مسلحو الكردستاني يكثفون خطف القاصرين بغرض التجنيد شمالي العراق

مسلحو الكردستاني يكثفون خطف القاصرين للتجنيد شمالي العراق

28 فبراير 2024
تحذير من مغبة استمرار تمدد مسلحي الحزب في مناطق وقرى شمالي العراق (Getty)
+ الخط -

قالت مصادر عراقية كردية في محافظة دهوك، شمالي البلاد، اليوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ 7 مراهقين، بينهم 3 فتيات، تم تسجيل اختطافهم على يد مسلحين يرتبطون بحزب العمال الكردستاني في مدن سنجار والعمادية وزاخو، خلال الشهرين الماضيين، بهدف تجنيدهم في صفوف الحزب.

وحذر خبير أمني من مغبة استمرار تمدد مسلحي الحزب في مناطق وقرى شمالي العراق بعد تراجعهم في مناطق نفذوهم إثر عمليات الجيش التركي التي دمرت مقرات ومواقع للحزب في قنديل وحفتانين وسيدكان وسوران، القريبة من الحدود مع تركيا. 

يأتي ذلك بالتزامن مع تقارير إعلامية كردية في أربيل أكدت استمرار مسلحي حزب العمال الكردستاني بعمليات خطف قاصرين وقاصرات بأعمار بين 12 و16 عاماً، في مناطق شرقي سورية وشمالي العراق، بغرض تجنيدهم، مشددة على أن ما يُعرف بـ"الشبيبة الثورية"، وهي أحد أفرع حزب العمال المسؤولة عن عمليات التجنيد، تتورط في عمليات الاستدراج والخطف.

ونقل موقع إخباري كردي من أربيل، أول أمس الاثنين، أنّ مسلحي الحزب اختطفوا أخيراً فتاة قاصراً تدعى سعدية عزيز حسن، تبلغ من العمر 16 عاماً. ونقل الموقع عن والد الفتاة مناشدته استعادتها من الحزب، مفيداً بأن المعلومات المتوفرة تشير إلى نقلها إلى أحد مواقع الحزب في جبال قنديل. 

مسؤول في جهاز "الأسايش"، وهو الجهاز الأمني الداخلي في إقليم كردستان العراق، اتهم حزب العمال الكردستاني بـ"استدراج وخطف المراهقين في إقليم كردستان العراق".

وأكد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الحزب المُصنف على لائحة الإرهاب في تركيا ودول أوروبية وغربية عديدة، وينشط في مناطق عديدة من محافظات أربيل ودهوك والسليمانية فضلاً عن سنجار بمحافظة نينوى، شمالي العراق، "نفذ 7 عمليات خطف قاصرين، بينهم 3 فتيات، وجميعهم بأعمار بين 14 و16 عاماً، مستغلاً العامل المادي بالدرجة الأولى"، موضحاً أنّ الضحايا من أكراد سورية النازحين في الإقليم وقاصر كردي عراقي.

ويقول مسؤولون أمنيون في محافظة دهوك إنّ الحزب يمتلك معسكرات خاصة به لغرض التجنيد وإعداد المسلحين في جبال قنديل وسنجار العراقية وأخرى داخل مناطق سورية ويمنع اقتراب المدنيين منها. 

مصدر عسكري في قوات اللواء 80 في البشمركة الكردية بإقليم كردستان العراق، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "عمليات الخطف لم تتوقف منذ سنوات، ونرجح مقتل عدد من القاصرين خلال عمليات لحزب العمال تم زجهم بها رغماً عنهم، وغالبية الضحايا من مناطق عفرين وضواحيها، حيث تجري عمليات الخطف والتجنيد هناك، بينما هناك عدد أقل من مواطني إقليم كردستان العراق".

وأضاف أنّ "الخطف وزراعة الألغام في مناطق زراعية، تُضاف إلى إتاوات مالية حصّلها الحزب من المواطنين في مناطق نفوذه تحت مزاعم حمايتهم"، معتبراً أنّ قرار مسلحي حزب العمال الأخير بمنع دخول المواطنين أو اقترابهم من مواقعه "دليل على معرفته عدم ترحيب الناس به في مناطقهم، ويجب عليه أن يرحل عنها".

