصر، لكنها ليست الوحيدة، إلا في ذهن النظام المصري الحالي".

ويشدد على أن "زلة لسان كيري، لا يمكن النظر إليها بعيداً عن سياسات ورؤية الولايات المتحدة، تجاه أمن إسرائيل، وطريقة النظر إلى النظام الحالي، باعتباره جزءاً من حماية هذا الكيان"، مشيراً إلى أن "أميركا ترغب في مصر مستقرة بشكل كبير وخاضعة لها، ليس إلا لتأمين إسرائيل في المنطقة".

في المقابل، بدت تصريحات الرئيس المصري،، عبدالفتاح السيسي، لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، حول العلاقات بين مصر وإسرائيل، نوعاً من المغازلة للكيان الصهيوني. وقال السيسي، إنه يتحدث كثيراً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في معرض رده على سؤال حول نوعية العلاقات بين البلدين في الوقت الراهن.

واستطرد، مادحاً الاتصالات مع نتنياهو: "أنا أريد فقط طمأنته بأن التوصل إلى اتفاق سلام سيكون صفقة تاريخية بالنسبة له ولإسرائيل، وبأننا مستعدون لمدّ يد العون لتحقيق السلام"، مضيفاً أن الجانب المصري حرص على "احترام اتفاقية السلام مع إسرائيل، بدءاً من اليوم الأول على توقيعها"، واستدل في ذلك بمثال وصفه بأنه "يجسّد عمق الثقة"، "بعدما سمحت إسرائيل بنشر وحدات من الجيش المصري وسط وشرق صحراء سيناء، علما أن اتفاقية السلام تحظر ذلك". وهذا يعني أن "المزاج العدائي والتشكيك تقلّصا بعد التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل".

كلام السيسي يأتي في وقت لا يمكن فيه الحكم على العلاقات المصرية الأميركية خلال الفترة الحالية أو على المستوى القريب، في ضوء مواقف عابرة، وتحديداً منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي.

ولم يكن موقف الولايات المتحدة من النظام الحالي يرتقي إلى مستوى الدعم، خلال مرحلة انتقالية عقب عزل مرسي، بيد أن خبراء أكدوا أن العلاقة "استراتيجية"، بغض النظر عن الأنظمة القائمة، أو رفض بعض الاتجاهات التي يمكن أن يتخذها أي نظام.

ولم تعلن الإدارة الأميركية موقفاً حاسماً وواضحاً مما حدث في مصر عقب أحداث 30 يونيو، بخلاف أن السيسي، الذي كان حينها وزيراً للدفاع، كان على تواصل مع وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، بشكل شبه مستمر، فضلاً عن بعض التصريحات من مسؤولين أميركيين حول دعم اختيارات الشعب المصري.

وأعلن الكونغرس الأميركي وقف جزء من المساعدات العسكرية إلى مصر، التي تحصل عليها بموجب اتفاقية السلام مع إسرائيل. بيد أن الأمر لم يلبث أن تبدّل، عقب ترويج النظام المصري أن المعونات العسكرية ستُستخدم في مواجهة الإرهاب في سيناء.

موقف آخر يمكن الحكم من خلاله على الموقف الأميركي تجاه النظام المصري، فقبل عدة أشهر أعلنت الولايات المتحدة أن طائرات عسكرية "مصرية-إماراتية" ضربت أهدافاً في ليبيا، وهو أمر تسبب في إحراج لمصر والإمارات. كما أن الدعم الأميركي الكامل لعقد مؤتمر اقتصادي للاستثمار في تونس، لم يظهر في دعم المؤتمر الاقتصادي المصري.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة، وفقاً لباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، "تريد نظاماً مصرياً مستقراً، باعتباره ضمانة حقيقية لأمن إسرائيل، وهي واثقة أن النظام الحالي، بسياساته الاقتصادية والأمنية، لن يكون قادراً على تحقيق الاستقرار المنشود، فهي تقبله إلى حين، فإما التعديل وفق رؤيتها، وإما التخلي الكامل عنه، وتركه يتداعى إلى أن يسقط".

