سورية: "داعش" يُحبط محاولة جسّ نبض للنظام بدير الزور

سورية: "داعش" يُحبط محاولة جسّ نبض للنظام بدير الزور

28 أكتوبر 2014
تسعى قوات النظام إلى التمسك بمنطقة الجفرة (محمود ليلا/الأناضول)
+ الخط -

يدرك النظام السوري مدى انشغال تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش) في معارك مع وحدات "حماية الشعب" الكردية المدعومة بكتائب من "الجيش الحرّ" وقوات التحالف الدولي في مدينة عين العرب، أقصى شمال شرق حلب.

وذلك في ظلّ تعرّض "داعش" في محافظة دير الزور لأعلى معدل من ضربات التحالف الدولي، إذا ما استثنينا عين العرب التي تشهد معركة حامية، بخلاف المناطق الأخرى التي تعيش هدوءاً نسبياً، فإن القوات النظامية التي تبدو الأكثر ارتياحاً، وجدت في تأمين مناطق نفوذها في دير الزور مناسبة قد لا تتكرر.

ليست هذه هي المرة الأولى التي تقطع فيها قوات النظام صلة الوصل بين مدينة دير الزور وريفها، فبعد سلسلة من القصف المتواصل لجيش النظام على جسر "السياسية"، فخخت عناصر تابعة له الجسر، مما أدى إلى سقوطه في نهر الفرات وإعطابه تماماً بعد تفجيره.

وأصبحت مدينة دير الزور محاصرة براً، ومفصولة عن ريفها، وبالتالي توقف مرور السلاح والمساعدات الإنسانية والطبية إلى المناطق المحررة، في ظل الحصار المفروض من النظام على معابر "عياش" من الجهة الغربية، و"البانوراما" من الجهة الجنوبية، ومعبر "هرابش" من الجهة الشرقية.

وكانت قوات النظام تهدف في ذلك الوقت إلى سدّ الطريق أمام حشد تنظيم "الدولة" لاقتحام مطار دير الزور العسكري وأحياء الجورة والقصور ومعسكر الطلائع، آخر معاقل النظام في دير الزور. اتّبع "داعش" في هذه الأثناء خطة بديلة، عبر استخدام زوارق مائية من منطقة حويجة صقر إلى المدينة، ومنها إلى الريف، وضمن بذلك إمداد المقاتلين بأسلحة خفيفة ودخول مساعدات إنسانية، لكنه منع من التمتع بحرية استخدام السلاح الثقيل، فاعتمد على محافظة الرقة، لدعم خطوط الإمداد في معاركه بالجهة الغربية من سورية، بينما اعتمد على ريف دير الزور في دعم هجومه في العراق من الجهة الشرقية.

يُعدّ مطار دير الزور العسكري، أبرز معاقل النظام في الجهة الشرقية وأهم نقاطه الاستراتيجية، ما يفسّر المحاولات العديدة لتأمينه سابقاً، فسقوطه سيعني حتماً طرده من ثاني محافظة سورية. ولم تجد قوات النظام بداً من استغلال انشغال "داعش" في معاركه بعين العرب، وتكثيف التحالف ضرباته على مواقع التنظيم في محافظة دير الزور، لتأمين المطار العسكري، والسيطرة على المناطق الممتدة مع النهر من جهة المدينة، لتحكم سيطرتها على المعابر النهرية كاملة.

ويلفت أحد الصحافيين من أبناء المنطقة، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قوات النظام استغلّت ضعف تنظيم الدولة في حويجة صكر، ونقص عدد مقاتليه، ومساعدة الأهالي التابعين للنظام في محيط المنطقة، من أجل اقتحام الحويجة، التي يفصلها عن المدينة جسر يصل طوله إلى نحو 100 متر".

وكان لقوات النظام جزء مما أرادت، حينما تمكنت من التسلل إلى منطقة حويجة صكر جنوب المدينة، والواقعة على الضفة المقابلة لنهر الفرات عن طريق التقدم من حي هرابش، وسيطرت على نحو 50 في المائة من مساحتها، بعدما مهّدت لذلك بالقصف بالأسلحة الثقيلة، وتمركزت في بناء المدرسة من الجهة الشرقية.

ونشرت صفحات عديدة موالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً مصوراً، يبيّن عبور الدبابات والمدرعات التابعة لقوات النظام فرع نهر الفرات، باتجاه حويجة صكر، بمشاركة نخبة من عناصر "الحرس الجمهوري" بقيادة قائد الحملة العسكرية على دير الزور، العميد عصام زهر سعد الدين، وسط مقاومة عنيفة من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذين لم يكونوا مهيئين للمعركة، التي أسفرت عن مقتل 10 جنود للنظام بينهم ضابط برتبة مقدم. وتمكن عناصر التنظيم من سحب عدد من جثث النظام، وسط غارات جوية عدة، في حين قتل وجرح عدد من عناصر "داعش".

ويتمثل الهدف الرئيسي للنظام في دخوله إلى حويجة صكر، في كونها تحاذي قرية الجفرة الشيعية، والبالغ عدد سكانها 5 آلاف نسمة، والتي تحوي غالبية مؤيدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وتقع قبالة مطار دير الزور العسكري وتعتبر بوابة له، مما يعني تأمينه تماماً، وتضييق الخناق على الأحياء التي يسيطر عليها "داعش" في المدينة.

وعلى الرغم من انشغال "داعش" في معاركه بعين العرب في سورية، إلا أن ذلك لم يمنعه من التصدي لمحاولة قوات النظام. وأصدر التنظيم على الفور قراراً بإغلاق معبر حويجة صكر أمام المدنيين بضعة أيام من دون توضيح الأسباب، مع أن المعبر هو المنفذ المائي الوحيد الذي يصل المدينة بالريف.

في هذه الأثناء، خاض مقاتلو "لواء القادسية" المناصر لتنظيم "الدولة"، بمشاركة مقاتلي التنظيم معارك مضادة، تمكنوا خلالها من السيطرة على بناء مدرسة حويجة صكر، وطرد قوات النظام من الحي، فيما تواصلت المعارك في المنطقة المحاذية للنهر.

وشددت قوات النظام قصفها بكافة أنواع الأسلحة، مترافقاً مع قصف بالطيران الحربي، قبل أن تتراجع إلى آخر نقطة لها في منطقة الجفرة، وأسفرت المعارك عن مقتل 13 مقاتلاً من التنظيم، بينما قتل 25 من عناصر النظام والمليشيات التابعة له، بينهم ثلاثة عناصر من لواء "أبوالفضل العباس" العراقي، واثنان من مقاتلي "حزب الله" اللبناني.

ويتبيّن من الخسارة السريعة لقوات النظام هناك، أنها كانت تحاول جس نبض "داعش" في دير الزور، الذي كان لجأ، على ما يبدو، إلى اتخاذ خطوات احترازية، عبر إرسال أبرز مقاتليه إلى خطوط المواجهة الأولى كمدينة عين العرب، وإبقاء الفصائل العسكرية المهادنة له في الخطوط الخلفية.

وهذا ما أكده أحد القادة العسكريين، ويدعى أبوبكر لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، عندما أشار إلى أن "عناصر التنظيم خرج معظمهم من مدينة دير الزور، متجهين للقتال في مدينة عين العرب، فيما أوكلت مهمة قيادة المدينة لأمراء وشرعيي القطاعات التي تتبع لها كل منطقة، ومهمة القتال إلى الفصائل العسكرية المهادنة له".
وفسّر ذلك "بزيادة ثقة العسكريين والمدنيين في التنظيم، واعتباره المدافع عن حقوقهم".