لبنان: التعطيل مستمر بانتظار "صدمة" تعيد الحياة السياسية

لبنان: التعطيل مستمر بانتظار "صدمة" تعيد الحياة السياسية

24 أكتوبر 2015
هناك ضغوط على عون للقبول بجلسة تشريعية (حسين بيضون)
+ الخط -
بات تعطيل الحياة السياسيّة في لبنان السمة الطاغية. انضمت الحكومة لمجلس النواب المعطّل، ورئاسة الجمهوريّة الشاغرة منذ مايو/ أيار 2014. النقاش الحقيقي في صالونات بيروت السياسيّة أصبح يرتبط في وضع سيناريوهات لماهيّة "الصدمة" التي يُمكن أن تعيد الحياة إلى ما بات يوصف بـ"جسدٍ فارقته الروح منذ أشهر".
بعض "الجريئين" في هذه الصالونات، يُسمي أحداث مايو 2008 (اجتياح حزب الله لبيروت) كنموذج لما يُمكن أن يحدث. يُدرك الجميع أن تكرار حادثة بتفاصيلها السابقة نفسها ليس ممكناً، لكن مضمون الحادثة ممكن: خلل أمني كبير يكاد يُقارب "حرباً أهليّةً مصغّرة"، يُجبر الدول الإقليمية والدوليّة على الالتفات للبلد الذي يُعد في ذيل ترتيب الأولويات في المنطقة.

تنتشر رائحة النفايات، وتتداخل مع روائح حرق المكبات العشوائية المتمركزة حول بيروت، لتُعلن أن الفشل هو سمة النظام السياسي وليس فقط الحكومة. يُدرك الجميع ذلك. في فريق 14 آذار، هناك من يُفكّر عمّا إذا كانت استقالة رئيس الحكومة تمام سلام، أو عدد من الوزراء قد تُحدث هذه الصدمة. لا يرى مشاركون آخرون في النقاشات أنه قد يكون للاستقالة أي أثر، لأن عمل الحكومة يفترض أن يستمر على ما هو عليه. لا يملك هؤلاء جواباً حول ما هي الخطوات المفترض أن يقوموا بها. لكن النائب أحمد فتفت، يُحافظ على مستوى أعلى من التفاؤل، فيشير إلى أن لا نية للتعطيل لدى تيار المستقبل، "ونحن ذاهبون إلى الحوار". في الوقت عينه، يُقرّ فتفت في حديث مع "العربي الجديد"، أن البلاد باتت على مشارف "حائط مسدود، والأمور جامدة". ويتخوّف فتفت من أن يكون هذا الجمود مرتبط بانتظار تطورات ما في الساحة السورية.

يرتبط التعطيل داخلياً، برئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، "فالجنرال يُريد تجميد الحكومة رداً على عدم إقرار الترقيات العسكرية"، كما يقول أحد نواب التكتل. يُشير مصدر في أحد الأحزاب المسيحية إلى أن هناك ضغوطاً على عون، لعدم إقفال الحكومة والبرلمان معاً، "وإذا أراد إقفال الحكومة فعليه فتح البرلمان لجلسة تشريعيّة تُقرّ ما هو ضروري"، كما ينقل هذا المصدر.
لكن نائباً "معتدلاً" في تكتل التغيير والإصلاح يكشف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأزمة لا ترتبط بحادثة هنا أو هناك. ويُشير النائب إلى إصرار "عند الجنرال عون على أن يتولى رئاسة الجمهوريّة، وإصرار عند الفريق الآخر لمنع حصول هذا الأمر، فيما حزب الله منشغل بالملف السوري، ولا يُريد إغضاب الجنرال". يعتبر هذا النائب، أن هذا الإصرار المتبادل، يرتبط بقناعات كل فريق بما يخص الدستور، "فتيار المستقبل لا يريد تعديل الدستور حتى لا يخسر المكون السنّي بعض الصلاحيات، فيما يُريد حزب الله تعديله لتكريس ما حصل عليه بقوة القانون، والجنرال يُريد استعادة بعض الحقوق المسيحيّة".
في هذا الوقت، يبدو أن طاولة الحوار بين رؤساء الكتل النيابيّة قد تكون ضحية التعطيل. فهذه الطاولة، التي لم تُنتج شيئاً يذكر باستثناء صورة المجتمعين، يربط عدد من القوى السياسيّة، وخصوصاً حزب الكتائب الذي يرأسه النائب سامي الجميل، ووزير الاتصالات بطرس حرب، استمرار المشاركة في جلساتها بانعقاد جلسة حكومية قبل جلسة الاثنين المقبل. وهذا ما أعلنه الطرفان بعد الجلسة الأخيرة للحوار قبل أسبوعين، لكن حزب الكتائب قد يخفض مستوى تمثيله بدل مقاطعة الحوار.

اقرأ أيضاً: لبنان: لا حكومة بفعل التعطيل العوني المستمر

أمّا الجلسة التشريعيّة التي يبدو أن التيار الوطني الحرّ محرج تجاه حلفائه لتمريرها، وخصوصاً أن الرئيس نبيه بري قد "توسّل" لعقدها، فإن القوات اللبنانيّة والتيار الوطني الحرّ يسعيان لتوحيد موقفهما منها. أمّا حزب الكتائب فحسم الموقف لجهة المشاركة في نقاش قانون الانتخاب، لأنه يُعد من ضروريات إعادة تكوين السلطة، على أن ينسحب خلال نقاش أي بنود أخرى، لأنه يعتبر أن وظيفة المجلس الأساسيّة اليوم هي انتخاب رئيس للجمهوريّة.
في المقابل، وافق كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانيّة على مبدأ تشريع الضرورة، لكنهما يُطالبان بأن يكون بندا قانون الانتخابات النيابيّة وقانون الجنسيّة على رأس الجدول الذي يتضمّن الملف المالي أيضاً. وبانتظار يوم الثلاثاء المقبل، لإعلان جدول الأعمال، يعقد العونيون والقواتيون جلسات مكثفة، للبقاء على موقف موحّد، وخصوصاً أنه لا يبدو أن هناك من يُريد إقرار قانون للانتخابات، ولا يوجد أصلاً اتفاق على قانون معيّن.

الأصل في لبنان، بات التعطيل، بانتظار منقذ خارجي وليس داخلي. في هذا الوقت، يؤكّد تمام سلام أن الغطاء الدولي للاستقرار في لبنان يتقلّص تدريجياً، وذلك ربطاً "بالحرب العالمية الدائرة في سورية"، كما تنقل أوساطه. وتُضيف هذه الأوساط "قد يظن البعض أن سلام يُكرر جملاً إنشائيةً، لكن الواقع سوداوي لهذه الدرجة، ولا تُريد القوى السياسيّة المحلية الالتفات إليه".

اقرأ أيضاً: طرابلس اللبنانية بوابة للمهاجرين... ومكافحة "التطرف" ذروة فشل الدولة

المساهمون