اقرأ أيضاً: مصر: تظاهرات وانفجارات تزامناً مع المؤتمر الاقتصادي

من جهته، يقول الدبلوماسي المصري، إبراهيم يسري، لـ"العربي الجديد"، إن الإدارة الأميركية قلقة من الوضع في مصر خلال الفترة الحالية، وبالتالي فالعلاقة مع النظام الحالي ليست مستقرة بشكل كبير، مشيراً إلى أن العلاقات المصرية الأميركية ليست جيدة خلال الفترة الحالية.

ويرى يسري "أن الولايات المتحدة، خلال فترة الإخوان المسلمين لمصر، لم تكن تريد إقامة نظام إسلامي ديمقراطي، لأن هذا يخفض من مستوى تبعيتها، وخصوصاً أن تجربة إيران لا تزال في الأذهان".

ويشير إلى أن الاتجاه المصري نحو مزيد من التعاون العسكري مع روسيا لا يمثل مصدر قلق لدى الولايات المتحدة، معتبراً أن "العلاقات مع أميركا، خلال الفترة الحالية، لا تزال في طور جس النبض، نظراً لأن واشنطن تريد للقاهرة أن تكون مستقرة، وعلى مدار تاريخها وبموجب حماية إسرائيل، لا تريد زعزعة الاستقرار داخل مصر، لما له من تأثير على حليفها الأول في المنطقة".

ويلفت إلى أن "الفوضى في مصر تضر بإسرائيل، كما أن أميركا تريد أن تكون مصر خاضعة لها بشكل كامل مثلما كانت، ولكي يتحقق هذا لا بد من حكم شمولي".

وعن الدعم الأميركي لمؤتمر اقتصادي للمستثمرين في تونس، يقول يسري "إن الموقف مختلف، فربما هناك تفاهمات بشأن تونس واستقرار أكثر ومناخ جيد للاستثمار، أما في مصر فالولايات المتحدة لم تطمئن إلى قدرة وإمكانية النظام الحالي في الاستمرار بالحكم".

من جهته، يوضح الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء عادل سليمان، أن العلاقة بين مصر وأميركا استراتيجية منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى أن "مصر تُعتبر منطقة نفوذ أميركية، وليست روسية".

ويلفت سليمان في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "وسائل الإعلام في مصر تهاجم أميركا، لكن الحقيقة أن العلاقات المصرية الأميركية بعيدة كل البعد عن هذا الهجوم"، مشيراً إلى أن التواصل العسكري على سبيل المثال لم ينقطع عقب عزل مرسي من الحكم.

فيما يشرح خبير في العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن العلاقات المصرية الأميركية لها طابع خاص لعدة عوامل مهمة على رأسها إسرائيل، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح إلا بتأمين الكيان الصهيوني، وبالتالي فهي دائماً تحتاج لمصر في هذا الصدد، باعتبارها الطرف الثاني من اتفاقية كامب ديفيد".

ويضيف الخبير، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن سياسة أميركا في منطقة الشرق الأوسط، تعتمد على عدة دول تتمتع معها بعلاقات استراتيجية طويلة الأمد، لا تتأثر بمواقف هامشية، لافتاً إلى أن من بين تلك الدول مصر والسعودية على سبيل المثال، مشيراً إلى إمكانية الاختلاف في وجهات النظر، أما التحوّل تماماً، فهذا أمر له محددات مختلفة.

ويشدد على أن الولايات المتحدة ليست دولة شمولية، وبالتالي فإن الموقف من النظام الحالي يتحدد من خلال الإدارة الأميركية، والتي ربما تختلف حول التعاطي مع تطورات وضع ما، وهو ما حدث بالنسبة لمصر، معتبراً أن الضغط الإعلامي وضغوط المنظمات الحقوقية الدولية على الإدارة الأميركية لا تُمكّنها من إعلان الدعم الكامل لمصر، فضلاً عن اتجاهات في الكونغرس ترفض الطريقة التي جاء بها النظام الحالي، ولكن يبقى أن الإدارة الأميركية مضطرة إلى التعامل مع الوضع القائم.

وحول استقبال وزارة الخارجية لقيادات "الإخوان المسلمين"، يقول الخبير: "هذا أمر طبيعي باستقبال أطراف داخل الإدارة أطراف الأزمة في دولة ما، في محاولة للاستماع إلى مختلف وجهات النظر، للتدخل لحلها، والتوفيق بين الأطراف كافة".

المساهمون