مصادر لـ"العربي الجديد": مفاوضات فيينا في مأزق وثمة محاولات لإنقاذها

مصادر لـ"العربي الجديد": مفاوضات فيينا دخلت "مأزقاً" وثمة محاولات لإنقاذها

03 يوليو 2021
الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير بنود بالاتفاق النووي (الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر إيرانية مطلعة لـ"العربي الجديد" أن مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة "تواجه انسداداً"، عازية ذلك إلى رفض واشنطن التجاوب مع مطالب طهران "بالكامل" حول مسألة رفع جميع العقوبات ومنحها فرصة التحقق من ذلك، ومحاولاتها الرامية لربط مصير الاتفاق بموافقة إيران على استمرار المفاوضات لاحقاً حول السياسات الإقليمية والبرنامج الصاروخي. 

وأضافت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، أن الجانب الأميركي يرفض تلبية الموقف الإيراني بإلغاء "جميع العقوبات" التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018، على الرغم من موافقته في المفاوضات على رفع العقوبات الاقتصادية غير المنسجمة مع الاتفاق النووي. 

وتابعت "عمليا، لا يريد الجانب الأميركي رفع العقوبات مرة واحدة، بل رفع جزء منها في بادئ الأمر، مقابل تنفيذ إيران التزاماتها النووية، كما أن الجانب الأميركي لم يوافق على المطلب الإيراني حول فرصة زمنية مطلوبة للتحقق من رفع العقوبات على أرض الواقع قبل العودة إلى تنفيذ التعهدات".

إلى ذلك، أكدت المصادر أن "واشنطن تمارس تلاعباً ما في موضوع رفع العقوبات الاقتصادية أيضا، وتربط بشكل أو آخر مصيرها وبقية العقوبات وإلغائها كليا ونهائيا بالحصول على موافقة الجانب الإيراني على التفاوض لاحقا حول السياسات الإقليمية والصاروخية والاتفاق حول جميع الملفات العالقة، ما يعني أنها تتعامل وفق معادلة الكل مقابل الكل"، كاشفة أن "الجمهورية الإسلامية أبلغت الأطراف أنها لن تسمح أن تسلك مباحثات فيينا هذا المسار وإذا أصرت عليه واشنطن فإنها ستنسحب منها".

وأوضحت أن الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير بنود بالاتفاق النووي، مشيرة في السياق إلى رفضها إلغاء المرسوم الرئاسي الأميركي حول تمديد الحظر التسليحي على إيران، الذي ينص القرار الـ2231 المكمل للاتفاق النووي على إنهائه اعتبارا من 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020، لافتة إلى أنها رفضت أيضاً تقديم "أية ضمانات لعدم إعادة فرض العقوبات مستقبلا".

وبيّنت المصادر الإيرانية أن طهران "لم تطالب بإنهاء إجراءات الحظر ضد أشخاص وكيانات محددة بعينها، بل برفع جميعها من دون استثناء"، لكنها كشفت عن رفض واشنطن رفع كل هذه العقوبات "وأرسلت عبر الوسطاء رسالة أنها مستعدة لتعليق العقوبات عن مؤسسة القيادة والقائد". 

وأضافت أن "الجمهورية الإسلامية ترى أن هذه العقوبات رمزية على الرغم من أنها اعتبارية أيضاً، ولكنها ما دامت لم ترفع كلها، فذلك يعني أن هيكليتها ستبقى قائمة، والمرفوعة منها أيضا يمكن أن تفرض لاحقا في ظل عدم وجود ضمانات". 

 مصير الجولة السابعة 

وعن الجولة السابعة لمفاوضات فيينا، قالت المصادر إن "الجولة الجديدة تواجه حالة غموض، وليس واضحاً بعد، متى ستنطلق وهل ستنطلق بالفعل أم لا؟" لكنها لم تستبعد أن تستأنف نهاية هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل. 

وأشارت إلى جهود تبذلها أطراف الاتفاق النووي ومفوضية السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي لـ"إنقاذ الموقف وتذليل العقبات عبر التواصل المكثف مع الأطراف المعنية وإطلاق الجولة الجديدة من المباحثات في أقرب وقت ممكن تزامنا مع ذكرى التوقيع على الاتفاق النووي" في 14 يوليو/تموز 2015. 

 وأوضحت المصادر أن "الجولات السابقة تناولت كل شيء خلافي، لكن لم يحصل اتفاق إلا على بعض القضايا، وإيران تنتظر اختراقا مهما في الموقف الأميركي تجاه الخلافات الأساسية المتبقية للوصول إلى الاتفاق". 

وإلى جانب "التصلب الأميركي"، بحسب هذه المصادر، فإن ما أخّر أيضاً الجولة الجديدة هو التطورات السياسية في إيران، بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وفوز المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي فيها، كاشفة عن أنها طالبت بالتريث أكثر قبل بدء الجولة الجديدة.  

وفي السياق ذاته، أشارت المصادر لـ"العربي الجديد" إلى إشراك أفراد من فريق الرئيس الإيراني الجديد في اللجنة المشكلة لمتابعة مفاوضات فيينا وبحث مخرجاتها "المتمثلة في نص أحضره الوفد الإيراني من فيينا"، قائلا إنه "يتضمن خلاصة ما توصلت إليه المفاوضات". 

