تسيبراس... مفاجأة إسرائيل "السارة"

تسيبراس... مفاجأة إسرائيل "السارة"

30 نوفمبر 2015
تسيبراس والرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين (غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -
بعكس توقّعاتها المتشائمة، تبيّن لدوائر صنع القرار في إسرائيل أن فوز مرشح اليسار اليوناني الراديكالي ألكسيس تسيبراس بمنصب رئاسة الوزراء، مطلع العام الحالي، لم يضع حدّاً للعلاقات الخاصة، التي تكرّست بين اليونان وإسرائيل منذ عام 2010، إذ حرص تسيبراس، في زيارته إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، يومي الأربعاء الخميس، على تعميق مظاهر الشراكة الاستراتيجية مع الدولة العبرية.

وقد كان مفاجئاً تزامن الزيارة التي قام بها زعيم حزب "سيريزا" اليساري، المشهور بمواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية، مع تعاظم وتيرة القمع الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، من دون أن يعبّر عن موقف ممّا يحدث على مسافة قصيرة من مكان انعقاد المؤتمر الصحافي الذي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة.

وحرص تسيبراس، خلال المؤتمر الصحافي، على إيضاح طابع التحديات التي "تفرض" تعزيز التعاون مع إسرائيل. ووفقاً له، فإن "مواجهة الأصولية الدينية العنيفة، التي تكتسح الشرق الأوسط وأفريقيا وتهدد أوروبا ومناطق كثيرة في العالم، تُمثّل تحدياً مشتركاً لكل من إسرائيل واليونان، وهو ما يوجب تعزيز التعاون بينهما لمواجهتها".

غير أنه من الواضح أن طابع اتفاقات التعاون الثنائي التي تم التوقيع عليها خلال الزيارة، أكبر بكثير ممّا هو مطلوب لمواجهة "الأصولية". وقد تم التوقيع على اتفاقات تعاون في مجالات الطاقة والغاز والتكنولوجيا والبحث العلمي والتعليم والزراعة. كما تقرّر تعزيز التعاون في مجال السياحة وتأمين الملاحة البحرية، إلى جانب تطوير الحوار السياسي والدبلوماسي بين الجانبين وتنظيم زيارات مشتركة للشباب.

اقرأ أيضاً: "سيريزا" وأوروبا وجهاً لوجه مجدداً

ممّا لا شكّ فيه أن مسألة التعاون في استخراج الغاز وتسويقه، قد نالت حيّزاً واسعاً في المباحثات بين تسيبراس ونتنياهو، لمراهنة إسرائيل على دور اليونان في مساعدتها على نقل غازها لأوروبا، عبر مدّ أنابيب من حقول الغاز إلى أراضيها. وقد أعلن نتنياهو خلال المؤتمر الصحافي، أن التعاون في مجال استخراج الغاز سيشمل قبرص، إلى جانب إسرائيل واليونان. ونوّه نتنياهو إلى أن "قمّة ثلاثية ستجمعه بكل من تسيبراس والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، في يناير/ كانون الثاني المقبل".

في هذا الصدد، يقول السفير الإسرائيلي السابق في أثينا، آرييه ميكيل، إن "تسيبراس حرص على تعزيز التعاون الأمني والعسكري والاستخباري مع إسرائيل بشكل غير مسبوق، وبات هذا التعاون مركّباً أساسياً من مركبات التعاون الاستراتيجي بين أثينا وتل أبيب".

وفي مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون"، في عددها الصادر يوم الجمعة، يكشف ميكيل أن "المناورات العسكرية المشتركة بين الجيشين الإسرائيلي واليوناني، تضاعفت في عهد تسيبراس بشكل أكبر بكثير ممّا كانت عليه في عهد حكومتي الاشتراكيين بقيادة جورج باباندريو، وحكومة المحافظين بقيادة أنتونيس ساماراس".

ويشير ميكيل بشكل خاص إلى "سماح تسيبراس لسلاح الجو الإسرائيلي بإجراء تدريبات ومناورات في الأجواء اليونانية، بما يعوّض بعض ما فقدته إسرائيل من مزايا استراتيجية بعد تدهور علاقاتها مع تركيا. وقد كانت الأجواء التركية الأكثر ملاءمة لسلاح الجو الإسرائيلي، من أجل إجراء التدريبات في بيئة قريبة من بيئة القتال التي يمكن أن يجد الجيش الإسرائيلي نفسه مضطراً للعمل فيها".

ويبيّن ميكيل أن "تسيبراس سمح للمرة الأولى بتدشين مكتب ارتباط للجيش الإسرائيلي في أثينا"، كاشفاً النقاب عن أن "وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس هو الأكثر حماساً للتعاون مع إسرائيل". يتزعم كامينوس حزب "اليونانيون الأحرار"، وهو حزب يميني انضم للائتلاف الذي يقوده تسيبراس، ويتلقف كل اقتراح يهدف إلى تعزيز التعاون مع تل أبيب.

من ناحيته، يقول الصحافي أمير تيفون، إن "تسيبراس مثله مثل سلفيه في الحكم باباندريو وساماراس، معني باستنفاد الطاقة الكامنة لتدهور العلاقات بين إسرائيل وخصم اليونان اللدود تركيا". ويشير إلى أن "تسيبراس أبدى حماساً لتعزيز التحالف الإقليمي الرباعي، الذي تجسّد بين إسرائيل واليونان وقبرص ومصر، بعد تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية، وصعود الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في القاهرة".

وفي مقال نشره موقع "والا" أخيراً، يذكر تيفون أنه "على الرغم من أن نتنياهو لم يحضر لقاء القمة الذي جمع كلاً من تسيبراس والسيسي وأناستاسياديس، مطلع العام الحالي، إلا أن إسرائيل ساهمت في وضع جدول أعمال اللقاء وأثرت على طابع المداولات والنتائج التي توصّلت إليها".

اقرأ أيضاً: الاحتلال عاجز عن مواجهة الانتفاضة وأدواته "قديمة"