استمع إلى الملخص
- **الوجوه الصاعدة وتأثيرها:** برزت وجوه جديدة مثل حاكم ماريلاند ويس مور، الذي يُشبه بباراك أوباما في صعوده، مع تراجع للطيف التقدمي لصالح الوسطيين.
- **تحديات وتطلعات الحزب:** يهدف الحزب إلى توسعة قاعدته الشعبية واختراق ولايات مترددة، مع التركيز على الطبقة الوسطى والأرياف، وبروز أسماء مثل بيت بوتيجيج.
لا تتشابه مؤتمرات الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، وكل أربع سنوات، عندما يختار كل من الحزبين مرشحه للرئاسة، تكون الفرصة سانحة أمام عشرات الشخصيات داخل الحزب، ليلمع نجمها، أو الإدلاء بدلوها، في مسائل تشكّل أهم قضايا المرحلة. وتلعب الحسابات السياسية دورها في المؤتمرات العامة للحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهو ما حصل خلال مؤتمر الحزب الديمقراطي العام في 2024، والذي اختتم أمس الخميس، بمدينة شيكاغو في ولاية إيلينوي، بقبول نائبة الرئيس جو بايدن، كامالا هاريس، ترشيح حزبها للرئاسة.
وجوه صاعدة في الحزب الديمقراطي
من بين هذه الحسابات، تسويق المتكلمين في المؤتمر، والذين عدّ الإعلام الأميركي عدداً منهم بصفتهم نجوما صاعدين داخل الحزب، لأنفسهم، على أنهم مرشحون للرئاسة في المرة المقبلة. ولهذا الأمر حساباته أيضاً، لا سيما إذا ما كان عليهم الانتظار ولايتين لهاريس، إذا ما فازت بالرئاسة هذا العام، وترشحت لولاية ثانية، ما يعني أن مؤتمر الحزب في 2028، لن تسبقه تمهيديات مفتوحة. أما إذا خسرت، فسيكون الباب مفتوحاً للترشح أمامهم بعد أربع سنوات، عن الحزب الديمقراطي.
إذا فازت هاريس لن تسبق المؤتمر المقبل تمهيديات مفتوحة
هذه الوجوه الصاعدة، كانت على لائحة المتكلمين في مؤتمر الحزب العام هذه السنة، وهي مسألة تحكمت بها هاريس إلى حدّ بعيد، بعدما صعّدت حاكم ولاية مينيسوتا تيم وولز، إلى أن يكون مرشحها لمنصب نائب الرئيس، وهو كان حتى الأسبوع الماضي شخصية مغمورة إلى حدّ بعيد داخل الحزب، رغم سنواته الستين. كما تحدثت في المؤتمر شخصيات كانت على لائحة الأسماء المرشحة لمنصب نائب الرئيس، مثل حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، وحاكم بنسلفانيا جوش شابيرو.
وسمح مؤتمر الحزب، الذي بدأ الاثنين الماضي، لشخصيات معروفة بالتكلم، مثل السيناتور التقدمي بيرني ساندرز، وتلميذته النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز. وجذبت كلمة أوكاشيو كورتيز، التي هاجمت فيها المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الإعلام والجمهور، ورأوا فيها صعوداً لهذه النائبة عن نيويورك من مرتبة النائبة "الدخيلة" و"التقدمية"، إلى مصاف العضو الأصيل داخل المنظومة السياسية التقليدية للحزب.
وسمحت هاريس لوجوه جديدة باقتحام مشهد المؤتمر، مثل حاكم ماريلاند ويس مور، وهو من أصول أفريقية، ويبلغ من العمر 46 عاماً. وإلى حدّ بعيد، يُنظر إلى مور وعدد من حكّام الولايات الديمقراطيين الآخرين، الشباب، كـ"الجيل المقبل لقادة الحزب"، ويشبّههم الكثيرون بباراك أوباما، الذي صعد سلالم الحزب، وكان له خطاب مؤثر داخل مؤتمر الحزب الديمقراطي العام في 2004، حين كان يسعى لشغل منصب سيناتور عن ولايته إيلينوي، في ذلك العام الذي قبل فيه جون كيري، ترشيح حزبه للرئاسة، قبل أن يلقي أوباما بعد أربع سنوات، قبول ترشيح الحزب للرئاسة، والذي فاز به لولايتين متتاليتين.
