وفد ليبي إلى موسكو قريبا: المحطة الأولى لإنهاء ملف المقاتلين الأجانب

وفد ليبي إلى موسكو قريباً: المحطة الأولى لإنهاء ملف المقاتلين الأجانب

13 فبراير 2021
يهدف الوفد إلى التباحث حول الوجود الروسي العسكري غير الرسمي في البلاد(فرانس برس)
+ الخط -

عادت تأثيرات الأطراف الخارجية المتدخلة في الأزمة الليبية إلى الظهور في الواجهة مجددا، بعد أيام من اتفاق ملتقى الحوار السياسي على تشكيل سلطة سياسية جديدة موحدة، لتشكل عودة هذه الأطراف تهديدا لإمكانية مضي الأطراف الليبية في إنجاح مسارات الحل المتبقية على الصعيدين الاقتصادي والأمني، ويبدو الأخير الأكثر تأثرا بالمواقف الإقليمية، ولذا يعتزم وفد عسكري ليبي زيارة عواصم للدفع باتجاه حلحلته، وفق ما كشفت مصادر لـ"العربي الجديد". 

وفي الوقت الذي طالب فيه وزراء خارجية مصر وقبرص واليونان، السلطة الجديدة في ليبيا، بإلغاء مذكرات التفاهم الموقعة بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق، وضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، اعتبرت تركيا أن البيان يشير إلى ربط تحالف يهدد مصالحها. 

وجاء البيان المشترك بين وزراء خارجية الدول الثلاث، إثر اختتام منتدى فيليا، المنعقد بأثينا، الذي شارك فيه أيضا وزراء فرنسا والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين. 

واتهمت الخارجية التركية الدول المشاركة في منتدى الصداقة (منتدى فيليا) بربط تحالف يهدد المصالح التركية، و "وتهديد السلام والاستقرار في المنطقة". 

وفي رد ضمني على مطالب البيان الثلاثي للسلطة الجديدة في ليبيا بإلغاء الاتفاقات التركية – الليبية، وخروج القوات الأجنبية، قال بيان الخارجية التركية "لا يحق لمن تسبب في جر ليبيا إلى عدم الاستقرار من خلال احتضان الانقلابيين من أجل مصالحه الضيقة ومطالبه المتطرفة" أن "ينتقد سياسات تركيا القائمة على الإنصاف في المنطقة". 

ملف إخراج المقاتلين الأجانب

ويأتي تجدد الخلافات الإقليمية في الملف الليبي، ليقحم السلطة الجديدة في ليبيا فيها، في الوقت الذي أبدى فيه قادتها اهتماما بالدفع بمسارات الحل المصاحبة للمسار السياسي، فقد أكد رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي، على أولوية المسارين الاقتصادي والأمني للسلطة الجديدة، من خلال "توحيد المؤسسات لمعالجة الاقتصاد الوطني"، لأنه "لن تكون هناك انتخابات واستقرار في غياب الأمن والاقتصاد". 

وفيما شدد المنفي، خلال كلمة مرئية إثر وصوله إلى مدينة طبرق أمس الجمعة، بثتها منصات التواصل الاجتماعي، على حرص السلطة الجديدة على دعم مسار اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، كشفت مصادر على صلة باللجنة العسكرية عزم أعضائها تشكيل وفد لزيارة عدد من العواصم على صلة بالملف الأمني في البلاد، وتحديدا لمناقشة قضية إخراج المقاتلين الأجانب بعد أن لقيت القضية اهتماما دوليا واسعا، في الآونة الأخيرة. 

وأوضحت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أنه من المرجح أن يصل الوفد قريبا إلى العاصمة الروسية، موسكو، كأول محطة له، للقاء عدد المسؤولين الروس بهدف التباحث حول الوجود الروسي العسكري غير الرسمي في البلاد. 

ووفق معلومات المصادر فإن "حقيبة أعضاء الوفد ستتوفر على إجابة بشأن شرعية وجود القوات التركية في ليبيا وإمكانية خروجها"، ما يعني وجود اتصال مسبق بين الوفد والجانب التركي. 

حقيبة أعضاء الوفد ستتوفر على إجابة بشأن شرعية وجود القوات التركية في ليبيا وإمكانية خروجها

وفي إشارة ضمنية لوجود مباحثات غير معلنة في هذا الشأن، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمة له في إحدى المناسبات الثلاثاء الماضي، إن بلاده "ستبحث سحب قواتها من ليبيا إذا انسحبت القوات الأجنبية الأخرى أولًا"، ورد في الأثناء على تصريحات للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طالب فيها تركيا بإخراج قواتها من ليبيا واتهمها بجلب المرتزقة للقتال في ليبيا، قائلا "هناك مرتزقة قدموا من أنحاء مختلفة إلى ليبيا، لكن ماكرون لا يضايقه فقط إلا وجود تركيا". 

ومن غير شك في أن الرئيس التركي يقصد الدعم الروسي لحفتر بـ"القوات الأجنبية الأخرى"، بحسب الناشط السياسي الليبي مالك هراسة، لكنه يرى أن إلحاق أردوغان شرطه بهجوم على الرئيس الفرنسي إشارة لاستمرار الدعم الإماراتي لمعسكر حفتر فـ"معلوم أن أبوظبي باتت بوابة الدعم الفرنسي لحفتر في ليبيا"، ولذا فهو يرجح أن تكون باريس محطة أخرى لزيارات الوفد العسكري الليبي. 

ويضيف هراسمة متحدثا لـ"العربي الجديد" أن "افتتاح جولة الوفد العسكري بزيارة موسكو يعني أن الوفد سيكون مشكلا من جانب ممثلي حكومة الوفاق العسكريين"، ويؤكد أن الخطوة ستحلحل الكثير من الصعوبات التي تقف في طريق تخلص البلاد من المقاتلين الأجانب. 

وإلى أبعد من ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية خليفة الحداد، أن محاولة البيان الثلاثي الزج بالسلطة الجديدة في أتون الخلافات الإقليمية يهدف إلى جعل الاتفاقين البحري والأمني بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق "في سلة واحدة"، مشيرا إلى أن تراجع قوتهما كأوراق بيد أنقرة بعد إزاحة حليفتها في طرابلس عن السلطة قد يخلق خيارات إقليمية جديدة تفرضها المستجدات. 

ولا يرى الحداد، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، في تأكيد رئيس الحكومة الجديد عبد الحميد الدبيبة على صداقته المتينة مع تركيا، وفق تصريحاته لـ"الأناضول"، إمكانية للبناء عليها للتكهن بشكل العلاقات التي ستحددها السلطة الجديدة مع تلك الأطراف، خصوصا أن اليونان بادرت بترقيع علاقتها مع المنفي بعد أن كانت طردته أيام كان سفيرا لحكومة الوفاق لديها. 

بداية حلحلة الخلافات

ووفق قراءة الأكاديمي الليبي للمستجدات فإن عدم وضوح سياسات السلطة الجديدة مع محيطها الدولي لقاء ضبابية مواقف الأطراف الإقليمية يجعل من أي مقاربة للحل أو صنع تفاهمات في أزمة الملف الليبي بعيدا، ويقول "هناك خيط رفيع يربط أنقره بموسكو في ليبيا وساحات أخرى، وموقف مصري من الأطراف المسلحة في ليبيا لم يتضح بعد، وباريس فاعل مهم في الملف الليبي تنتظر وضوح خيارات السلطة الجديدة".

 وخلال كل هذا يؤكد الحداد أن خطوة اتصال العسكريين الليبيين بعواصم لها وجود عسكري في ليبيا "بداية في طريق حلحلة كل هذه الخلافات إذا جرت بالتنسيق مع القادة الجدد". 

دلالات

المساهمون