مواقف من إعلان تونس عدم انضمامها لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل

مواقف من إعلان تونس عدم انضمامها لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل

11 يناير 2024
تظاهرات تونسية لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر دعما للشعب الفلسطيني (العربي الجديد)
+ الخط -

أثار موقف الدبلوماسية الرسمية في تونس بعدم مساندة أي دعوى ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، لا سيما التي أقامتها جنوب أفريقيا، جدلا في البلاد، بين من اعتبرها تناقضا ومبررا لتفادي الخوض في هذا الملف، وبين مناصرين لهذا القرار باعتباره منسجما مع مواقف الرئيس قيس سعيد من القضية الفلسطينية.

وأعلنت وزارة الخارجية التونسية، أمس الأربعاء في بيان، أنّ "تونس لن تنضمّ لأي دعوى تقدم ضد الكيان المحتل أمام محكمة العدل الدولية، لما في ذلك من اعتراف ضمني بهذا الكيان"، على حد تعبيرها.

واستدركت بالقول إن "تونس لا يمكنها تقديم أي تنازل عن موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، وتبقى منفتحة وداعمة للمبادرات والدعاوى والإعلانات التي لا يتم فيها تأريخ القضية ابتداء من السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أو المساواة بين الضحية والجلاد أو إدانة المقاومة"، حسب ما جاء في نص البيان.

وذكرت وزارة الخارجية التونسية أنّه "تم بتاريخ 14 ديسمبر/ كانون الأول 2023 تقديم طلب تسجيل تونس على قائمة الدول التي ستتولى تقديم مرافعات شفاهية أمام محكمة العدل الدولية، وذلك في إطار الرأي الاستشاري التي طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة استصداره من المحكمة حول الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك الكيان المحتل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلاله طويل الأمد للأراضي الفلسطينية المحتلة واستيطانه وضمه لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها، وكذلك حول تأثير سياسات الكيان الصهيوني وممارساته على الوضع القانوني للاحتلال".

وأكد عضو تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، ومنسق الحملة التونسية للمقاطعة ومناهضة التطبيع، غسان بن خليفة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الموقف الدبلوماسي الرسمي التونسي غير منطقي وغريب ومستهجن، فلو كانت الدولة التونسية أصدرت قانونا يجرم كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ربما كان الموقف التونسي سيكون مفهوما، أما أن يكون وزراء من السلطة الحالية حاضرين في اجتماعات رسمية بحضور وزراء من الكيان في اجتماع حلف الناتو واجتماعات الأورومتوسيطة، وحضور رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن في قمة شرم الشيخ في اجتماع رسمي مع رئيس الكيان المحتل، وهناك اتفاقيات دولية موقعة عليها تونس تتضمن توقيع دولة الاحتلال، ففي كل هذا اعتراف ضمني بالاحتلال"، مشيرا إلى أن "هناك للأسف من يحضر إلى تونس وإلى مدينة الغريبة (زيارة دينية يهودية) بجواز سفر إسرائيلي، وهناك تطبيع اقتصادي وتجاري..". 

وشدد بن خليفة على أن "هناك تناقضا في الموقف الرسمي، وبالنسبة لنا في الحملة الوطنية رفعنا شعارا واضحا مفاده: "جرموا التطبيع إن كنتم صادقين"". وقال إن "الموقف الدبلوماسي التونسي ضعيف وهزيل، ومن الواضح أن هذا البيان للتبرير وللتغطية على مطالب تجريم التطبيع".

واعتبر المحلل والجامعي أحمد الغيلوفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "العالم قد تعوّد على هروب قيس سعيد من مواجهة إسرائيل وحلفائها بالاستناد إلى هرطقات فكرية وسفسطة قانونية"، مضيفا: "رأينا ذلك في هروبه من قانون تجريم التطبيع، ونرى ذلك اليوم". 

وتابع الغيلوفي: "إذا كان قيس سعيد لا يعترف باسرائيل فليُجرّم التعامل معها بوصفها كيانا غير شرعي، وليشارك في إثبات جريمة الإبادة على هذا الكيان، فذلك أكثر دلالة على أنه كيان غير شرعي ولا يرتقي إلى دولة، على اعتبار أن الدول خاضعة لمنظومة من القوانين الدولية والإنسانية".  

وأضاف: "الغريب أن وزارة الخارجية التونسية تدعو أحيانا إلى حل القضية الفلسطينية، تارة وفق المبادرة العربية، وطورا وفق حدود 67، وكلها تتأسس على الاعتراف بدولة إسرائيل. لهذا وغيره لا يمكن وضع هذا الموقف إلا في خانة المهاترات الكلامية لتغطية الخوف من مواجهة الواقع السياسي والتّنصل من مواقف شعبوية سابقة"، حسب تعبيره.

في المقابل، أكد الدبلوماسي السابق، عبد الله العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الموقف الدبلوماسي الرسمي التونسي منسجم مع المواقف السابقة ومنطقي باعتبار أن هذه الهيئة ليس لديها أي صبغة إلزامية، وهي هيئة أدبية دورها الضغط، وقراراتها لم تطبق تاريخيا إلا على دول العالم الثالث، مثل عمر البشير وسلوبودان ميلوشيفيتش..."، مستبعدا أن تتم "إدانة نتنياهو أو أي إمكانية سيلتزم بتنفيذها".

وأشار إلى أن "موقف تونس منسجم مع تحفظها على قرارات الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخيرة، فالقرار التونسي منطقي، نظرا لعدم الجدوى من هذه الدعوى"، وفق تعبيره.

ونظم نشطاء وقفة دعم أمام سفارة جنوب أفريقيا، اليوم الخميس، تزامنا مع عقد محكمة العدل الدولية لجلسات الاستماع العلنية، رافعين شعارات منددة بجرائم دولة الاحتلال، ومطالبين السلطات في تونس بإصدار قانون يجرم جميع أشكال التطبيع.

 

وفي السياق، حيّت حركة النهضة مبادرة حكومة جنوب أفريقيا باللجوء إلى محكمة العدل الدولية من أجل محاكمة الاحتلال الإسرائيلي لما يرتكبه من جرائم إبادة جماعية في حق الشعب الفلسطيني، مجددة إدانتها "العدوان الصهيوني الوحشي المستمرّ على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية منذ أكثر من ثلاثة أشهر".