تباين ألماني حول جدوى "مناطق العبور المؤقتة" للاجئين

تباين ألماني حول جدوى "مناطق العبور المؤقتة" للاجئين

24 أكتوبر 2015
اللاجئون في ألمانيا (أود أندرسن/فرانس برس)
+ الخط -
مع تزايد الأعداد غير المسبوقة للاجئين الوافدين إلى أراضيها، تسابق ألمانيا الوقت، مستفيدة من بندٍ في اتفاقية "شينغن" يسمح لها باعتماد رقابة مشددة على حدودها، لمدة شهرين في الظروف الاستثنائية. وتنتهي تلك المهلة عملياً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وهو الحلّ المؤقت، الذي هدفت برلين من خلاله، إلى حفظ الأمن والنظام وتقييد حرية التنقّل، بدلاً من إقفال حدودها بشكل نهائي بوجه اللاجئين، والذي من شأنه أيضاً أن يُشكّل وسيلة ضغط على دول أخرى داخل الاتحاد الأوروبي.

ويعتبر البعض أن هذا التدبير يشكل خطراً على اتفاقية "شينغن" التي هي أساساً نتيجة قرار أوروبي مشترك، بالإضافة إلى أنّ الظروف والأسباب التي تتسلّح بها بعض الدول لوقف العمل بالاتفاقية، تحمل في أحيان عدّة الكثير من التساؤلات.

وانطلاقاً من هذا الواقع، تدور النقاشات داخل الائتلاف الحكومي، وتعقد اجتماعات لتحديد الجدوى والآلية، التي من الممكن أن تعتمدها برلين في حال تم إنشاء ما اتُفق على تسميته "مناطق العبور المؤقتة"، وهي التي أصبحت مطلباً ملحّاً من قبل الحزب "المسيحي الاجتماعي"، أحد مكوّنات "الاتحاد المسيحي"، الذي يضمّ أيضاً حزب المستشارة أنجيلا ميركل، المشارك في الائتلاف الحكومي.

وتدور النقاشات بهدف التخفيف من عدد الوافدين، عبر التدقيق بأوراقهم قبل دخولهم البلاد، إلا أن هذا الطرح يلقى رفضاً من الحزب "الاشتراكي الديمقراطي"، الذي علّل السبب بأن "النتائج غير مضمونة، ولن تؤدي الغرض الذي أُنشئت من أجله، وكون الهواجس والعواقب من إقامة مناطق العبور كثيرة، ومنها مثلاً طريقة العمل مع الأشخاص القادمين من دول آمنة، بوثائق مزوّرة، أو من دون أوراق أساساً. وهل من الممكن أن يبقوا داخل أماكن الحجز وكيف السبيل إلى إعادتهم وبأي طريقة؟ هل يعتبر هذا الإجراء تعسّفيا أم قانونيا بحق الوافدين؟".

اقرأ أيضاً: مهاجرون يحرقون خيامهم على الحدود السلوفينية الكرواتية

كما أن على الائتلاف الحكومي دراسة ملفات صعبة واتخاذ قرارات متعلقة بها، خلال فترة وجيزة، في وقت يتواجد فيه الآلاف من اللاجئين على الحدود، وهم في تزايد مستمرّ، من دون أن تتمكن السلطات أساساً من السيطرة على الوضع. كما أن على الائتلاف بحث مشكلة المهاجرين، الذين لا تتوفّر لديهم الأوراق الثبوتية، وهذا ما يسمح لدول الموطن بعدم استقبالهم.

وتحاول ميركل العمل على تفادي حصول انقسام داخل الائتلاف الحكومي بهذا الشأن، وهو ما عبّرت عنه في لقاء في مدينة هامبورغ، مشيرة الى أنّه "لن يهدأ لها بال قبل إقناع شركائها في الحكومة بإنشاء مناطق العبور". وتؤكد ميركل في الوقت عينه على "نهجها المسيحي الذي يحترم كرامة الإنسان". ويأتي كلامها في وقتٍ ذكرت فيه صحيفة "بيلد" المحلية، أن "الحكومة ستستعين بطائرات نقلٍ عسكرية، لترحيل من رُفضت طلباتهم".

وفي هذا الإطار أيضاً، يعدّ بعض سياسيي حزب ميركل مذكرة، يطالبونها فيها بـ"التخلّي عن سياسة الأذرع المفتوحة". مع العلم أنه زاد التأييد لهذا المطلب أخيراً، من قبل العديد من النواب والمحافظين والمسؤولين والخبراء، كونه "يُعيد الهيبة للدولة"، وفقاً لهم.

ويورد هؤلاء في المذكرة، أن "مناطق العبور تساعد أيضاً في عملية تنظيم وفرز من يستحق الدخول والحصول على اللجوء، خصوصاً أن البرلمان الألماني صادق على تعديل قائمة الدول الآمنة. بالتالي يجب عدم السماح بدخول المهاجرين لأسبابٍ اقتصادية". ويضيفون أن "التقيّد بهذه الشروط قد يسمح بالتخفيف عن الموظفين المكلّفين بدراسة طلبات اللجوء، مع ما يعانونه أساساً من ضغط في العمل والإجراءات الإدارية المطلوبة، وهدر الوقت والتأخير في بتّ طلبات الآخرين، الذين يستحقون اللجوء، عدا عن ضرورة تأمين المسكن لهم". وهو "ما يُكبّد الدولة المزيد من الأعباء المادية، التي من الممكن أن تؤدّي مستقبلاً إلى رفع الضرائب".

ويؤكد عدد من المتابعين، أن "مثل تلك المناطق، أو ما اصطُلح على تسميتها مناطق العبور، سوف تصبح أشبه بالمعتقلات، وهو ما يتنافى مع شرعة حقوق الإنسان، لأنها تُقيّد حركة هؤلاء الأشخاص". ويطرح المتابعون سؤالاً آخر وهو "كيف السبيل إلى إرغام هؤلاء الأشخاص على الدخول إلى تلك الأماكن، وتحمّل ردود الفعل السلبية؟ وهو ما سيفاقم المشكلة بدلاً من حلّها، تحديداً مع الأفراد الذين ستُرفض طلبات لجوئهم".

في المحصّلة، ومع عدم وجود الخطط والإجراءات التنظيمية والرقابية، فإنه من المحتمل أن يصبح آلاف المهاجرين تحت هذا الإجراء. كما أن من المتوقع أن يُصعّب هذا الإجراء عمل الأجهزة الأمنية، بعد أن يعمد الوافدون إلى الهرب عبر الأراضي المجاورة للحدود الواسعة نسبياً.

ويعيق وصول السلطات إلى الذين يسلكون الطرق الجبلية والغابات، نتيجة التحايل على طرق الرقابة المفروضة على الحدود. لهذا يجد كثر أن هذا الاقتراح يبقى نظرياً، أكثر منه عملياً، ولن يحقق النتائج المرجوة منه، وأن ما على المؤسسات الأوروبية، إلا أن تساعد وتضغط في نفس الوقت على الدول التي تقع على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مثل اليونان وإيطاليا، لحثّها على تطبيق المبادئ التوجيهية لرعاية اللاجئين.

اقرأ أيضاً: حرائق معسكرات اللجوء تنتقل إلى السويد