مشروع إنهاء الاحتلال: الفلسطينيون خارج دائرة المشاورات

مشروع إنهاء الاحتلال: الفلسطينيون خارج دائرة المشاورات

19 ديسمبر 2014
عباس: حافظنا على مصداقية القيادة بتقديم المشروع(عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -
لم تمض ساعات على تقديم الأردن مشروع قرار إنهاء الاحتلال، مساء الأربعاء، إلى مجلس الأمن الدولي، حتى بدأ أعضاء القيادة الفلسطينية في إعلان تحفظهم على صيغة المشروع التي لم يعرفوا عنها إلا في الوقت الضائع.

وفي الوقت الذي أبدت فيه مجموعة من الأحزاب والفصائل الفلسطينية تحفظها على نقاط مهمة في صيغة مشروع القرار التي لم يطلعوا على أي نسخة رسمية منه، إلا أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أكد خلال الاجتماع الذي عقدته القيادة الفلسطينية، أمس، في رام الله، أنه "تشاورنا مع الأشقاء والأصدقاء في كل مراحل إعداد ذلك المشروع، وقد حافظنا بذلك على مصداقية القيادة الفلسطينية من خلال تقديمه بالأمس".

وشدد على أنّ "مشروع القرار أكد حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، وأن تكون القدس عاصمة لدولتين، بحيث تكون الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، ووضع حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق مبادرة السلام العربية وقرار 194.

وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أن "القرار يؤكد الوقف التام لجميع الأنشطة الاستيطانية، في حين يشمل وجود ترتيبات أمنية تضمن وجود طرف دولي ثالث، والترحيب بمؤتمر دولي لإطلاق المفاوضات على ألا تتجاوز فترتها مدة عام، وأن ينتهي الاحتلال لدولة فلسطين قبل نهاية عام 2017".
ووفقاً لوزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، ينص مشروع القرار على "نقطة أساسية وجوهرية، وهي وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال في نهاية عام 2017، بحيث تكون فترة تفاوضية لمدة 12 شهراً، وبعدها عامان لتفكيك البنية التحتية للاحتلال، بحيث ينتهي مع نهاية عام 2017".

من جهته، كشف مصدر أردني مسؤول عن حدوث تباين في وجهات النظر حدث بين الطرفين الأردني والفلسطيني، حول مشروع القرار الأممي.

وأوضح المصدر لـ"العربي الجديد"، أن الخلاف نتج عن إصرار الجانب الفلسطيني على المشروع الذي صاغه، رافضاً تعديله، في وقت ارتأى فيه الأردن والمجموعة العربية تعديل المشروع الفلسطيني، استجابة للطلب الفرنسي، وهو ما تم بعد جولتين من التشاور بين مندوبي الدول العربية في الأمم المتحدة".

وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن بلاده والمجموعة العربية رأت ضرورة الأخذ بالمقترح الفرنسي، للاستفادة من التضامن الأوروبي مع التوجه الفلسطيني والعربي إلى مجلس الأمن، معتبراً أن تعديل المشروع الفلسطيني بما يكفل العودة إلى المفاوضات ضمن جدول زمني، يليه انسحاب إسرائيلي ضمن جدول زمني، يسهل تمرير القرار، ويحول دون الفيتو الأميركي.

وأشار المصدر إلى أن "العودة إلى المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ضمن جدول زمني وضمانه دولية، يمثل جوهر القرار". وأوضح أن "الهدف ليس انتزاع قرار دولي لا يتم تطبيقه قياساً على العديد من القرارات التي صدرت بخصوص القضية الفلسطينية وعطل تطبيقها، بل انتزاع قرار تلتزم الجهات الدولية بضمان الضغط على الجانب الإسرائيلي لتنفيذه".

وأكد المصدر أن "الأردن لا يعارض التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن، ولا يسعى إلى إجهاضه وتأخيره، بقدر ما يراعي الواقع السياسي في الوصول إلى قرار قابل للتنفيذ".

وجاءت تصريحات المسؤولين الفلسطينيين لتعكس التناقض في تصريحات أعلى الهرم السياسي الفلسطيني، إذ صرح المالكي للإذاعة الرسمية الفلسطينية، أمس الخميس، قائلاً "عندما التقينا مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لم يقل إن الولايات المتحدة سوف تستخدم حق النقض الفيتو، هو قال نتفهم حاجتكم، نحن نريد أن نتجنب حق النقض (الفيتو)، لأن ذلك سيسيء لكم كما سيسيء لنا، لماذا لا نعمل لتقديم صياغة لمشروع قرار يضمن تصويت الجميع بما فيه الولايات المتحدة الأميركية". وأكد المالكي أنه "لا يوجد تهديد باستخدم الفيتو الأميركي".

لكن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه أكد لوسيلة الإعلام نفسها أن "هناك انقلاباً في الموقف الأميركي، الذي عبّر عن استعداده للبحث، وهنا يجب أن نرى هل هو استعداد للبحث فعلاً على أساس المصالح الوطنية والحقوق الوطنية الفلسطينية أم من أجل دوافع وأهداف أخرى تجعل من مشروع القرار في مجلس الأمن خطوة الى الخلف باتجاه المصالح الوطنية والحقوق الوطنية الفلسطينية".

