فلسطين في أوروبا: زمن الاعتراف لن يتوقف

فلسطين في أوروبا: زمن الاعتراف لن يتوقف

14 ديسمبر 2014
اعتراف السويد شكّل بداية أوروبية جديدة (شادي حاتم/الأناضول)
+ الخط -
منذ أن اعترفت السويد، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كأول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، بدولة فلسطين، بدا وكأن وتيرة الاعتراف ستتسارع من الشمال الأوروبي حتى جنوبه. خصوصاً أن فنلندا والدنمارك تعاملان ممثلية فلسطين كسفارات، لكنهما أجّلا الاعتراف لعوامل داخلية تتعلق بهما، وفي وقت تعترف فيه ايسلندا بدولة فلسطين، تنتظر النرويج، التي ارتبط بها اتفاق أوسلو، تغييراً حكومياً قبل الاعتراف الرسمي.

في نهاية الصيف الماضي بدأ الأوروبيون مناقشة سياسات الاحتلال بلغة أخرى، خفّضت كثيراً من "قدسية" المسّ بمصالح إسرائيل، حسب ما ذكرت مصادر مطّلعة. بالتالي لم يكن التصويت البريطاني والفرنسي والاسكتلندي رمزياً، في هذا التطوّر المتراكم، ولم يكن التصويت البرتغالي الأخير، خارج السياق التاريخي لفهم دول جنوب القارة للقضية الفلسطينية.

وأشار أحد سفراء فلسطين، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الموقف السويدي، بدا معاكساً لتيار اللااعتراف، ويُمكن اعتباره ضمن منطق تدرج الاعتراف بين الدول الأوروبية".
صحيح أن مشرعين أوروبيين يسربون بين حين وآخر، بأن دولاً فاعلة تريد هذا الاعتراف كنوع من "الضغط التدريجي"، لكنه يبدو أن آخرين لم يعد يرون في تطور واقع التطرف الإسرائيلي وتعنّته مخرجاً سوى بخطوات من هذا النوع.

ويقول مصدر فلسطيني مطلع في أوروبا، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "عملية قتل زياد أبوعين أرعبت بعض الأحزاب والمشرعين". ويلفت إلى أن "التوجّه إلى البرلمان الأوروبي لمناقشة الاعتراف بدولة فلسطين، وإن كان مقرراً في السابق، بات الآن على خطين: الأول، على خلفية سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهروبه من الاستحقاقات نحو انتخابات مبكرة. والخط الثاني يكمن في التصعيد الميداني في القدس المحتلة وقتل أبوعين".

باتت الدائرة تضيق على مؤيدي الاحتلال داخل المجالس النيابية والسياسية في أوروبا، الذين باتوا يعتقدون بأن الوقت حان للاعتراف بدولة فلسطين، انطلاقاً من تلمّسهم دلائل التعنت الإسرائيلي، وعدم كفاية سياسة "إخراج البطاقات". ما حدا بهم إلى اعتماد التصعيد الدبلوماسي، حتى ولو لم ينل إعجاب الولايات المتحدة.

كما تتساءل شخصيات أوروبية مؤيدة للحق الفلسطيني التاريخي، عن سبب عدم إقدام منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة، على خطوات حاسمة مطلوبة لترسيخ هذا الاعتراف، من دون الركون لما تعد به واشنطن. وعليه يخشى مؤيدو الاعتراف بفلسطين، من ترك المشرعين يبدون تأييدهم للاعتراف، على أن يتم لاحقاً استخدام التأييد كورقة في أيدي الحكومات. كما يدرك السياسيون وصنّاع القرار أن "حلّ الدولتين" إلى انحسار، مع كل اندفاعة إسرائيلية نحو مستويات تصعيدية غير مسبوقة، فلا يبقى بالتالي لهؤلاء الكثير من مساحات المناورة.

واقع الحال يفيد بأن قطار الاعتراف بالدولة الفلسطينية انطلق من محطته شمالاً، وتُصعب قوة الدفع التي سيشهدها البرلمان الأوروبي في جعل أبعادها رمزيّة فقط. حتى إن الحريصين على إسرائيل بسبب خوفهم على مكانتها وشرعيتها، ينضمون إلى مناقشات الاعتراف، لسبب ضيق المساحات المتاحة للمناورات كما في السابق.

مع العلم أن دول الاتحاد الأوروبي، تتصرّف ككتل منسجمة في السياسات الداخلية والخارجية، وبناء على تلك التكتلات، تبدو عملية الشد والجذب هي التي ترسم ملامح المرحلة المقبلة في شأن الاعتراف، خصوصاً أن واشنطن تتدخل هي الأخرى من خلال نفوذها، في تأخير اعتراف دول بعينها، في محاولة شق سياسة الانسجام بين الكتل، ومنها دول الشمال.

لكن ما يزال البعض يخشى بأن تبقى "نية" الاعترافات، ورقة أخرى من أوراق المساومة والضغط لإخراج الأرنب من القبعة الأميركية. خشية قد تحسم اتجاهاتها مناقشات مشرعي الاتحاد الأوروبي وانعكاس التراكمات الوطنية داخل الدول الأعضاء.

المساهمون