نواب مصريون يطالبون بإصدار قانون المحليات وسط تجاهل حكومي

نواب مصريون يطالبون بإصدار قانون المحليات وسط تجاهل حكومي

24 مايو 2022
سُحب مشروع القانون عدة مرات من أدراج المجلس (Getty)
+ الخط -

طالب أعضاء في مجلس النواب المصري بالعمل على تسريع إصدار قانون الإدارة المحلية في مواجهة فساد المحليات، لا سيما أنهم لا يعلمون من وراء "تجميد" القانون منذ أكثر من ست سنوات وسط تجاهل حكومي، على الرغم من إدراجه على جدول أعمال البرلمان أكثر من مرة، وسحبه في اللحظات الأخيرة من دون إعلان الأسباب.

وقال النائب عبد المنعم إمام، أمين لجنة الخطة والموازنة في المجلس، خلال مناقشة طلبات إحاطة وأسئلة موجهة إلى وزير التنمية المحلية محمود شعراوي، اليوم الثلاثاء، إنه لا توجد إرادة من الدولة لإجراءات الانتخابات المحلية (البلدية) رغم أهميتها البالغة، مستطرداً بأن "بعض الوحدات المحلية في المحافظات يكون على قوتها نحو ألف موظف، ولا يتواجد منهم فعلياً سوى 50 فرداً في الوحدة على أقصى تقدير!".

وأضاف إمام: "الهم الأساسي للمسؤولين في المحليات هو التربح غير المشروع من وراء وظائفهم، خصوصاً أنه لا توجد أي رقابة عليهم في ظل تغييب دور المحليات، ما يدفع ثمنه المواطنون من أموالهم وجهدهم، إذ يمكن تلخيص معاناتهم حالياً في أمرين، الأول هو غلاء الأسعار، والثاني يتمثل في فساد المحليات".

بدوره، أفاد النائب محمد بدراوي بأن بعض الطرق في محافظة الغربية لم تشهد أعمال تطوير منذ أكثر من 15 عاماً، ما أثر بالسلب على حياة المواطنين، مطالباً الحكومة باعتماد المخصصات المالية اللازمة لإعادة تأهيل وتطوير 9 طرق رئيسية في المحافظة، والتي لا تتعدى أطوالها مجتمعة نحو 71 كيلومتراً.

وانتقد النائب عبد النعيم حامد تجاهل الحكومة لتطوير طرق مثل حلوان والتبين والمعصرة، جنوبي العاصمة القاهرة، أو توفير الاعتمادات المالية الخاصة بتحسين الخدمات عليها، في ظل ما تشهده من تكرار للحوادث التي ينتج عنها ضحايا أبرياء.

من جهته، دعا النائب نافع عبد الهادي إلى إجراء تعديل تشريعي يمنح وزير التنمية المحلية المزيد من السلطات لمحاسبة المحافظين المقصرين في أداء عملهم، و"الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه التهاون والتخاذل في أداء الأدوار المنوطة به"، على حد تعبيره.

وقالت النائبة منى عمر إن الحكومة مطالبة بتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وكذلك تطوير منظومة الطرق بالشكل المناسب في جميع المحافظات على حد سواء.

فيما أكد النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية في البرلمان، أنه يوجد إهدار للمال العام نتيجة رصف بعض الطرق والشوارع الرئيسية، ثم تكسيرها مجدداً من دون إبداء أسباب، وإعادة رصفها.

وأضاف: "التحدي الحقيقي لأجهزة الدولة هو إرضاء المواطنين، الذين لا يشعرون بما يحدث من تطوير في المحاور (الجسور) والطرق العامة، ما يستلزم إعادة النظر في مخطط تطويرها، وتغيير بعض السياسات المتعلقة بتنفيذ الطرق المحلية".

وطالب النائب رياض عبد الستار بإقالة جميع القيادات المحلية في محافظة المنيا (جنوب)، قائلاً: "مركز ملوي لا يوجد به رئيس لمجلس المدينة، والمواطن يعاني الأمرين مما يحدث من إهمال وترد في الخدمات"، مضيفاً "مدينة ملوي من أكبر المدن على مستوى الجمهورية، ورغم ذلك لا يوجد بها طرق داخلية أو مواقف انتظار للسيارات، وتعاني كثيراً من جراء الإهمال المتفشي في الإدارات المحلية".