اعتراضات بالجملة

وقدم عدد من أعضاء القيادة الفلسطينية تحفظاتهم على نقاط مهمة جاءت في صيغة المشروع مثل القدس عاصمة لدولتين، واللاجئون، والاستيطان وعدد آخر من النقاط التي سمعوها من وسائل الإعلام، إذ لم يتم توزيع أي نسخة بشكل رسمي لصيغة مشروع القرار الذي تم التوافق لتقديمه إلى مجلس الأمن على أعضاء القيادة، ما جعل بعضهم يحصل على نسخة للمشروع باللغة الإنجليزية كانت وسائل الإعلام الأجنبية قد نشرتها.

وتأتي التحفظات في الوقت الضائع، وخصوصاً بعدما أعلن المالكي، أمس الخميس، أن "مشروع القرار خرج من أيدينا، ودول مجلس الأمن الـ15 ستقوم بالتشاور حوله في ما بينها". وهو الأمر الذي يشير إلى مقدار عدم فعالية أعضاء القيادة الفلسطينية بمن فيهم أمناء الفصائل والأحزاب السياسية الذين لم يطلعوا على نص صيغة مشروع قرار مصيري تم تقديمه إلى مجلس الأمن، ولم يحتجوا ويطالبوا الشارع بالاحتجاج أيضاً.

ويقول نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، قيس عبد الكريم، "لقد تحفظنا على الفقرة التي تفيد بأن القدس عاصمة لدولتين، ونرى بأن هذه الفقرة بصيغتها الحالية تهبط بسقف الموقف الفلسطني".

ويعتبر عبد الكريم في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "إيراد هذه الفقرة بالصيغة التي طرحت فيها كان خطأ، وكان يجب الإصرار على توضيح أن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين".

ويدعو عبد الكريم القيادة الفلسطينية "إلى عدم أخذ أي قرار حاسم بهذا الشأن، والامتناع عن قبول أي تعديلات جديدة يمكن أن تخفض أكثر من سقف المطالب الفلسطينية". ويشدد على أن "الخطوة اللازمة هي وقف أي تعديلات منتظرة يمكن أن تميّع مشروع القرار وتخفّضه أكثر".

بدورها، أبدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تحفظها على نقاط عدة جاءت في صيغة المشروع، أبرزها ما يتعلق بالقدس، اللاجئين والاستيطان. وتؤكد القيادية في الجبهة الشعبية، خالدة جرار، لـ"العربي الجديد" التحفظ "على ما ورد في النص الإنجليزي لصيغة المشروع".

وترى جرار أن "هذا المشروع عبارة عن مناورة حتى لا يتم الذهاب إلى المحكمة الجنائية الدولية، وإيجاد صيغة للمفاوضات المنفردة المباشرة بالرعاية الأميركية، الأمر الذي يعني أن لا شيء قد تغير". وتشدد على أنّ "هذا المشروع جاء من أروقة الأمم المتحدة وليس من القيادة الفلسطينية، والدولة التي ينشدها الفلسطينيون لن تأتي من أروقة الأمم المتحدة والمفاوضات". كما تشير إلى أن "جوهر القضية الفلسطينية هو حق العودة وليس الدولة، ونحن نتحفظ على صيغة معالجة موضوع اللاجئين كما جاء عنه الصيغة الإنجليزية التي حصلنا عليها".

وفي سؤال حول سبب عدم إطلاع أعضاء القيادة وقادة الأحزاب والفصائل على نسخة من صيغة المشروع قبل أن تقدم إلى مجلس الأمن بصفتهم ممثلين عن الشعب الفلسطيني، أجابت جرار "طلبنا أن يتم أعطاؤنا نسخاً منه للاطلاع عليه، لكن كانت هناك مماطلة، على الرغم من أن الجواب كان من حقك أن تحصلي على نسخة"، في حين أجاب أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير على السؤال السابق لـ"العربي الجديد" بالقول "ليس كل شيء لازم معمول به".

وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فقد أبدى الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي، التحفظات نفسها التي لدى جرار خلال اجتماع القيادة.

وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، قد أكد في تصريحات للإذاعة الرسمية الفلسطينية أنه "حتى الآن القيادة لم تتطلع رسميّاً على مشروع القرار، وهناك من يتابع هذا المشروع، ولكن هناك نصوص أعلنت علناً حتى في وسائل الإعلام بالنسبة لوضع القدس وغيرها"، ما يثبت أن القيادة الفلسطينية باسثناء شخص أو اثنين، لم تعرف عن مشروع القرار إلا عبر وسائل الإعلام.

من جهته، اعتبر المحلل السياسي، خليل شاهين، أنّ "المراقب للسياسة الفلسطينية، أخيراً، بعد ما قامت به من جهود دبلوماسية وتوقيع على بعض المعاهدات الدولية، ربما يعتقد أن سياسية القيادة قد تغيرت، لكن هذا التغير هو شكلي فقط، لأن الجوهر لم يتغير وما زال يرواح في مربع الانتظار والتريث".

ويرى شاهين في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن كل التحرك السياسي الفلسطيني الأخير في مجمله كان يهدف إلى الضغط على المجتمع الدولي، بهدف استئناف المفاوضات مع حكومة الاحتلال". ويعتبر أنّ "كل التحرك الذي قامت به القيادة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة يهدف إلى تحسين شروط العودة لاستئناف المفاوضات"، مشيراً إلى أنّ "سياسة تدويل القضية الفلسطينية لم يكن يُراد بها أن تصل إلى نهاياتها، أي المواجهة مع إسرائيل".