نشطاء ليبيون يطلقون حراكاً لدعم المسار الانتخابي في البلاد

نشطاء ليبيون يطلقون حراكا لدعم المسار الانتخابي في البلاد وغموض يكتنف مصير اللجنة القانونية

20 مارس 2021
قد يدفع الضغط الشعبي المجتمع الدولي للتعامل بجدية مع استحقاق الانتخابات (Getty)
+ الخط -

أطلق عدد من النشطاء الليبيين حراكاً لدعم المسار الانتخابي في البلاد، بعد تخوفات من عرقلة المسار الدستوري الذي انبثق عن ملتقى الحوار السياسي، للتوافق حول وثيقة دستورية للانتخابات المقرر عقدها نهاية العام الجاري.

وطالب النشطاء، في بيانهم التأسيسي الذي حمل اسم "البيان رقم 1"، بضرورة تضمين خريطة الطريق المنبثقة عن الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري، وبخاصة البنود المتعلقة بموعد الانتخابات الوطنية في ديسمبر/كانون الأول المقبل، مؤكدين أنهم مجموعة من الليبيين والليبيات من كل التوجهات والمدن والمناطق.

وأشار البيان إلى أن طلب تضمين خريطة الطريق في الإعلان الدستوري يضمن تأكيد إطلاق الانتخابات في موعدها، "وعدم الالتفاف عليه أو المماطلة والتسويف"، على حد وصف البيان.

وذكر البيان أن إطلاق الحراك يأتي لتوعية الشارع الليبي بأهمية المسار الديمقراطي، "وخلق وعي شعبي عام للمشاركة الفاعلة في الانتخابات، وممارسة المواطن حقه المشروع في من يحكمه"، بحسب البيان.

وتحدد خريطة الطريق التي أقرها أعضاء ملتقى الحوار السياسي، خلال اللقاءات في تونس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يوم 24 من ديسمبر/كانون الأول المقبل موعداً لإطلاق انتخابات برلمانية ورئاسية تنهي فترات الانتقال السياسي، وتفضي بالبلاد إلى المرحلة الدائمة.

غموض يكتنف مصير اللجنة القانونية

وكانت خريطة الطريق قد نصّت على تكليف "لجنة قانونية" مؤلفة من أعضاء من ملتقى الحوار السياسي وأعضاء من مجلسي الدولة والنواب للاتفاق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات، وتم منحها مدة زمنية مقدارها 60 يوماً لإنجاز مهامها.
وبدأت اللجنة أعمالها يوم 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وآخر اجتماع لها كان منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، حيث أعلن أعضاء اللجنة تقديمهم مقترحاً بشأن القاعدة الدستورية لفريق البعثة الأممية. الأمر الذي أكدته البعثة حينها، دون أن تحدد رأيها بشأن المقترح.

وبهذا الخصوص أعربت عضو ملتقى الحوار السياسي سلوى الدغيلي، عن استغرابها توقف عمل اللجنة القانونية بعد أن "أوشكت على إنهاء مهمتها"، وقالت في تصريح صحافي أمس الجمعة، إن "جلسات اللجنة توقفت لسبب غير مفهوم، ولم يتم الحصول على أي سبب مقنع أو تبرير من موظفي البعثة المنخرطين مع اللجنة بشأن إتمام الأساس الدستوري والقانوني الذي يبرر هذا الانقطاع".
في حين قالت آمال بوقعيقيص، عضو ملتقى الحوار السياسي، في تدوينة على حسابها على "فيسبوك"، إنه "سيصدر عن اللجنة بيان تخلي فيه مسؤوليتها عن هذا الوقف المتعمد خلال الأيام القليلة القادمة"، وذكرت أن التوقف جاء "بناء على إرادة أممية وليس بسبب التقصير".

وجاء حديث العضوتين تعليقاً على تصريح لرئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السايح، بشأن "غموض" في المسار الانتخابي، بعد توقف عمل اللجنة القانونية.

وذكر السايح، في تصريح أن مشاورات البعثة الأممية مع اللجنة القانونية "شبه متوقفة"، لافتاً إلى أنه ثمة غموض من جانب البعثة الأممية، "ومواقف بعض الأطراف السياسية تجاه إجراء الانتخابات". مؤكداً إخلاء المفوضية العليا كامل مسؤوليتها عن أي تأخير لـ"إنجاز هذا الاستحقاق في موعده المحدد"، ومشدداً على ضرورة عمل حكومة الوحدة الوطنية على خطة تنفيذية للعملية الانتخابية.

