11 عاماً على تأسيس "الوطني الكردي": البحث عن حل "وطني" في سورية

11 عاماً على تأسيس "الوطني الكردي": البحث عن حل "وطني" في سورية

27 أكتوبر 2022
قوات أميركية تدرب عناصر من وحدات حماية الشعب التابعة لـ"الاتحاد الديمقراطي" (الأناضول)
+ الخط -

بعد انطلاق الحراك الثوري السلمي في سورية، أعلنت أحزاب وتيارات سياسية كردية أواخر عام 2011 تشكيل "المجلس الوطني الكردي"، ليكون المرجعية السياسية الجامعة للكرد السوريين، لكن سرعان ما اصطدم بعقبات، بظهور منافسه الأهم، حزب "الاتحاد الديمقراطي" في المشهد الكردي السوري بتسهيل من النظام.

تشكّل المجلس يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2011، في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، من ائتلاف ضمّ نحو 15 حزباً وفصيلاً سياسياً كردياً سورياً، مقربة من الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، الذي كان في حينه رئيساً لإقليم كردستان. وبُعيد تأسيسه، رفع المجلس سقف مطالبه السياسية من المعارضة السورية، مطالباً المجلس بـ"اعتماد الفيدرالية في سورية ما بعد الأسد"، وتحقيق "اللامركزية السياسية"، إلا أن المعارضة السورية التي كانت ممثلة في المجلس الوطني السوري رفضت هذه المطالب كي لا تكون مقدمات لتقسيم البلاد.

انضم "المجلس الوطني الكردي"، أواخر عام 2012 إلى "الائتلاف الوطني السوري"، الذي تشكّل في العاصمة القطرية الدوحة، ليكون المجلس بذلك جزءاً من المعارضة السورية. وكان النظام السوري قد سهّل في عام 2011 ظهور حزب الاتحاد الديمقراطي؛ النسخة السورية المعدلة من حزب العمال الكردستاني، لمحاصرة الحراك الثوري في المدن والبلدات الكردية في الشمال الشرقي من سورية.

الذراع العسكرية لـ"الاتحاد الديمقراطي" (وحدات حماية الشعب) مكّنته من فرض سيطرته خلال سنوات على معظم الشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يعرف بـ"شرقي الفرات". حاولت قيادة إقليم كردستان العراق جسْر هوة الخلاف بين "المجلس" و"الاتحاد" في عام 2014، فعقدت في مدينة دهوك اجتماعات أسفرت عن اتفاق نصّ على تشكيل مرجعية سياسية كردية، كانت نسبة تمثيل "الاتحاد الديمقراطي" والأحزاب التي تدور في فلكه فيها 40 في المائة، وحاز "المجلس الوطني الكردي" 40 في المائة، وتوزعت الـ20 في المائة الباقية على الأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. كذلك اتُّفق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصاً، ممثلين وفق الآتي: 12 من "حركة المجتمع الديمقراطي"، و12 من "المجلس الوطني"، و8 من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين.

لكن الاتفاق لم يجد طريقه للتطبيق، ما أدى إلى تجميده، وخاصة أن تنظيم داعش بدأ يهدد المناطق الكردية في سورية في ذلك العام.

جمعت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، في عام 2020، "المجلس الوطني" و"الاتحاد الديمقراطي" على طاولة حوار من جولات عدة لم يتوصل خلالها الجانبان إلى اتفاق، لتتأزم العلاقات بينهما. وتلكأ حزب الاتحاد الديمقراطي، أبرز أحزاب هذه الإدارة، في قبول إعلان فك ارتباطه مع حزب العمال الكردستاني، وهو من أهم شروط المجلس للتوصل إلى اتفاق. كذلك يرفض الاتحاد الديمقراطي أي شراكة في إدارة الشمال الشرقي من سورية من قبل المجلس أو أي طرف آخر، وهو ما أدى إلى فشل جهود تشكيل مرجعية سياسية واحدة للكرد السوريين.  

