مصر وإسرائيل: طلبات أمنية حدودية وشروط متبادلة

مصر وإسرائيل: طلبات أمنية حدودية وشروط متبادلة

26 يوليو 2023
يطالب الاحتلال بزيادة عديد جنوده على الحدود (مناحيم كهانا/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن حادث إطلاق النار الذي نفذه مجند مصري عند الحدود المشتركة بين شمال سيناء والأراضي المحتلة في النقب، مطلع يونيو/حزيران الماضي، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، لا يزال يلقي بظلاله على العلاقة بين مصر والحكومة الإسرائيلية، التي ما زالت تحاول استغلال الحادث للحصول على مزيد من المكاسب في ملفات أخرى، مع ملف تأمين الحدود، "وهو ما انعكس على ملف التعاون بين الجانبين في مجال الطاقة"، بحسب ما أكدته مصادر لـ"العربي الجديد".

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن "العلاقة بين الطرفين، ربما ليست في أفضل حالاتها، في ظل رفض القاهرة أخيراً، مجموعة من المطالب الإسرائيلية، خلال اجتماعين مشتركين الشهر الحالي، ناقشا نتائج التحقيقات التي أجرتها مصر، وقضايا أخرى مشتركة، كان من بينها التنسيق المصري الإسرائيلي بشأن الأوضاع في قطاع غزة، وتفعيل الاتفاق الخاص بالتشغيل المشترك لحقل غاز (غزة مارين) الذي يبعد نحو 30 ميلاً عن سواحل قطاع غزة، ومطلب مصري بزيادة كميات الغاز المشتراة من إسرائيل".

تلبية مصر لبعض مطالب الاحتلال

وأوضح مصدر مصري مطلع على ملف العلاقات بين مصر وحكومة الاحتلال أن "الدوائر العسكرية الأمنية في حكومة الاحتلال، قدّمت في أعقاب حادث إطلاق النار الحدود المشتركة، مجموعة من المطالب، لبّت القاهرة بعضاً منها، فيما تمسكت بصعوبة تحقيق باقي المطالب التي رأت فيها مساساً بالسيادة المصرية الخالصة، وكذا حالة الاستقرار التي تم التوصل لها في شمال سيناء، بعد سنوات من مواجهة الإرهاب".

مصدر: رفضت مصر مراجعة أسماء الجنود الذين يتم توزيعهم على الشريط الحدودي عبر لجنة مشتركة

وكشف المصدر أن "من بين المطالب التي لبّتها القاهرة، إدخال تعديلات على إجراءات اختيار الجنود الذين يتولون الخدمة على الشريط الحدودي، بحيث يكونون من حملة المؤهلات العليا، وليسوا من حملة المؤهلات المتوسطة، أو من غير المتعلمين، باعتبار أن الأخيرين، أكثر عرضة للتأثير من جانب التيارات المتشددة".

أما على صعيد الطلبات التي رفضت القاهرة تنفيذها، فقد جاء في مقدمتها، بحسب مصدر مصري خاص تحدث لـ"العربي الجديد"، "رفض مصر مراجعة أسماء الجنود الذين يتم توزيعهم على الشريط الحدودي عبر لجنة عسكرية مشتركة من الجانبين".

وأوضح المصدر أن "من بين الطلبات التي رفضتها القاهرة بشكل قاطع، طلب المسؤولين الإسرائيليين، خلال لقاء جمع بين وفد عسكري رفيع المستوى ومسؤولين عسكريين وأمنيين مصريين مطلع الشهر الحالي، بشأن تخفيض أعداد الجنود المصريين على الشريط الحدودي، على أن تقوم تل أبيب بزيادة الأعداد من جانبها من جهة، وزيادة الاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة في عمليات التأمين والمراقبة".

وأضاف: "أرجع المسؤولون المصريون رفض ذلك المطلب، كونه سيسمح للعناصر الإرهابية، والقائمين على عمليات التهريب، بالتحرك بقدر أكبر من الحرية".

رفض تركيب كاميرات مراقبة إسرائيلية

وقال المصدر إن "المطلب الثالث الذي تم رفضه من الجانب المصري، كان تركيب كاميرات مراقبة في بعض المناطق عند الشريط الحدودي، والذي رأت فيه القاهرة مساساً بأمنها القومي".

وأوضح المصدر أن القاهرة "ترفض بالأساس فكرة تركيب كاميرات مراقبة في المنطقة (ج) حسب تصنيف اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر وحكومة الاحتلال 1979".

