10 سنوات على ولادة جنوب السودان... أحدث دول العالم ضحية الحرب والجوع

10 سنوات على ولادة جنوب السودان... أحدث دول العالم ضحية الحرب والجوع

09 يوليو 2021
يحتفلون بذكرى الاستقلال في جوبا (أندريا كامبيانو/Getty)
+ الخط -

تعهدت أقوى شخصيتين على الساحة السياسية في جنوب السودان، الجمعة، بعدم السماح بعودة البلاد للحرب، وذلك خلال الاحتفال بالذكرى العاشرة لمولد الدولة، بينما قال البابا فرنسيس إنه سيقوم بزيارة إذا بذل الزعماء السياسيون مزيداً من الجهد حفاظاً على السلام الهشّ.

واندلع العنف في جنوب السودان، في نهاية 2013 بعد عامين من الانفصال عن السودان، بين الرئيس سلفا كير، من عرقية الدينكا، ونائبه ريك مشار المنتمي إلى عرقية النوير.

ومنذ ذلك الحين أبرما العديد من الاتفاقات لإنهاء حرب أجّجها توتر عرقي طويل الأمد، وأودت بحياة أكثر من 400 ألف شخص، ونجحا في نهاية المطاف في تشكيل حكومة وحدة وطنية في العام الماضي.

وقال كير، في كلمة بمناسبة عيد الاستقلال: "أؤكد لكم أنني لن أعود إلى الحرب مرة أخرى، دعونا نتعاون جميعاً لتعويض العقد الضائع وإعادة بلدنا إلى مسار التنمية في هذا العقد الجديد".

وحلّ كير البرلمان في مايو/ أيار، الأمر الذي مهد الطريق إلى مجلس تشريعي أوسع نطاقاً، يضم 550 عضواً، بحيث يمثل جميع الجماعات العرقية بموجب بنود أحدث اتفاق سلام.

كير: أؤكد لكم أنني لن أعود إلى الحرب مرة أخرى (Getty)

وفي تصريحات أدلى بها مشار، في مكان آخر في جوبا، قال إنه وكير يحملان على أكتافهما توقعات كبيرة، وأضاف: "شعبنا يتوقع منا الكثير، العالم أيضاً يتوقع منا الكثير... ولكي نواصل الاحتفالات (بالاستقلال) في كل مرة، لا بد أن نبقي السلام حياً".

الحرب والجوع يطاردان أحدث دول العالم
ويعتبر جنوب السودان البلد الأحدث في العالم، ومن بين الأفقر، إذ تشلّه حرب مدمّرة حصدت أرواح عشرات الآلاف، وأعلن جنوب السودان استقلاله عن السودان في يوليو/تموز 2011، بعد استفتاء صوّت نحو 99% من المشاركين فيه للانفصال.

يعيش أربعة من كل خمسة من سكان جنوب السودان، البالغ عددهم 11 مليوناً، في "فقر تام"، وفق بيانات البنك الدولي لعام 2018، ويواجه أكثر من 60% من السكان الجوع الشديد جرّاء تداعيات الحرب والجفاف والفيضانات.

وتفاقمت معاناتهم مع غزو متكرر لأسراب جراد الصحراء، وتضع هذه الظروف جنوب السودان في المرتبة الـ 185 من بين 189 دولة على مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.

اقتصاد مدَمّر
بحسب البنك الدولي، يمثّل إنتاج النفط، الذي كان مصدر 98% من عائدات جنوب السودان عند استقلاله، كل صادرات البلد تقريباً، وأكثر من 40% من إجمالي الناتج الوطني، ومنذ اتفاق السلام في 2018، ازداد إنتاج النفط إلى نحو نصف ما كان عليه تقريباً قبل الحرب.

وبينما كان من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج الداخلي إلى 7,9% العام الماضي، تباطأ ذلك جرّاء فيروس كورونا وتواصل عدم الاستقرار، رغم أن التضخّم انخفض كثيراً عن ذروة عام 2019 عندما بلغت نسبته 170%. ويعاني جنوب السودان أيضاً من الفساد، بحسب منظمة الشفافية الدولية، التي تضعه في المرتبة الـ 178 من 180 على مؤشرها.

ويُعَدّ جنوب السودان موطناً لأنواع برية متنوعة، بينها ظباء وفيلة وزرافات وأسود، وأكبر نظام بيئي للسافانا في منطقة شرق أفريقيا. كذلك تُعَدّ منطقة السُّد الشاسعة أكبر منطقة مستنقعات في العالم، حيث تعيش مئات الأنواع من الطيور وسط حقول أوراق البردي والنباتات المائية.

رغم الانفصال.. حروب لا تنتهي
وكانت الحكومة السودانية قد وقعت مع المتمرّدين الجنوبيين اتفاق سلام عام 2005، استثنى الجنوب من تطبيق الشريعة، ومنحه ست سنوات من الحكم الذاتي قبل الاستفتاء على الاستقلال، ونُصِّب سلفا كير أول رئيس للبلاد، ورياك مشار نائباً له.

وكان كير ومشار في الخندق ذاته في دعم الاستقلال عن الخرطوم، لكنهما اختلفا لاحقاً جرّاء نزاعات عرقية وسياسية، وارتفع مستوى التوتر عندما أقيل مشار، المنتمي إلى النوير، ثاني أكبر قبيلة في البلاد، من منصب نائب الرئيس عام 2013، واتّهمه كير المتحدّر من قبيلة الدنكا لاحقاً بشنّ انقلاب فاشل.

وبحلول ديسمبر/ كانون الأول 2013، دخلت البلاد حرباً أهلية شهدت مجازر عرقية وعمليات اغتصاب واسعة النطاق وتجنيد أطفال وانتهاكات عديدة، وبموجب اتفاق سلام عام 2015، أعيد تعيين مشار نائباً للرئيس، لكن القتال اندلع مجدداً ليفرّ مع قواته، والتقى الخصمان في يونيو/ حزيران 2018، وجرى التوصل إلى اتفاق سلام جديد في سبتمبر/ أيلول بهدف تأسيس حكومة وحدة وطنية، وتأجلت الخطوة مرّتين، وشردت الحرب نحو أربعة ملايين آخرين.

واتّهمت الأمم المتحدة القوات الحكومية ومجموعات مسلّحة أخرى بـ"تجويع" المدنيين "عمداً"، عبر منع وصول المساعدات ودفع السكان إلى النزوح، وأدى تواصل العنف إلى جعل جنوب السودان من بين بلدان العالم الأكثر خطورة بالنسبة إلى العاملين في مجال الإغاثة، فيما قُتل أربعة منهم الشهر الماضي.

(رويترز، فرانس برس)

المساهمون