ويطمح الحزب الديمقراطي الأميركي، بعد حجز هاريس وولز بطاقة الترشيح هذا العام، ليكونا وصفتين لـ"الإلهام" في ظلّ شعور عام لدى الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بافتقار للوجوه الجديدة، واستمرار طغيان "الحرس القديم" على المشهد.
وبحسب تقرير سابق لصحيفة نيويورك تايمز، فإن مؤتمر الحزب الديمقراطي العام، الذي انعقد عام 2020، لترشيح الرئيس جو بايدن للرئاسة، سُمح فيه لأوباما وساندرز بالتكلّم، لكن بشكل عام، فإن "الحرس القديم" هو من طغى على لائحة المتكلمين، وهم بأغلبهم كانوا من "أصدقاء" بايدن.
وبايدن سياسي تقليدي، خدم في الكونغرس عقوداً، وشغل منصب نائب أوباما، لكنه يبقى بالنسبة للقاعدة خصوصاً، السياسي الأميركي الأبيض، الذي وإن يواكب تحديات العصر، سواء الأزمات المتربطة بالجندر والمرأة والمناخ وحقوق الإنسان، فإنه يواكبها من منطلق "انتخابي" في الدرجة الأولى، حيث إن التغييرات الديمغرافية خصوصاً التي طرأت على المجتمع الأميركي خلال العقدين الماضيين، تركت أثرها على الحزب، الذي بات يمتلك قاعدة واسعة شابة وملوّنة.
تراجع للتقدميين
واستقبل مؤتمر الحزب العام في 2020 حفنة من السياسيين الجمهوريين أيضاً، المعارضين لدونالد ترامب، وحصلت ستايسي أبرامز، الناشطة الديمقراطية من أصول أفريقية والتي كانت مرشحة لمنصب حاكمة ولاية جورجيا، في ذلك العام، على حصتها الوافرة من الكلام. وأبرامز، نشطت خصوصاً، للدفع بزيادة أعداد الناخبين السود في ذلك العام بالولاية التي كانت تصوت عادة للجمهوريين، والتي تتحول تدريجياً إلى ولاية متأرجحة، وفاز بها بايدن قبل أربعة أعوام على ترامب، بفارق ضئيل، دفع الرئيس الجمهوري السابق للتشكيك بنتائجها، والضغط على حكّامها لإعادة فرز الأصوات.
يُنظر للمؤتمر الديمقراطي على أنه فرصة للقيام بحملة دعاية مجانية
وفي ذلك العام، برزت أبرامز نجمةً صاعدة داخل الحزب، لكن اسمها تراجع خلال الأعوام الماضية، مقابل أسماء أخرى، تعتبر من الصف "الوسطي"، كشابيرو، ونيوسوم، وغريتشين وايتمر، حاكمة ولاية ميشيغان، وهم جميعهم كانوا على لائحة مرشحي هاريس لمنصب نائب الرئيس. ويهدف الحزب الديمقراطي من وراء ترشيح هاريس، خصوصاً، إلى توسعة قاعدته الشعبية، واختراق ولايات ومناطق متردّدة، وشرائح اجتماعية جديدة، مع التركيز على الطبقة الوسطى، والأرياف، والناقمين على ترامب، وهو ما رأت هاريس في وولز، عاملاً مساعداً في هذا الشأن.
ومن الأسماء التي لمعت أيضاَ هذا العام، في مؤتمر الحزب، بيت بوتيجيج، وزير بايدن للنقل. وبوتيجيج، مِثلي، وكان مرشحاً للرئاسة في 2020، وذاع صيته أيضاً خلال حملة 2020، قبل أن يعود وينطفئ. وينظر كثيرون إلى المؤتمر الديمقراطي فرصةً للقيام بحملة انتخابية مجانية، لأربعة أيام، وحجز مقعد على لائحة المرشحين المستقبليين، وبناء شبكة علاقات لصعود الدرجات في الحزب، أو الفوز بمقاعد وزارية في حكومة المرشح الرئاسي الفائز. وهذا العام، شهد تراجعاً للطيف التقدمي لصالح الوسطيين. وقال خبير استراتيجي مخضرم للحزب، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لموقع "بوليتيكو"، في تقرير نشر أمس الخميس: "كانت هناك مجموعة صاعدة داخل الحزب، مُنحت، كما أعتقد، صوتاً زائداً مقارنة بالنتائج الانتخابية التي قدّمتها، خصوصاً بعد انتخابات 2016". وأضاف: "لقد أخطأوا، مقاربتهم لا تنجح سياسياً، ولا تعمل بسياسة الحكمة، ولا تلقى صدىً".