محاولة انقلاب حفتر تهدّد ليبيا بحرب أهلية.. وببرلمان "موازٍ"

محاولة انقلاب حفتر تهدّد ليبيا بحرب أهلية.. وببرلمان "موازٍ"

20 مايو 2014
تعيش ليبيا تعبئة عسكرية متبادلة (محمد الشيكي/الأناضول/Getty)
+ الخط -
دخلت محاولة الانقلاب في ليبيا، يومها الخامس، في ظل مؤشرات تفيد بأن اللواء المنشقّ، خليفة حفتر، المدعوم من قوى إقليمية أعربت عبر وسائل إعلامها، عن تأييدها للانقلاب على المؤسسات الليبية، يتجه نحو الدفع بالبلاد إلى الحرب الأهلية. حرب بدأت تظهر ملامحها، مع إعلان المزيد من الميليشيات انضمامها إلى قوات حفتر وحلفائه في "الصواعق" و"القعقاع"، في مقابل محاولة المجموعات العسكرية المؤيدة لـ"المؤتمر الوطني العام" (البرلمان) الدفاع عن العاصمة طرابلس.

كما لاحت في الأفق ملامح تقدّم القوى الانقلابية في طرابلس، التي تتّخذ من شعار "إنقاذ ليبيا من الإسلاميين المتطرفين" عنواناً لانقلابها، بدليل قرار "المؤتمر الوطني" عقد جلساته بعيداً عن مقرّه، ريثما تصل القوات المولجة بحمايته، وتهديد النواب المؤيدين للانقلاب، بتأسيس برلمان موازٍ مؤيد لحفتر. كل ذلك وسط صمت دولي يشبه التواطؤ، لم تكسره سوى بيانات متفرقة "داعمة للشرعية"، كالموقف الذي صدر عن "حركة النهضة" التونسية.
كما أنه يمكن وضع تحريك الإدارة الأميركية، للمزيد من قواتها الخاصة نحو جزيرة صقلية، لتكون جاهزة للتدخل في حال استدعت الحاجة ذلك في ليبيا، في خانة توقُّع أن الأمور في البلاد تتجه إلى المزيد من الفوضى والدماء.

وقال المتحدث باسم البرلمان، عمر حميدان، إن رئيس البرلمان نوري أبو سهمين، طلب من القوات الموجودة في مصراتة تأمين مبنى البرلمان. وأضاف أن "المؤتمر الوطني العام" قرر عقد جلسته في قاعة بفندق "راديسون بلو" لحين انتهاء قوة الدرع المركزية التي تنتمي إلى مصراتة من الاستعدادات لتأمين مقر المؤتمر. وأضاف أن البرلمان كان يعتزم مناقشة التصديق على حكومة رئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق، ولكنه أرجأ ذلك لانعدام النصاب. وعقد "المؤتمر الوطني"، جلسته إما لمنح الثقة لمعيتيق، أو للتصويت على رئيس وزراء جديد، ولإقرار الموازنة.

