"هيئة تحرير الشام" تهدد باستخدام "الشدّة" في التعامل مع الحراك الشعبي في إدلب

26 مايو 2024
مظاهرة في إدلب ضد "هيئة تحرير الشام"، 17/5/2024 (معاوية أطرش/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- "هيئة تحرير الشام" تهدد باستخدام القوة ضد الحراك الشعبي في شمال غربي سورية، متهمة المحتجين بنشر الفوضى وتعطيل الحياة العامة، وتخطط لتوسيع دائرة الاعتقالات.
- الاحتجاجات ضد الهيئة بدأت بسبب تجاوزاتها والأزمات المعيشية، مع تصاعد الاستجابة من وعود بالإصلاح إلى فض الاعتصامات بالقوة ومنع التظاهر، خاصة في مدينة إدلب.
- التعقيدات السياسية والتدخلات الإقليمية تعقد الوضع في إدلب، مع اعتماد "هيئة تحرير الشام" على سياسة الاعتقالات والثقة بمؤسساتها للحفاظ على السيطرة دون المواجهة المباشرة لتجنب إراقة الدماء.

هددت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) مجددا باستخدام القوة لقمع الحراك الشعبي السلمي ضدها في مناطق سيطرتها في شمال غربي سورية، خاصة في محافظة إدلب، متهمة البعض بـ "نشر الفوضى وتعطيل الحياة العامة"، في مؤشر على أنها تعتزم توسيع دائرة الاعتقالات بحق ناشطي الحراك. وقالت وزارة الداخلية في حكومة "الإنقاذ" الذراع الإدارية لـ "هيئة تحرير الشام" في بيان السبت إن أمام المحتجين "فرضة أخيرة" لإيقاف التظاهرات، ملوّحة باستخدام القوة ضدهم، زاعمة "أن المحرر (شمال غربي سورية) أمانة ولن نتركه لعبث العابثين". وقالت إن "الاستمرار في انتهاج الأساليب التحريضية ونشر الفتن يلزمنا بالشدة في التعامل معه".

وكان الجهاز الأمني لـ"هيئة تحرير الشام" اعتقل الجمعة عددا من ناشطي الحراك البارزين في مختلف المدن والبلدات، منهم الناشط السياسي رامي عبد الحق، وهو ما دفع "تجمع الحراك الثوري" للدعوة لعصيان مدني ردا على القمع. ومنذ أواخر فبراير/ شباط الفائت بدأ حراك شعبي مناهض لـ"تحرير الشام" بسبب تجاوزات ذراعها الأمني، وتفردها بالقرار وقمعها المعارضين لها بالقوة، فضلا عن استمرار الأزمات المعيشية التي يحمّل المتظاهرون "الهيئة" مسؤوليتها. وتدرجت في التعامل مع المظاهرات من وعود بالإصلاح السياسي والأمني والاقتصادي، وصولا إلى فض الاعتصامات بالقوة، واعتقال الناشطين ومنع المحتجين من التظاهر في مدينة إدلب مركز المحافظة.

تعليقا على ما يجري، اعتبر الناشط السياسي المقيم في الشمال السوري معتز ناصر في حديث مع "العربي الجديد" أن "مشهد إدلب معقد"، مضيفا: "تتداخل فيه المطالب الشعبية الإصلاحية المحقّة، مع تسلط تيارات الغلو والمزاودات على الحراك". وأعرب عن اعتقاده بأن "هناك رغبة لدى جزء من إدارة إدلب عموما بالإصلاح، رغم وجود بعض التيارات المستفزّة"، مشيرا إلى أن ما يزيد من تعقيد المشهد أن هناك "تدخلات إقليمية تؤزمه"، في ظل "رغبة لدى النظام وروسيا وإيران بحسم الملف في شمال غربي سورية لصالحهم".

من جانبه، رأى الباحث في مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "يبدو أن الهيئة تنطلق في مقاربتها وطريقة معالجتها للحراك بسقف مرتفع منذ أكثر من شهرين". وتابع: "الهيئة تثق بالمؤسسات التي أقامتها وعلى رأسها الجناح العسكري، والذي تمكنت من ضمان عدم حدوث انشقاق فيه، وبات ينظر للحراك بعين الهيئة وقائدها".

ويعتقد حوراني أن "المنطقة ليست في حالة استقرار تسمح بتطبيق مطالب الحراك بسرعة، وهذا يدركه الفاعلون في الحراك الذي يعاني عدم وحدته"، مضيفا: "الحراك تتنازعه جهات متعددة سواء تيارات كالفصائل والنشطاء وحزب التحرير، أو مبادرات لم يستطع مطلقوها تحويلها لواقع بالحد الأدنى. ويرى حوراني أن "هيئة تحرير الشام": "ستعمل بسياسة الاعتقالات دون الانزلاق إلى المواجهة التي تؤدي إلى إراقة الدماء"، مضيفا: "بعد الاعتقالات بدأت تتلقى الهيئة رسائل لإيقافها والبدء بالحوار على أرضية ما هو قائم".

وتسيطر "هيئة تحرير الشام" على ما تبقّى من محافظة إدلب خارج سيطرة النظام، وفيه مدن مهمة منها إدلب وأريحا وجسر الشغور. كما تسيطر على جانب من ريف حلب الغربي والشمالي الغربي، وقسم من ريف اللاذقية الشمالي الشرقي على الحدود السورية التركية. وحيّدت خلال السنوات الفائتة كل المناوئين لها، بما فيهم تنظيمات أكثر تشددا مثل تنظيم "حراس الدين" المتطرف. وكان قائد "تحرير الشام" أبو محمد الجولاني قد زعم في مارس/ آذار الفائت أنه "غير متمسك بالسلطة" في شمال غربي سورية، خلال اجتماع مع قوى مجتمعية في محافظة إدلب وعد خلاله بالقيام بـ "إصلاحات".

المساهمون