وأضاف أن الإدارة المصرية "لا تزال تتعامل مع هذه الملفات بحساسية شديدة، حيث تسعى لاتباع سياسة متوازنة، حتى لا تغضب المؤسسة العسكرية، التي شهدت حالة من عدم الرضا بين بعض قادتها وضباطها العاملين في سيناء، في أعقاب حادث إطلاق النار، نتيجة الطريقة التي تم التعامل بها مع جنازة المجند وعزائه".

ولفت المصدر إلى أن الجانب الإسرائيلي "أبدى استياءه خلال لقاءين، أحدهما شارك فيه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، في الأول من يوليو/تموز الحالي، معتبراً أن سماح تل أبيب في السابق بمخالفة بنود اتفاقية كامب ديفيد، وزيادة أعداد القوات المصرية في سيناء، وكذلك إدخال أسلحة ثقيلة، غير منصوص عليها في الاتفاقية، بعد طلب مصري لتسهيل عملية مواجهة الإرهاب في سيناء، كان ينبغي معه أن توافق مصر بالتبعية على المطالب الإسرائيلية".

وكشف المصدر أنه "في مقابل ذلك علقت حكومة الاحتلال، الرد على مطلب للقاهرة، بزيادة كميات الغاز التي تشتريها من تل أبيب، لمواجهة زيادة الاحتياجات نتيجة فصل الصيف، وحاجة محطات الكهرباء".

ولفت إلى أن المسؤولين في مصر "تقدموا بالمطلب لحكومة الاحتلال، الشهر الماضي، وتمت مناقشته في الاجتماع الذي مثل فيه هنغبي إسرائيل، وهو الاجتماع نفسه الذي تطرق لتشغيل حقل غاز (غزة مارين) بشراكة مصرية لصالح السلطة الفلسطينية، والتوجه الذي تدعمه أيضاً الإدارة الأميركية".

ملف الحدود أغلق تماماً

المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير حسن هريدي، قال لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن ملف حادث الحدود وتوابعه بين مصر وإسرائيل، قد أغلق تماماً، من الجانب المصري، ولا توجد فرصة لإعادة طرحه للنقاش بين الجانبين حوله، على الأقل في الوقت الراهن. وأظن أن محاولات الجانب الإسرائيلي لإعادة إحيائه لن تفيد، فمصر قد أغلقت هذا الملف حالياً".

حسن هريدي: ملف حادث الحدود وتوابعه أغلق تماماً من الجانب المصري

أما المساعد السابق لوزير الخارجية السفير رخا أحمد حسن، فقال لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن هناك خلافاً مصرياً إسرائيلياً حاداً بشأن ما تلى حادث إطلاق النار الذي نفذه مجند مصري عند الحدود المشتركة، ولا أتصّور أن هناك خلافاً بشأن ترتيبات أمنية مشتركة. فإذا ما كانت إسرائيل تريد وضع كاميرات مراقبة لمعرفة ما يدور داخل حدودها فهذا شأنها، طالما أنها لم تتجاوز تلك الحدود إلى داخل مصر، وطالما كانت إجراءاتها وفق ما هو متفق عليه سلفاً مع مصر. أما رغبتها في أكثر من ذلك فلا أظن أن مصر لديها انفتاح على تلك المقترحات، سواء موضوع الكاميرات أو غيرها من تغيير في سياسة أعداد الجنود على الحدود أو غير ذلك".

بدوره قال الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية شادي إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، إنه "فيما يتعلق بقضية إذا ما كانت إسرائيل دخلت في نقاشات بشأن زيادة أعداد جنودها في المنطقة الحدودية، وفي المقابل تخفيض أعداد الجنود المصريين في المنطقة الحدودية (ج)، فأتصور أن الأمر قد يكون صعباً عند الجانب المصري، فالمنطقة (ج) من المعروف وفقاً للاتفاقية بين البلدين، أن أعداد الجنود بها قليل، ولديهم تسليح خفيف، وبالتالي قد يكون من الصعب التفاوض بشأن ذلك".

وأضاف: "صحيح أن مصر رفعت من قبل عدد جنودها بعد موافقة إسرائيلية، لكن ذلك كان في مناطق أخرى في عمق سيناء، وليس على الخط الحدودي بين البلدين. لكن قد يكون لدى إسرائيل رغبة في زيادة أعداد جنودها داخل حدودها، وهو أمر يمكن أن تدخل مصر في نقاش بشأنه، وأظنه قابلا للتحقق لكنه مرهون بمكاسب مصر ليس في ملفات أمنية ولكن في ملفات أخرى مثل ملف الغاز".