نصر الله يقفل "ملف" الانتخابات النيابية المبكرة ويتحدث عن نفط إيران

نصر الله يقفل "ملف" الانتخابات النيابية المبكرة ويعبّد طريق النفط الإيراني

08 يونيو 2021
ظهر نصر الله لدحض شائعات تحدثت عن إصابته بمرض خطير ( Getty)
+ الخط -

أقفل أمين عام حزب الله حسن نصر الله الطريق على الحلفاء قبل الخصوم بطرحهم الانتخابات النيابية المُبكرة، واضعاً الخطوة "مهما كانت خلفيتها في دائرة مضيعة الوقت وإلهاء الناس عن الاستحقاقات التي تشغلهم".
وخرج نصر الله في كلمة متلفزة مساء اليوم الثلاثاء، في الذكرى الثلاثين لتأسيس قناة "المنار"، لدحض شائعات تحدثت عن إصابته بمرض خطير، مؤكدًا بظهوره أنه بصحة جيدة، فيما سرعان ما انتقل إلى الحديث عن الانتخابات المبكرة، مشيرًا إلى رفضه التام لها.
ويحمل بعض الأفرقاء السياسيين راية الانتخابات النيابية المبكرة لغاياتٍ مختلفة، مثل حزب "القوات اللبنانية" (يتزعمها سمير جعجع) الذي يعوّل على الاستحقاق لزيادة حجمه النيابي وقلب المعادلات وسحب بساط الأكثرية المسيحية من "التيار الوطني الحر" (يرأسه النائب جبران باسيل)، مستغلاً إخفاقات عهد الرئيس ميشال عون والغضب الشعبي من ممارساته وصهره باسيل، واضعاً نفسه خارج أركان السلطة، عبوراً بذلك إلى موقع رئاسة الجمهورية.

في حين، يضع باسيل خيار استقالة تكتله من مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات مبكرة كسلاحٍ أخير لسحب التكليف من سعد الحريري، بعدما لم تلبِّ رسالة الرئيس عون إلى البرلمان حول التأخير في تشكيل الحكومة غايتها "المبطّنة".
وقال نصر الله إن إجراء الانتخابات النيابية المُبكرة لن يغيّر في الواقع السياسي شيئاً جوهرياً، مشيرًا إلى أن "أغلب الذين يدعون إليها يفعلون ذلك لحساباتٍ حزبية فئوية لا علاقة لها بالوطن والشعب وخطوات المعالجة، بل تهدف إلى زيادة عدد نوابهم مقابل تقلّص كتلة آخرين النيابية".
من ناحية ثانية، نفى نصر الله وجود أي نيّة أو بحث أو تداول وتفكير في مسألة تأجيل الانتخابات النيابية والتمديد للمجلس الحالي، مشدداً على ضرورة إجرائها في موعدها أياً تكن الظروف في مايو/أيار 2022.

كذلك، كان لرئيس البرلمان نبيه بري حصّته من رسائل نصر الله غير المباشرة، إذ دعا إلى عدم وضع تواريخ لتشكيل الحكومة ومواصلة السعي وبذل الجهود لحلّ الأزمة، علماً أن الرئيس بري كان قد حدّد أسبوعين تقريباً لمبادرته، وقد نقل زوّاره اليوم قوله إن "هذا الأسبوع يفترض أن يكون حاسماً، (..) هناك اتصالات حثيثة تجرى لتذليل العقبة أو العقبتين المتبقيتين لا أكثر".
وقال نصر الله إنه مع مواصلة السعي ومساعدة الرئيس بري في مبادرته الحكومية (تقوم على 24 وزيراً اختصاصيين غير حزبيين، لا ثلث معطلاً فيها)، وعدم اليأس، مشيرًا إلى ضرورة استماع المعنيين بتشكيل الحكومة لصوت الناس، ووضع اعتباراتهم فوق كل الاعتبارات السياسية.