والأسبوع الماضي، أضرم رجل النار بنفسه في وسط بلدة ديريك في محافظة الحسكة السورية، احتجاجاً على خطف ابنه القاصر من قبل منظمة "الشبيبة" التابعة لحزب العمال والتي تنشط في العراق وسورية.

وتمكّن مسعفون من إخماد النار بجسد والد الطفل، الذي يدعى أحمد فرسنان (15 عاماً)، وقال والد الطفل إنّ المنظمة منعت ابنه من التواصل مع عائلته. 

آوات هونر، وهو عضو في مجلس بلدة زاخو التابعة لإقليم كردستان العراق، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "نحو 450 قرية حدودية باتت خالية بسبب أنشطة عسكرية لمسلحي حزب العمال الكردستاني منذ عام 2019".

وأضاف هونر أنّ مسلحي الحزب أقدموا في الأسبوع الماضي على تجريف مقبرة قديمة واتخاذها مقرا لهم، واصفاً حالات اختفاء الشبان والمراهقين بأنها "سبب مهم" يدفع السكان إلى مغادرة المناطق التي ينشط فيها حزب العمال الكردستاني في الإقليم وسنجار. 

ومنذ منتصف عام 2021، تستهدف العمليات العسكرية التركية البرية والجوية مقرات ومسلحي حزب العمال الكردستاني في الشمال العراقي، وتحديداً مناطق ضمن إقليم كردستان، وتقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا، حيث يتخذ الحزب منها منطلقاً لشن اعتداءات مسلحة في الداخل التركي.

وأدّت عمليات القوات التركية، خلال الفترة الماضية، إلى مقتل المئات من مسلحي حزب العمال، وتدمير مقرات ومخازن سلاح ضخمة تابعة للحزب، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية، كما ساهمت في انحسار واضح للمساحة التي كان الحزب ينتشر فيها على الحدود بين البلدين.  

وينتشر حزب العمال الكردستاني في مناطق متفرقة من إقليم كردستان العراق إلى جانب مناطق غرب نينوى، أبرزها سوران وسيدكان وقنديل وزاخو والزاب والعمادية وحفتانين، وكاني ماسي، إلى جانب مخمور وسنجار. 

وفي وقت سابق، أكد عضو لجنة الشؤون الداخلية في مجلس محافظة السليمانية بارزان حامد قيام الحزب بنصب سيطرات (نقاط تفتيش)، في مدينة شاربازير (شمال شرقي السليمانية)، وفرض إتاوات على السكان والمارة، موضحاً للصحافيين أنّ مسلحي الحزب يتجولون علناً في بعض مناطق السليمانية، الأمر الذي يتسبب بمخاطر فيها. 

الكردستاني يبحث عن ملاذ جغرافي جديد

الباحث بالشأن السياسي الكردي العراقي، والمقرب من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني سفين عقراوي، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ حزب العمال الكردستاني عام 2024 ليس كما كان قبل عام 2020. 

وأضاف عقراوي أنّ العمليات التركية، لا سيما الاستخبارية منها، أدت إلى تحييد قيادات بارزة بالحزب بالقتل أو الاعتقال وبعضها قيادات مؤثرة ميدانية، كما أن لجوء الحزب للبحث عن مناطق إيواء وتمركز جديدة في قرى مجاورة لمناطق وجوده يؤكد أنه يخسر على الأرض نفوذه خاصة في المناطق التي أعلنت أنقرة عن عمليات عسكرية برية فيها.

وحول تسجيل ارتفاع بعمليات خطف القاصرين، قال عقراوي إن "مكائن الإقناع والتجنيد لدى الحزب لم تعد ناجحة لجلب مزيد من المسلحين في صفوفه". 

وشهد الشهران الماضيان زيارات متبادلة بين مسؤولين عراقيين وأتراك في كل من بغداد وأنقرة، جرى خلالها بحث ملف العمال الكردستاني، والتهديدات الأمنية التي يشكلها على البلدين، حيث زار بغداد كل من رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالن، ووزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع الجنرال يشار غولر، بغداد، فيما زار مسؤولون عراقيون أنقرة لبحث الملفات نفسها، أبرزهم وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي.