وفاة قاضي "مصرية تيران وصنافير" أحمد الشاذلي

وفاة قاضي "مصرية تيران وصنافير" أحمد الشاذلي

27 أكتوبر 2021
يُعرف عن الشاذلي الانتصار للمظلومين (Getty)
+ الخط -

توفي، مساء الثلاثاء، القاضي المصري أحمد الشاذلي، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس الدائرة 11 بالمحكمة الإدارية العليا، صاحب الحكم بتأييد "مصرية" جزيرتي تيران وصنافير، اللتين تنازلت عنهما حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمملكة العربية السعودية بموجب اتفاقية بين البلدين.

وقال القاضي الراحل في منطوق حكمه التاريخي بمصرية الجزيرتين إن "مصر ليست نقطة على خريطة الكون، أو خطوطاً رسمها خطاط أو عالم على خرائطه، وإنما هي بلد قديم خلق بعناية الله".

وبنبرة واثقة حازمة، أكد الشاذلي خلال النطق بالحكم أن "سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها، بأدلة وواقع ملموس، وأن دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية واضح يسمو لليقين".

ولد المستشار الشاذلي عام 1955 بمركز بسيون في محافظة الغربية، ويتصل بصلة قرابة للفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973، وتلقى تعليمه القانوني بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1976 بتقدير جيد جداً، وحصل على دبلومين في القانون الدولي العام والعلوم الإدارية، وعين بمجلس الدولة عام 1977.

ظل الشاذلي على منصة القضاء لفترات طويلة وفي دوائر مهمة، وعرف عنه الانتصار للمظلومين. وشارك عام 1991 في حكم مهم أجاز إضراب العمال للمطالبة بحقوقهم، واستنهض المشرع لإصدار قانون ينظم الحق في الإضراب، مؤكداً أن "غياب القانون لا يعني إلغاء الحق".

ظل الشاذلي على منصة القضاء لفترات طويلة وفي دوائر مهمة، وعرف عنه الانتصار للمظلومين

كان الراحل من أوائل قضاة مجلس الدولة الذين كتبوا أحكامًا قضائية في الإفراج الشرطي والإفراج الصحي وحقوق الأسرى، وكذلك المحاكمات العسكرية. وكان عضو اليمين بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا التي أصدرت أحكاماً بتأييد بطلان خصخصة عدد من شركات القطاع العام، كعمر أفندي وطنطا للكتان.

تولى الشاذلي رئاسة الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري خلال العامين الماضيين، قبل رئاسته للإدارية العليا "فحص"، وأصدر العديد من الأحكام القضائية الخاصة بالنقابات المهنية والعمالية.

عمل الراحل لفترة طويلة بالدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري الخاصة بقضايا الحقوق والحريات مع القاضيين السابقين المعروفين فاروق عبد القادر ومحمد أحمد الحسيني، وشارك في إصدار أحكام بسط الإشراف القضائي على الانتخابات البرلمانية، وتمكين منظمات المجتمع المدني من المشاركة في مراقبة الانتخابات، وإصدار أوراق ثبوتية للبهائيين عليها علامة (الشرطة)، والسماح للأقباط بالزواج الثاني، ثم كان رئيساً للدائرة التي أصدرت عام 2008 حكماً تاريخياً ببطلان مشروع خصخصة التأمين الصحي.

عمل الشاذلي بالدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا مع المستشار محمد الحسيني، وشارك في إصدار أحكام مهمة، أبرزها بطلان سحب أرض جزيرة القرصاية من الأهالي المقيمين عليها، وشارك فيما بعد كعضو في دائرة الفحص الأولى بالإدارية العليا برئاسة المستشار عبدالفتاح أبو الليل في إصدار أحكام نهائية وباتة ببطلان خصخصة شركات القطاع العام.

تولى الشاذلي بعد ذلك رئاسة الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري التي أصبحت مختصة بقضايا الاستثمار والقنوات الفضائية، إلى جانب اختصاصها القديم بقضايا الجمعيات والأندية وشؤون الجنسية، فأصدر أحكاما بارزة، من بينها حل مجلس إدارة النادي الأهلي بعد ثبوت مخالفات في انتخابات النادي الأخيرة، وبأحقية الجمعيات الأهلية في تلقي التمويل الأجنبي المشروع المرسل إليها تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي دون أن يكون للوزارة حق في حجب التمويل عن الجمعيات.

كما أصدر حكماً بإصدار أوراق ثبوتية للطفل ثمرة علاقة الزواج العرفي الثابتة في الأوراق وبغض النظر عن النزاعات الشخصية بين الأب والأم في محاكم الأسرة، واعتبرت المنظمات المهتمة بالطفولة والأمومة هذا الحكم انتصاراً لحق الأطفال في الحياة.

كما أصدر حكماً بأحقية الأبناء الفلسطينيين للمرأة المصرية في الجنسية المصرية تبعاً لجنسية والدتهم، مؤكداً بطلان تعسف وزارة الداخلية معهم بسبب جنسية والدهم الفلسطينية، وأصدر أيضاً أحكاماً بعدم قبول إسقاط الجنسية المصرية دون مبرر موضوعي أو قانوني عن بعض الشخصيات السياسية والإعلامية، بالإضافة إلى حكم بإلزام وزير الداخلية بعرض أمر المتزوجين بإسرائيليات على مجلس الوزراء تمهيداً لإسقاط الجنسية عنهم، وهو حكم متفق مع حكم سابق شارك في إصداره خلال عضويته بالمحكمة الإدارية العليا عام 2010.

أصدر الشاذلي أيضا حكما برفض حجب موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، مؤكداً أن الوسائل المعرفية والإعلامية في حد ذاتها أصبحت جزءاً من حق الإنسان في المعرفة والتعلم، ولا يجوز إغلاق الوسيلة بالكامل بسبب مخالفات يرتكبها البعض على صفحاتهم الخاصة، بل إن مساءلة هؤلاء تكون على المستوى الجنائي فقط.

وفي الفترة الأخيرة، ترأس الشاذلي دائرة الضرائب بالمحكمة الإدارية العليا، ليرسي عددا كبيرا من المبادئ الجديدة في القضايا الضريبية، خاصة بعد تعديل معظم قوانين الضرائب، وفي ظل حداثة عهد القضاء الإداري في هذا النوع من المنازعات.

ونعى المحامي والحقوقي المصري وصاحب دعوى "تيران وصنافير" خالد علي، الفقيد. وكتب على حسابه الرسمي على "تويتر": "كل كلمات العزاء لن تصف ما فقدناه.. رحل قاض من أعدل القضاة، انحاز للمشروعية والعدالة حتى في أصعب الأوقات، فاستحق تقدير وإعزاز كل من اقترب من منصته.. أصدر حكم الإدارية العليا بتأييد مصرية تيران وصنافير.. اللهم ارحمه وأدخله فسيح جناتك".