أكتوبر بين مصر وإسرائيل: من العداء إلى الصداقة فالتحالف

أكتوبر بين مصر وإسرائيل: من العداء إلى الصداقة فالتحالف

07 أكتوبر 2014
من احتفالات الذكرى الـ40 للحرب في ساحة التحرير (الأناضول)
+ الخط -

في الذكرى الـ 41 لحرب السادس من أكتوبر 1973، يستبعد خبراء مصريون الدخول في حرب بين مصر وإسرائيل مجدداً، على الأقل خلال المدى المنظور، إلا إذا وقع حدث جلل يدير دفة المواجهة، باعتبار أن النظام الحالي في مصر لا يعتبر إسرائيل عدواً بل "دولة صديقة"، بدليل احتفاء إسرائيل بالرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي واعتبارها إياه "المنقذ".
ويعرب كثيرون عن تخوفهم من اللقاءات السرية بين الوفود رفيعة المستوى بين الطرفين، وما يتم الاتفاق عليه خلالها، مطالبين بكشف حقيقة تلك اللقاءات للشعب المصري. ويلفت أحد الخبراء إلى أن مصر باتت دولة تابعة، رافضين التنسيق الأمني بشأن التعامل مع الجماعات المسلحة في سيناء.

صديق لا حليف
يقول السفير إبراهيم يسري، إن مصر وإسرائيل لا يمكن أن تدخلا في حرب مجددا، خلال المدى المنظور على الأقل، "نظرا لما باتت عليه العلاقة بين الدولتين خلال الفترة الماضية، وتحديدا منذ الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي". ويضيف يسري أن العلاقة بين مصر وإسرائيل الآن لا ترتقي إلى علاقات الحلفاء، ولكنها في مستوى دولتين صديقتين، وهي مرتبة أقل في العلاقات الدولية. ويشير إلى أن معيار تصنيف الدول الحلفاء، هو أن تكون بينها شراكات واسعة في مختلف المجالات، وهو ما ليس متحققا في العلاقة بين مصر وإسرائيل.
ويشدد يسري في حديثه لـ "العربي الجديد"، على أن أميركا مثلا "لا تعتبر إلا عددا قليلا من دول أوروبا أصدقاء، وباقي الدول مجرد حلفاء لتحقيق أهدافها".
ويقارن بين موقف مصر في عهد الرئيس المعزول مرسي والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي عقب الانقلاب، من وجود تنسيق عال بين الطرفين فيما يخص قضايا وأوضاع المنطقة فضلا عن الوضع في سيناء. ويوضح أن الدولتين تتفقان على ضرورة "تصفية المقاومة"، وتحديدا حركة "حماس" لانتمائها الإسلامي، واستشعار الخطر منها، فضلا عن اشتراك إسرائيل كدولة ومصر كنظام على "الإسلاموفوبيا".
ويعتبر السفير السابق أن سيناء تعاني بشدة بسبب عدم رغبة إسرائيل وأميركا في وجود تنمية حقيقة هناك، حتى عقب مرور فترة طويلة على الحرب بين الدولتين منذ عام 1973. ويحذر من أن عدم تنمية سيناء يصب في صالح المشاريع الصهيونية، متوقفاً عند أعمال القتل التي يقوم بها الجيش المصري ضد المدنيين العزل في بعض الأحيان، وقصف المنازل، فضلا عن الطائرات الإسرائيلية من دون طيار التي تخترق المجال الجوي المصري بصفة شبة مستمرة بسيناء.
ويقول عن هذا الموضوع إن "عقيدة الجيش المصري الآن باتت مختلفة عن ذي قبل، من حيث عدم اعتبار إسرائيل عدوا لمصر، بفعل التنسيق الأمني بين الطرفين فيما يخص غزة".