"اللجنة القانونية"... أداة للحل أم لترسيخ الأزمة؟

وعلى هذا الصعيد، يرى الخبير القانوني الليبي عز الدين الصديق أن الغموض الذي يكتنف المسار الانتخابي هو "نتيجة طبيعية"، لأن أساس المشكلة هو تشكيل "اللجنة القانونية" من أعضاء ملتقى الحوار السياسي بشكل عشوائي، وبعيداً عن الخبرة القانونية، إلى جانب تضمينها خبراء غير ليبيين لا يتوفرون على دراية بالفوضى القانونية التي يعيشها مجلس النواب.
ويتهم الصديق البعثة الأممية بخلط الأوراق من خلال خلق جسم دون أي سند قانوني ولا تشريعي، هو ملتقى الحوار السياسي، حيث تم منحه صلاحيات قد تتصادم مع صلاحيات مجلس النواب، "خصوصاً في مسألة التوافق على قانون انتخابات". ويرى الصديق أن "اللجنة القانونية" لن تصل في ظل الأوضاع الحالية إلى قانون انتخابات، "والنتيجة إطالة عمر الفترة الانتقالية وعدم إجراء الانتخابات في موعدها المقرر".

أما البديل، فيرى الصديق أنه قد يتمثل في إقرار قانون انتخابي مؤقت، ولكن ذلك قد يعني "دخول البلاد للمرحلة الدائمة على أسس غير ثابتة، ودون دستور دائم"، مؤكداً أن توقف عمل اللجنة القانونية جاء بعد "إدراك البعثة الأممية للخطأ الكبير بتحديد عمر الفترة الانتقالية، بما لا يستوعب الاستحقاقين، سواء الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات... ولذلك فهي عاجزة عن بيان أسباب توقف عملها مع اللجنة القانونية".

كما يرى الصديق ضرورة تشكيل فريق خبراء قانوني ليبي، لحل المختنقات القانونية التي تعترض المسار الانتخابي، ولملاءمة مخرجات ملتقى الحوار السياسي.

بدورها، ترى الباحثة الليبية في الشأن السياسي هنية فحيمة، أن التخبّط القانوني الذي يعيشه المسار الانتخابي قد يعطي الذريعة للشخصيات السياسية المتنفذة في المشهد الليبي لعرقلة تضمين خريطة الطريق في الإعلان الدستوري، خاصة أن نصف أعضاء اللجنة القانونية هم من أعضاء مجلسي الدولة والنواب، وكلاهما يرفض مغادرة المشهد السياسي، ويسعى  لفرض خياراته الخاصة بمصالح الأطراف السياسية القديمة التي كانت سبباً في الصراع.

وتؤكد فحيمة وجود رغبة دولية بتسوية الأزمة الليبية؛ غير أنها تشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن عدم تبلور رؤية دولية موحدة لا يزال يلقي بظلاله على العملية السياسية ودعمها، حيث "لا تزال الخلافات قائمة بين أقطاب الصراع الدولي والإقليمي بخصوص الملف الليبي... ودون حلحلة هذه الخلافات ستبقى العراقيل مستمرة في طريق التوافقات الليبية".

وبشأن تعهّد السلطة الجديدة بالالتزام بالمواعيد المحددة للانتخابات وتوفير الإمكانيات لها؛ تلفت الباحثة السياسية إلى أن التوافق على القواعد الدستورية الخاصة بالانتخابات ليس من شأن السلطة الجديدة، بل من شأن ملتقى الحوار السياسي الذي شكلته الأمم المتحدة، وهي المسؤولة عن مخرجاته.
ولذلك تؤكد فحيمة أن الحراك الشعبي من جانب الليبيين سيشكل أكبر ضغط على المجتمع الدولي والأمم المتحدة من أجل الإسراع في إعادة النظر في استحقاق الانتخابات، وبهذا الخصوص، تقول: "أتوقع تحركاً قريباً من البعثة الأممية ودعوة اللجنة القانونية مجدداً للاجتماع".

المساهمون