ومن العقد الأساسية التي تحول دون تشكيل الحكومة ما يُعرف بـ"الوزيرين المسيحيين" والثلث المعطل، إذ يتهم رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الرئيس عون ومن خلفه صهره باسيل بالتمسك بهما، في حين يعتبر فريق رئيس الجمهورية أن الحريري يحاول إقصاء دور وصلاحيات الرئيس عون ويضرب عدالة توزيع الحقائب. 
إلا أن ذلك يأتي قبل أن يتحدث الأمين العام لحزب الله عن ملف رفع الدعم باعتباره عقدة قد تكون من أسباب تأخير تشكيل الحكومة، داعيا حكومة دياب إلى اتخاذ هذه الخطوة غير الشعبوية التي يشترطها صندوق النقد الدولي، بحسب قوله.
ولفت نصر الله في السياق إلى أن ترشيد الدعم على مواد وسلع استهلاكية غذائية لن يحصل، مشيرًا إلى تفهمه موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وإلى أنه لا يجب أن يتحمّل دياب مسؤولية الأزمات المتراكمة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، في حين أن هناك أحزابًا ليست موجودة اليوم في الحكومة، لكنها شاركت على مدى 15 سنة وهي مسؤولة أيضاً عما يحصل اليوم، داعيا هذه الأحزاب إلى المشاركة في القرار بدل الجلوس خارجًا والمزايدة، واضعاً الاتهامات التي تحمّله مسؤولية الأزمات في خانة "الخطاب الأميركي الإسرائيلي".
وقال نصر الله إن الدعم سيرفع تلقائياً وواقعياً في حال لم تتخذ الحكومة الحالية القرار، مشيرًا إلى أنه لا أحد يعرف متى تشكل الحكومة الجديدة، لافتا إلى أن حاكم مصرف لبنان سيصل إلى مرحلة يقول فيها إن لا مال للدعم، وهو ما سيعني ارتفاع الأسعار والدخول في مرحلة معاناة جديدة، داعياً مجلس النواب إلى إقرار البطاقة التمويلية التي تستفيد منها 750 ألف عائلة بأسرع وقتٍ ممكن.
وفي الملف الحكومي أيضاً، شدد "تكتل لبنان القوي" النيابي، خلال اجتماعه الدوري برئاسة باسيل، على ضرورة أن "يحسم الحريري قراره بالتأليف أو عدمه"، مشيرًا إلى أن على جميع المعنيين تحمل مسؤولياتهم لناحية إظهار الحقائق دفعاً للتأليف، كما قال.
ولا يزال التخبّط سيّد الموقف في أوساط "تيار المستقبل"، الذي يشيع أحياناً نية اعتذار الحريري واحتمال استقالة تكتله النيابي من البرلمان، وتارةً أخرى يؤكد أنه لن يتخذ هذه الخطوة إلا في حال قابلتها استقالة الرئيس عون، مع العلم أن اسم السفير نواف سلام عاد ليُطرح بديلاً جدياً للحريري، إذ كانت له إطلالة تلفزيونية أمس الاثنين، وضعت في إطار تعبيد الطريق لوصوله إلى رئاسة الحكومة.
على صعيد آخر، نأى نصر الله بنفسه وحزبه عن مسؤولية انقطاع الأدوية والوقود والشحّ في الكثير من السلع والمواد الغذائية، في ظل اتهامات توجه له أو لمقرّبين منه بعمليات التهريب، ولا سميا المواد المدعومة، إلى سورية، متهمًا "المحتكرين" بتخزين البضائع في المستودعات بغطاء قوى سياسية ومرجعيات دينية، وربما جهات من الدولة، كما يقول.
ودعا نصر الله الأجهزة الأمنية والوزارات المعنية إلى إعلان الحرب على المحتكرين، عارضاً تقديم 20 ألف متطوع لدعم الدولة في مواجهة الاحتكار.
وبذلك، رسم أمين عام حزب الله مشهدية الأزمة لينتقل إلى اعتبار معالجة أزمة البنزين، على سبيل المثال، أمر ممكن، وذلك عبر النفط الإيراني الذي ربط نقله باتخاذ قرار سياسي"جريء".
وقال نصر الله إن العرض الإيراني لإرسال المحروقات إلى لبنان وبالعملة اللبنانية ما زال قائماً، مشيرًا إلى أن الحزب سيفاوض الحكومة الإيرانية وسيشتري بواخر محروقات منها لإدخالها إلى الشعب اللبناني عبر مرفأ بيروت، عندما ييأس من تحمل الحكومة مسؤولياتها.

المساهمون