القدرة العسكرية
من جانبه، استبعد الخبير العسكري اللواء عادل سليمان، نشوب حرب بين مصر وإسرائيل لأسباب عدة، مؤكدا أنه لا توجد مبررات لحدوث تلك الحرب.
وقال سليمان، إن كلا الدولتين أعلنت التزامها باتفاق السلام الموقع عقب حرب أكتوبر، وتؤكدان على عدم وجود نية لخرق هذه الاتفاقية. وأضاف الخبير العسكري لـ "العربي الجديد"، أنه لا يوجد مبرر قوي بنشوب حرب بين الدولتين، إلا إذا حدث أمر جلل يمكن أن يؤدي لخرق الاتفاقية والدخول في حرب مفتوحة.
وعن الحروب التي خاضتها مصر ضد إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية، قال: "هذا الزمن قد ولى تماما، ولا مجال الآن للتدخل المصري لرفع العدوان عن فلسطين عسكريا". ويضيف: "هناك دراسات عديدة لقياس التفوق العسكري اختلفت عن عدد الدبابات والطائرات، وإنما بنسبة التقدم التكنولوجي للجيش بصفة عامة، والدعم المقدم إليه من قبل الدولة".
وتابع: باتت الدراسات تعتمد على قدرة الدولة على الدعم التكنولوجي للجيش، والاستفادة من كافة الأبحاث العلمية التي تقوم بها الجامعات، وهو ما استفادت منه أميركا من تطبيق (الفيمتو ثانية)، مثلما أن نظام القبة الحديدية الإسرائيلية يعتمد هو الآخر على هذه النظرية".
ويعرب سليمان عن أسفه لكون مصر تفتقر بشدة إلى التنمية التكنولوجية، "ولكن هناك محاولات من الجيش للاقتراب من المنظومة التكنولوجية العسكرية العالمية قدر الإمكان"، على حد تعبيره.
وعن التنسيق العسكري والأمني بين الجانبين المصري والإسرائيلي، أكد سليمان وجود العديد من علامات الاستفهام بهذا الخصوص، تحتاج إلى التوضيح. وتابع: "نعلم بوجود تنسيق ولقاءات سرية بين وفود رفيعة المستوى بين البلدين من خلال الإعلام الإسرائيلي لأنهم لا يخفون أي شيء عن مواطنيهم، ولكن عندنا لا توجد شفافية".
وأكد أن "السرية المتبعة في هذه اللقاءات تثير الشك في حقيقة أهدافها، ربما يتطلب الأمر استشارة ومشاركة الخبراء وفتح مجال أوسع للنقاش في أمور تخص الأمن القومي المصري، من باب تقديم النصيحة".
ورفض سليمان فكرة تغير العقيدة القتالية لدى الجيش المصري وتضمينها أن إسرائيل لم تعد عدواً لمصر، وأبرز مثال على ذلك "اتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين، لأن الدول الصديقة لا يتم بينها توقيع اتفاقيات".

اتفاق وتنسيق
وعن الموضوع نفسه، يعتبر خبير استراتيجي مصري، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن مصر في عهد السيسي "باتت لا تقلق إسرائيل على عكس عهد الرئيس المخلوع مبارك، فعلى الرغم من الاختلافات الكثيرة بين الطرفين قبل 2011، إلا أن النظام السابق كان أكثر حزما مع إسرائيل من السيسي". ويتابع أنه "مهما بلغت قمة التنسيق بين الدولتين في عهد مبارك، فقد ظل ذلك في إطار الملحق الأمني العسكري لاتفاقية السلام، وموقف مبارك من المقاومة كان أفضل من السيسي".
ويلفت الخبير نفسه إلى أن السيسي "أضاع هيبة مصر وسيؤدى بمصر من ضعف إلى ضعف في مواجهة عدونا الأول، ودليل على علاقات الصداقة مطالعة الصحف والإعلام الإسرائيلي الذي يؤيد ويدعم السيسي بل ويعتبره المنقذ له".
ويشدد الخبير الاستراتيجي على وجود اتفاق كبير في وجهات النظر بين مصر وإسرائيل حول العديد من القضايا، منها تصفية الجماعات المسلحة وقتل العُزل في سيناء، وتصفية المقاومة.

المساهمون