 وعن تقييمه لأداء المجلس منذ تأسيسه، أشار شلال كدو، وهو قيادي في هذا "المجلس الوطني" وممثل له في الائتلاف الوطني، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "أداء المجلس اختلف من مرحلة إلى أخرى منذ عام 2011، تبعاً للظروف التي مرّت بها سورية"، مضيفاً أنه في بداية تأسيسه كان المجلس نشطاً، وله أنصار في كل المناطق الكردية السورية.

يؤكد كدو أن المجلس "ما زال يحمل مشروعاً يهدف إلى حل القضية الكردية في سورية"، وينشط إقليمياً ودولياً، وله علاقات مع مختلف الدول الفاعلة في الملف السوري، واصفاً علاقة المجلس بـ"الاتحاد الديمقراطي"، والإدارة الذاتية التي فرضها في "شرقي الفرات"، بـ"غير الثابتة".

وتابع أن هذه العلاقة بـ"الاتحاد الديمقراطي" تتأثر بممارساته الخاطئة ضد كوادر وقيادات المجلس وضد المدنيين. وأشار إلى أن "الاتحاد الديمقراطي وأد الحوار الذي جرى برعاية أميركية وفرنسية قبل عامين، وهو ما أدى الى انقطاع العلاقة بيننا وبينه".

وبيّن أن المجلس "جزء لا يتجزأ من المعارضة السورية"، واصفاً ذلك بأنه "خيار استراتيجي لا رجعة عنه، فالمجلس يؤمن بأن الكرد جزء من الشعب السوري، والقضية الكردية تُحل عندما تُحل القضية السورية برمتها حلاً وطنياً". مستدركاً بأنه "لا علاقة على الإطلاق بين المجلس والنظام السوري"، فاي حوار منفرد مع النظام "عقيم ولا جدوى منه، فالنظام لا يعترف بوجود كردي في سورية. أي حوار معه يكون عبر الشرعية الدولية، ومن خلال المعارضة السورية ككل".

وأشار القيادي في "المجلس الوطني" إلى أن المجلس يستعد لعقد مؤتمره الرابع قريباً، ويتوقع معه القيام بـ"إصلاحات على هيكلية المجلس والمفاصل السياسية والإدارية"، خاتماً بالقول: "سيكون المؤتمر انطلاقة جديدة للمجلس الوطني الكردي".

من جانبه، يرى المحلل السياسي فريد سعدون في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المجلس الوطني الكردي" باعتباره جزءاً من المعارضة وقع عليه ما وقع عليها... لم يستطع أن ينتج قيادة أو يطرح مشروعاً ويعمل عليه".

وأضاف: "المجلس تجمُّع لعدة أحزاب لا تربطها أفكار ورؤى واحدة حيال الأحداث في سورية. لدى هذه الأحزاب مواقف متباينة". وأشار إلى أن المجلس "لم يكن مؤهلاً سياسياً ليكون حامل حل للقضية الكردية السورية".

ورأى سعدون أن "المجلس الوطني" بات "نموذجاً مهاجراً" باستسلامه بعد مزاحمة "الاتحاد الديمقراطي"، وأنه اليوم أصبح "عالة على الشعب الكردي في سورية بهذا الأداء الضعيف الذي مكّن الاتحاد الديمقراطي من تسيّد المشهد السياسي الكردي".

الناشط السياسي المقرب من "الإدارة الذاتية"، إبراهيم مسلم، قال في حديثه مع "العربي الجديد"، إن "المجلس الوطني الكردي كان يمثل أكثر من 90% من الحركة الوطنية الكردية في سورية... إلا أنه اليوم مختزل بحزب واحد هو الديمقراطي الكردستاني".

أما "التضارب في بيانات الحزب بين وقت وآخر، وفق مكان صدور البيان" فيرده مسلم إلى انقسام قيادات هذا الحزب بين أربيل وأنقرة.