وتابع أن "الفساد في مصر أساسه وزارة التنمية المحلية، والجميع يعاني أشد المعاناة بسبب أزمات التصالح في مخالفات البناء، وعدم منحهم تصاريح البناء"، موضحاً أن محافظة مثل المنيا تقدم بها نحو مليوني مواطن بطلبات تصالح في مخالفات البناء، ولم يبت إلا في مائة ألف طلب فقط.

وأردف: "الناس اتخنقت، وماحدش عارف يبني الآن، أو يستطيع تزويج أبنائه"، على حد قوله. وأكمل عبد الستار: "اشتراطات البناء في ريف مصر مخالفة للدستور، والمواطن يدخل في دوامة لمدة عامين حتى يحصل على تصريح بالبناء".

ووجه النائب حسام المندوه انتقادات حادة للحكومة بسبب استمرار مشكلة القمامة، قائلاً: "أزمة انتشار القمامة هي صداع مزمن في كل شوارع مصر، وللأسف الشديد منطقة مثل بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة تحولت إلى مستعمرة من القمامة"، وفق تعبيره.

وأضاف المندوه: "مشكلة القمامة تبدأ من المواطن الذي يرمي مخلفاته في الشارع، لأنه لا يوجد صندوق لجمع القمامة، ثم يأتي ما يعرف بالنبيشة لإخراج ما يحتاجون منها، ويتركون أكوام القمامة متناثرة في الشوارع لمدة أسابيع حتى تأتي سيارات المحافظة لنقلها بعد تراكمها".

وحذر المندوه من ظاهرة انتشار القمامة، وما تخلفه من انتشار للأمراض والجريمة، متابعاً "المتعهدون يقولون لنا إنهم يقومون بالجمع السكني، وعندما نذهب إلى المواطنين يؤكدون أنه لا يوجد جمع للقمامة، بل ويدفعون مقابل هذه الخدمة غير الموجودة على أرض الواقع على فواتير الكهرباء".

ولم تشهد مصر أي انتخابات محلية منذ عام 2008، والتي هيمن عليها (آنذاك) الحزب الحاكم إبان حكم الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك، غير أن المجلس العسكري أصدر مرسوماً في عام 2011، يقضي بتشكيل مجالس محلية مؤقتة إلى حين إصدار قانون المحليات الجديد، والذي اقترب من عامه الثاني عشر، وهو لا يزال يراوح مكانه.

وكانت مصادر برلمانية قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن السبب الرئيس في تجميد مناقشات قانون الإدارة المحلية هو تعليمات الأجهزة السيادية لرئيس البرلمان، سواء السابق (علي عبد العال) أو الحالي (حنفي جبالي)، بسبب عدم رغبة الرئيس عبد الفتاح السيسي في وجود مجالس محلية منتخبة منذ توليه الحكم في عام 2014.

وقالت المصادر إن عدم مناقشة القانون يعود إلى اشتراط مواده مراقبة المجالس المحلية لخطط التنمية، ومتابعة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على الأجهزة التنفيذية، بحسب أحكام الدستور، وهو ما يُهدد عمليات الإسناد المباشر من الوزارات والمحافظات المختلفة للشركات التابعة لوزارة الدفاع (الجيش)، وعلى رأسها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وأضافت أن القانون المُجمد يمنح كل مجلس محلي اختصاص اعتماد موازنته، وحسابه الختامي، الأمر الذي يعني مراقبة كافة موازنات وأرقام مشاريع البنية التحتية، ومشاريع الطرق، التي تشهدها جميع المحافظات تحت إشراف شركات الجيش، مبينة أن هذا يُنذر بأحد أمرين: إما سحب عمليات الإسناد من الجيش في حالة نزاهة المجلس المحلي، أو مشاركة المجلس أرباح المؤسسة العسكرية من وراء تلك المشاريع بصورة غير شرعية.