المغرب والانتخابات الإسبانية: مخاوف تطال ملفات سبتة ومليلية والصحراء

المغرب والانتخابات الإسبانية: مخاوف تطال ملفات سبتة ومليلية والصحراء

22 ديسمبر 2015
مصير غامض لسبتة ومليلية (ديفيد راموس/Getty)
+ الخط -
تراقب المملكة المغربية نتائج الانتخابات التشريعية في إسبانيا، التي جرت، يوم الأحد، وتداعياتها بكثير من الحذر، بعد ليلة إسبانية صاخبة، استعرض فيها الحزب "الاشتراكي" الإسباني وجوده، بينما ظهر حزب "بوديموس"، التنظيم الصاعد في سماء الحياة السياسية، أكثر سعادة بالهزة العنيفة التي أحدثها داخل المشهد السياسي الإسباني عندما انتزع المرتبة الثالثة. وبدّد "بوديموس" آمال الحزب "الشعبي" الحاكم في الفوز بأغلبية نسبية، تتيح له تشكيل الحكومة المرتقبة منفرداً، ما يعني بعثرة الأوراق السياسية، ووضع التحالفات المحتملة أمام محطات كثيرة، أهمها، رغبة الاشتراكيين الإسبان في تجاوز فخ التنسيق مع "الشعبي"، خشية من أن يتحول ذلك إلى ورقة سياسية حاسمة في أيدي الزعامات السياسية الشابة في "بوديموس"، التي بنت خطابها على مفهوم جديد للعمل السياسي، وتصوّر مجتمعي واقتصادي، يدعو إلى سياسة ليبرالية تقطع مع إجراءات التقشف التي تلجأ إليها الحكومات في الأزمة الاقتصادية.

يرتبط المغرب وإسبانيا بعلاقات سياسية ودبلوماسية تقليدية، وقد عانت هذه العلاقات من توترات عدة، حتى أن المغرب وقف على شفير حرب مع الجارة الشمالية، في عهد حكومة "الشعبي" برئاسة، خوسي ماريا أثنار، في عام 2002، فيما يُعرف بحادثة "جزيرة ليلى"، التي قام فيها المغرب بإنزال عدد من قواته، التي حاصرها الجيش الإسباني وأسرهم، وقام بتسليمهم للسلطات المغربية عند معبر سبتة الحدودي.

وقد أدى هذا التطور العسكري وما نتج عنه من تفاعلات وشعور مغربي بالإهانة، إلى تدهور العلاقات بين البلدين لمدة طويلة، وظل الوضع يراوح مكانه مع وصول الاشتراكيين المفاجئ إلى السلطة عام 2004، في عهد رئيس الوزراء الأسبق، لويس رودريغيز زاباتيرو. واستمرت العلاقات بين الرباط ومدريد في حدودها الدنيا، حتى بعد عودة الحزب "الشعبي" إلى الحكم في انتخابات 2011، التي أدت إلى صعود نجم رئيس الوزراء، ماريانو راخوي، الذي يواجه، اليوم، مأزق فقدان حزبه أكثر من أربعة ملايين صوت، وحوالي 60 مقعداً في الانتخابات. 

الأهم في الانتخابات الحالية، هو طريقة معالجة السلطة الجديدة، مهما كان لونها السياسي، ثلاثة ملفات كبرى، تُشكّل عصب العلاقات السياسية المغربية الإسبانية. الملف الأول، هو الملف الأمني، ويدخل في إطاره ملف الهجرة السرية والإرهاب، وتشير أرقام وزارة الداخلية الإسبانية، إلى أن حوالي نصف أعضاء الجماعات المتطرفة التي تنشط بين سبتة ومليلية، وتتخذ من المدينتين المغربيتين المحتلتين، قاعدة للانطلاق نحو الأراضي الإسبانية، أو للتوجّه نحو سورية والعراق للانضمام إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، هم من أصول مغربية.

اقرأ أيضاً: "الذئاب المنفردة" خطر يهدّد المغرب

الملف الثاني، يتصل بقضية الوحدة الترابية المغربية، وموقف الحكومات الإسبانية من ملف الصحراء، إذ على الرغم من تعاقب الحكومات من يمينية واشتراكية في إسبانيا، إلا أن مواقفها اتسمت بعدم الوضوح، إن لم تذهب في كثير من الأحيان إلى التعبير عن مواقف داعمة للانفصاليين. وهو على أية حال موقف الاشتراكيين الإسبان، أما حركة "بوديموس"، فهي الأكثر جهراً بالمواقف المؤيدة لـ"جبهة البوليساريو".

الملف الثالث، والمسكوت عنه رسمياً، بينما تحركه الأطراف المدنية في المغرب، فيتعلق بوضعية سبتة ومليلية، المحتلتين منذ أكثر من أربعة قرون. وفي حين تعتبر الأوساط الرسمية الإسبانية، أنه لا مجال الآن لطرح موضوع وضعية المدينتين على طاولة النقاش، ترتفع من الجانب المغربي، دعوات الأحزاب السياسية المغربية والمنظمات المدنية للحسم في وضعية المدينتين، واستكمال وحدة التراب الوطني، حتى وإن كان الجانب المغربي يدرك جيداً الكلفة المادية والسياسية والعسكرية لهذا المطلب السيادي المشروع.

ولا يتوقع أن يحدث تحول مخيف في العلاقات بين البلدين، فهناك عرف سياسي أصبح شبه تقليد، فعندما تشتد الأزمات بين البلدين لا يترك الأمر للحكومات، مهما كان لونها السياسي، بل يتدخل الملك الإسباني شخصياً. وقد حدث ذلك مراراً، سواء في عهد الملك خوان كارلوس، أو في عهد ابنه الملك الحالي فليبي. واعتاد الملك السابق والحالي، على تهدئة التفاعلات السياسية، ثم زيارة ملك المغرب في الرباط. وهو ما يُجمّد الخلافات إلى إشعار آخر.

اقرأ أيضاً: المغرب وإسبانيا .. الجوار الصعب ومواريث الماضي

المساهمون