ورغم اجتماع "المؤتمر الوطني" في مكان "آمن" نسبياً، غير أنّه لم يسلم من الهجمات، اذ أفاد شهود عيان لـ "العربي الجديد"، بأن مسلحاً أُطلق قذيفة "أربي جي" بالقرب من مكان انعقاد جلسة "المؤتمر الوطني"، لمنح الثقة لحكومة معيتيق، غير أن السلطات الأمنية ألقت القبض على الفاعل فوراً، وتحقق معه في هذه الأثناء لمعرفة الجهة المحرضة.
بموازاة ذلك، أفادت مصادر في شرق ليبيا، بأن اجتماعاً في منطقة توكرة، غرب مدينة المرج، شرق البلاد، ضمّ عدداً من أعضاء "المؤتمر الوطني" (البرلمان)، بينهم النائب الأول عز الدين العوامي، وعبد العالي الدرسي والشريف الوافي وفهيم الرطب، هددوا فيه بإنشاء برلمان موازٍ مقره المرج، وإعلان التأييد لقوات حفتر، في حال إصرار "المؤتمر" على منح الثقة لحكومة أحمد معيتيق. 
وأعلن عدد من منتسبي مكتب استخبارات منطقة الأصابعة (غرب طرابلس)، التابعين لرئاسة الأركان العامة، تأييدهم لقوات حفتر ضد ما اطلقوا عليه "الإرهاب".
كما انضمت الكتيبة الثانية للحراسة في فزان (جنوب ليبيا)، لقوات حفتر وفق ما أعلنته في بيان. في المقابل، تصل، يوم الثلاثاء، إلى العاصمة طرابلس قوات "درع ليبيا الوسطى" آتية من مصراتة، بعد تكليفها رسمياً من قبل رئيس "المؤتمر الوطني"، نوري أبو سهمين، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالتحرك لحماية المؤسسات الحكومية ومقرّ "المؤتمر"، ومداخل المدينة ومخارجها، "وللتصدّي لمحاولات إفشال المسار الديمقراطي والسعي للاستيلاء على السلطة بالقوة، وما يترتب على ذلك من مساس بالأمن القومي وضياع مكتسبات ثورة 17 فبراير".

وتوقع مراقبون وقوع اشتباكات عنيفة بين "قوات الزنتان"، الداعمة للقوى الانقلابية، والمتمركزة على طريق المطار في العاصمة، من جهة، ونظيرتها الآتية من مصراتة، من جهة ثانية، نظراً للاحتقان التاريخي الموجود بين مدينتي مصراتة والزنتان. وإلى بنغازي، وصلت صباحاً "قوات درع ليبيا 1" الموالية لـ"المؤتمر"، آتيةً من العاصمة، بحسب ما أعلن آمر القوة الثانية في "لواء درع ليبيا"، محمد العريبي لوكالة الأنباء الليبية "وال". وأضاف العريبي أن عناصر "درع ليبيا 1" سيساهمون "في حفظ الأمن في بنغازي، ولن يتعرضوا لجهة بعينها"، مشيراً إلى أن "اجتماعاً سيُعقد مع جهات عدة في بنغازي، للوصول إلى حل جذري لما يحصل في المدينة، والخروج باتفاق".

وفي السياق، أصدر "المجلس المحلي لطرابلس" بياناً جاء فيه أن "الاشتباكات التي شهدتها طرابلس في اليومين الماضيين، تسببت في سقوط 3 ضحايا وحوالى 89 جريحاً، جرّاء هجوم الميليشيات المسلّحة على المؤتمر، وترويعها المدنيين في العاصمة، وقيامها بالرماية بمختلف الأسلحة بما فيها مدافع 106 والغراد". ودعا البيان سكان العاصمة إلى التنسيق معه "للتصدّي لكل من يريد المساس بأمن طرابلس". وجدّد مطالبته بإجلاء التشكيلات المسلحة كلها من طرابلس، داعياً القبائل إلى التدخل لإعادة أبنائها المنخرطين في تشكيلات مسلحة، وإخراجهم من طرابلس.

وفي خطوة تهدف الى تهدئة التوتر، حدّدت مفوضية الانتخابات الليبية 25 يونيو/حزيران موعداً لانتخاب برلمان جديد في ليبيا يحل محل "المؤتمر الوطني العام"، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الليبية الرسمية.


في هذه الأثناء، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أميركيين، طلبا عدم نشر اسميهما، قولهما إن الولايات المتحدة زادت عدد مشاة البحرية "المارينز"، والطائرات التي ترابط في صقلية، والتي "يمكن استدعاؤها لإجلاء الأميركيين من السفارة في طرابلس، مع تزايد الاضطرابات في ليبيا". وبذلك، يصل إلى نحو 250 العدد الإجمالي لمشاة البحرية المنتشرين في صقلية على سبيل الاحتياط.

المساهمون