وتشكلت هذه اللجنة في مجلس الأمن القومي الإيراني، أخيرا، ويصل عدد أعضائها إلى سبعة، من مندوبين من البرلمان الإيراني الذي يسيطر عليه المحافظون، ومندوبين من الحكومة الحالية المنتهية ولايتها يوم 3 أغسطس/آب المقبل، ومندوبين من فريق رئيسي، فضلاً عن أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، الأميرال علي شمخاني.  

ومن المقرر أن تقرر اللجنة بشأن مفاوضات فيينا ومخرجاتها، بشأن استمرارها من عدمها، حسب هذه المصادر لـ"العربي الجديد"، التي كشفت عن أن فريق الرئيس الإيراني الجديد "يعمل على أساس فرضية أن العقوبات لن ترفع وينكب على وضع خطة اقتصادية وسياسية لإحباط مفاعيلها".  

وعن ملامح الخطة، أضافت أن "الحكومة الإيرانية المقبلة تعمل على إعداد برنامج لتعزيز العلاقات مع الدول الجارة والشرق، والصين وروسيا وإندونيسيا، في سياق توجهها لإحباط مفاعيل العقوبات الأميركية"، متوقعة أنها "ستتعامل بطريقة مختلفة في المفاوضات وستزيد من وتيرة تطوير البرنامج والخطوات النووية الإيرانية للضغط على الجانبين الأميركي والأوروبي". 

تقارير دولية
التحديثات الحية

الاتفاق المؤقت 

وعن مصير الاتفاق المؤقت بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي انتهت مدته يوم 24 من الشهر الماضي، قالت المصادر إن "إيران في ضوء استمرار العقوبات لا ترى مبرراً في منح الوكالة صلاحيات تفتيش أكبر من التعهدات الإيرانية بموجب اتفاق الضمانات" المنبثق من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

وأوضحت المصادر أن "طهران تتبع نهجا غامضا مقصودا حول مصير هذا الاتفاق"، مؤكدة أنها "ترهن تزويد الوكالة الدولية بالبيانات التي سجلتها الكاميرات بوقف العقوبات"، مع استبعادها تمديد الاتفاق في هذه الظروف "ما لم تحصل انفراجة كبيرة في إلغاء العقوبات".

وكانت طهران قد وقّعت على اتفاق مؤقت لمدة ثلاثة أشهر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أثناء زيارة غروسي إلى طهران يوم 21 فبراير/ شباط الماضي، أي قبل يومين من انتهاء مهلة حددتها طهران لوقف تنفيذ البروتوكول المنصوص عليه في الاتفاق النووي لتشديد الرقابة على برنامجها النووي، بما فيها عمليات التفتيش المفاجئة، في 23 من الشهر نفسه. 

الاتفاق المؤقت منح إمكانية مواصلة الكاميرات الموضوعة في المنشآت الإيرانية عملها من خلال تسجيل الأنشطة النووية بعد تعليق البروتوكول الإضافي، لكنها ربطت تسليم محتوياتها إلى الوكالة الدولية برفع العقوبات، وهو أمر لم يحصل. 

وبعد انتهاء مدة الاتفاق في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، أعلنت إيران أن الكاميرات ستواصل مهامها لمدة شهر إضافي، لتسجيل الأنشطة النووية بغرض منح الفرصة لمفاوضات فيينا لإنجاحها. وانتهت المهلة الخميس، من دون الإعلان عن تمديد النشاط. 

موقف روسيا والصين 

وعزت المصادر سبب التفاؤل الذي تبديه الصين وروسيا، وخاصة الأخيرة حول مباحثات فيينا إلى "إظهار تأييدهما المفاوضات لعدم الظهور بمظهر يعرّضهما لتساؤل بشأن إفشالها من قبل الولايات المتحدة".

 وأشارت إلى أن "الصينيين والروس أيضا لم يعودوا متفائلين بإحياء الاتفاق النووي بالكامل والوصول إلى اتفاق في فيينا، إلا إذا حصلت مفاجآت واختراقات كبيرة خلال الفترة القليلة المقبلة". 

وفي السياق، أشارت المصادر إلى أن التسريبات التي نُشرت خلال إبريل/نيسان الماضي من مقابلة سرية لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، "لها دور ما في تبنّي هذا الموقف من قبل روسيا".  

وتحدث ظريف في هذه المقابلة التي لم يكن مقرراً نشرها، بل أجريت لأرشيف الدولة، عن دور روسي "تخريبي" في المباحثات النووية التي توّجت بالاتفاق النووي عام 2015، واتهمها بالسعي إلى إفشال هذه المباحثات.

 وتطرق إلى دور قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني في السياسة الخارجية الإيرانية، وقضية مهاجمة السفارة السعودية في طهران عام 2016، والهجمات الإسرائيلية في سورية ضد مواقع إيرانية، فضلاً عن قضية إسقاط الطائرة الأوكرانية المدنية بالقرب من العاصمة طهران مطلع عام 2020.

المساهمون