"تكريد" أسماء مدن سورية بين العودة للأصل وإنجاز إقليم

"تكريد" أسماء مدن سورية بين العودة للأصل وإنجاز إقليم

06 ديسمبر 2015
غيّر الأكراد اسم "عين العرب" لتصبح "كوباني" (عيسى ترلي/الأناضول)
+ الخط -
لم تنتظر وحدات "حماية الشعب"، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني)، طويلاً لتغيير اسم مدينة تل أبيض شمال مدينة الرقة السورية على الحدود السورية التركية، بعدما سيطرت عليها منتصف العام الجاري، لتصبح (كري سبي) وهو اسم كردي، رغم أن غالبية سكانها من العرب.

اقرأ أيضاً: غطاء روسي للقوات الكردية ضد المعارضة السورية بحلب

وبدأ ناشطون أكراد بالترويج للاسم الجديد، معيدين جدلاً ليس بعيداً حول اسم مدينة سورية أخرى هي عين العرب، إذ صدّر ناشطون سوريون أكراد اسماً جديداً لها إبان هجوم تنظيم الدولة الإسلامية عليها وهو "كوباني"، فاضطرت وسائل الإعلام، وخصوصاً العربية، إلى دمج الاسمين معاً "عين العرب كوباني" لوضع حدّ لجدل لم يقل ضراوة عن حدة المعارك والقصف الجوي من قبل طيران التحالف الذي حوّل المدينة إلى "متحف"، إثر الدمار الكبير الذي طاولها وأزال أحياء كاملة منها من الوجود.

منذ أن بدأت وحدات "حماية الشعب" بفرض سيطرتها على مدن في محافظة الحسكة (أقصى شمال شرق سورية)، شرعت في تغيير أسمائها من عربية إلى كردية، لفرض واقع جديد، وتأكيد القطيعة مع مرحلة سابقة، إذ قامت بتغيير اسم مدينة القحطانية إلى (تربي سبيه)، وتل تمر التي يقطنها مسيحيون إلى (كري خورما)، وبلدة معبدة إلى (كركي لكي)، ومدينة رأس العين إلى (سريه كانييه)، كما أطلق على جبل عبد العزيز الشهير في الحسكة اسم (قزوان)، بل وصل الأمر إلى إطلاق تسمية (روج أفا) على محافظة الحسكة ومناطق سورية أخرى، وهو اسم الإقليم الذي يسعى هذا الحزب إلى تشكيله شمال شرق سورية، والذي يعتبره حزب "الاتحاد الديمقراطي" بمثابة (غرب كردستان).

ويرى مثقفون سوريون أكراد أن النظام حاول تغيير هويتهم من خلال استبدال أسماء المدن الكردية بأخرى عربية، بدءاً من عام 1963 وهو العام الذي شهد وصول حزب "البعث العربي الاشتراكي" للسلطة في سورية. وأشار الكاتب السوري (كردي) جوان محمد في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "الاتحاد الديمقراطي" (PYD) لم يقم بتغيير أسماء مدن عربية "بل أعاد الأسماء الأصلية التي بدلها النظام"، نافياً قيام الحزب بتغيير اسم أي مدينة عربية.

وذكر محمد أن النظام حاول تغيير هوية الأكراد خلال عقود حكمه، من خلال استبدال أسماء الأشخاص والمدن الكردية بأخرى عربية، مؤكداً أن الحزب يقوم بكتابة أسماء المدن بثلاث لغات هي: العربية، والكردية، والسريانية. ويضيف أن "منطقة الجزيرة السورية مختلطة بين العرب والكرد والسريان، والوجود العربي فيها أصيل من خلال قبائل عربية كبيرة"، مشيراً إلى أن غالبية الأحزاب الكردية انتقلت من الدلالة العرقية بأسمائها إلى الدلالة المكانية مضيفة مفردة "الكردستاني"، معرباً عن اعتقاده بأن مصطلح كردستان أدق من مصطلح الكردي.

في المقابل، يؤكد الحقوقي ويس الجديداوي (من مدينة تل أبيض) أن منطقة الجزيرة هي منطقة عربية سورية، وأن أسماء المدن والبلدات فيها هي عربية الأصل. ويرى في حديث لـ"العربي الجديد" أن حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي يريد تغيير واقع المنطقة من خلال استبدال أسماء المدن في الجزيرة السورية، مشيراً إلى أن (PYD) "يريد أن يظهر للعالم أنها أراضٍ كردية في الأصل، ومحتلة من قبل العرب". وخلص إلى القول إن "المشكلة أن العالم يرى ويسمع، ويصدق أكاذيب لا أساس لها".

بدوره، يُرجع المعارض السوري حمد شهاب الطلاع الجبوري (من أبناء الحسكة) توجه قوات، وأحزاب كردية مسيطرة على الأرض في سورية لتغيير أسماء القرى، والبلدات التي تقع تحت سيطرتها إلى "أسباب تاريخية، وأخرى تتعلق بالأمر الواقع كونهم الطرف الوحيد المسيطر". ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "في ما يتعلق بالأسباب التاريخية، فهم انطلقوا من عملية استثمار السياسات البعثية المماثلة التي قامت سابقاً بتغيير بعض الأسماء الكردية للقرى، وهم بذلك يعتبرون ذلك ذريعة لتغيير أسماء أخرى لم يغيرها (البعث) من قبل، مستندين إلى تاريخ كردي لم نقرأه نحن من قبل. أما بالنسبة لأسباب الأمر الواقع فهم الآن ونتيجة الدعم الأميركي، وبعض الدعم الإقليمي لتوجهات التقسيم ولو على أسس فدرالية، يريدون استثمار غياب قوة الشريك من أجل إنجاز إقليم بمواصفات كردية صرفة".

اقرأ أيضاً: سورية: "داعش" يسعى إلى إقامة "منطقة آمنة" من الأكراد

المساهمون